الفجوة الحرِجَة بين فكر الكاتب ولغته

                                        

                         علاء الدين الأعرجي

              محام/ مفكر عراقي يقيم في نيويورك    

      

غالباً ما يشعر الكاتب، الحريص على تبليغ رسالته، بالتقصير لأن المعنى الدقيق الذي ينشده قد لا يصل إلى القارئ الكريم بجميع أبعاده.  

فالفكرة، لاسيما المعقدة او العميقة، قد يصعب أو  يتعذر على الكاتب أن يضع لها صيغة لغوية تعبر تماماً عن فحواها على النحو الذي تدور في ذهنه،  مهما بذل من جهد، ومهما كان متمكناً من لغته.

 يقول أبو حيان التوحيدي "ليس في قدرة اللغة، أنْ تمتلك كل المعاني".

ويقول الشاعر الفرنسي بول فاليري :"أجمل الأفكار هي تلك التي لا نستطيع التعبير عنها".

وقيل إن "الألفاظ قبور المعاني".

ويقول  الفيلسوف الفرنسي بيرغسون:"أعتقد أننا نملك أفكارا أكثر مما نملك أصواتا".

ويرى  شوقي أن لغة الكلام تتعطل في مواقف حرجة سامقة،  وتحل محلها لغة صامتة تسمو على كل لغة محكيَّة،  فيقول:

وتعطلتْ لغةُ الكلامِ وخاطبتْ ***** عينيّ في لغةِ الهوى عيناكِ

 وأعتقد أن سبب ذلك هو أن اللغة منتج ثقافيّ اجتماعيّ مُصطنع، بينما يمكن أن نقول إن الفكر منتجٌ طبيعيٌّ تلقائي ينبع من كون الأنسان مخلوقاً خلقه الباري عاقلاً؛

واللغة رموز ابتكرها الناس للتعبير عن أفكارهم. والفكر معنى مجردٍ ينبثق من "العقل الفاعل" خصوصاً؛

واللغة شيء مسموع أو مقروء في زمان ومكان معينين، والفكر يجيش في الأذهان، ويتجاوز الزمان والمكان.

والإنسان يفكر بعقله أولاً ثم ينطق بلسانه ثانياً.

 فكم من الأفكار تظل حبيسة في أّذهان أصحابها، إما لأن اللغة العادية لا تكاد تستوعبها، أو لأنهم غير قادرين على استخدام اللغة على نحو كاف.

واظن أن الكاتب الدقيق، يظل يشعر بالتقصير من حيث أداء المعنى القابع في أعماق عقله، مهما كان متمكناً من لغته. وهذا ما يعاني منه كاتب هذه السطور في الغالب.

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1386 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع