د. بشير عبد الواحد يوسف
الحچاية الخامسة:
وأيضاً شاهدت من غرائب عالم الحيوان وأثناء هجرة الحيوانات في أفريقيا في فصل الصيف عندما تشح الأمطار وتنحسر مياه البحيرات والمستنقعات والأنهار وتصاب بجفاف قاتل ويندر الكلأ والعشب والأحراش .....
تبدأ الحيوانات بهجرة عظيمة ...... مئات ألوف الحيوانات تتوجه بقطعان كبيرة تقطع مسافات طويلة ومساحات شاسعة تبحث عن الطعام والماء فتصدادها الحيوانات المفترسة الكاسرة والطيور الجارحة الكبيرة ...... فيعترض طريقها نهر عريض سريع الجريان فتبحث عن أضيق مكان وتزدحم لعبوره مضطرة ..... وهنا تكمن لها التماسيح الافريقية العملاقة فتفترسها أثناء العبور لانها تكون في الماء ضعيفة وبطيئة الحركة عليها ان تقاوم التيارات المائية الجارفة وان تتسلق حافة النهر العالية ..... وهنا فرصة مثالية للتماسيح لتعيث فساداً وتأكل الكثير منها بشراهة .....
والشيء الغريب الذي شاهدتهُ ان غزالاً جميلاً بريئاً تردد في العبور مع قطيعه ولكنهُ بعد ان شاهد ان قطيعه بدأ يتسلق الحافة الاخرى من النهر أقتحم الماء مسرعاً يريد الإلحاق بمجموعتهِ ..... وهو يصارع الأمواج لوحده تقدم لهُ تمساح كبير فاغراً فاه مكشراً عن أنيابهِ كأنها منشار قطع الأشجار الضخمة وتمكن من عضهِ في طرف ساقهِ الأيمن الخلفي ..... الغزال المسكين يجاهد للخلاص والتمساح يحاول الإمساك بهِ .... الغزال لم يستسلم مازال يحاول الإفلات فيسبح بكل ما أوتي بقوة انها مسألة حياة او موت ..... وهنا وفي هذه اللحضات الحرجة يتقدم فرس النهر لإنقاذ الغزال المسكين ويهدد التمساح بحجمهِ الهائل وبقرونه القوية. ويقف بينهُ وبين الغزال ...... يخاف منهُ التمساح فيترك الغزال ...... لكن الغزال أصيب بجرحٍ في ساقهًِ وباالإجهاد لا يستطيع مقاومة التيار الجارف ولا يقدر ةىتابتسلق حافة النهر ...... يساعدهُ فرس النهر ويحنو عليه ويدفعهُ بقرونهِ بهدوء وحنية نحو حافة النهر ويوصله الى اليابسة ...... الغزال اصبح في الضفة الثانية بفضل فرس النهر ومروءته ..... الغزال ينظر الى فرس النهر بكل حبّْ ومودة وعرفان بالجميل ويعزّْ عليه فراقه ولكن ما باليد حيلة عليه ان يلحق بالقطيع ..... الغزال يهز رأسه تحية لفرس النهر وهو يذرف الدموع مودعاً صديقهُ الذي انقذ حياتهُ بدافع الرأفة والرحمة ومقاومة الظلم انها والله أنسانية ورحمة حيوانية غريبة أحياناً لا تتوفر عند الانسان الذي يتبجح بالإنسانية وهو يقتل اخوه الانسان بالله وبالانسانية أنتقاماً ولإشباع غريزتهُ العدوانيه ويعلم علم اليقين انه لايستفاد شيئاً من قتلهِ الا لإشباع غله وأرضاء لنفسيتهُ المريضة ...... وهذا مانراه مع الأسف الشديد في وطننا العراق الحبيب .
ورحم الله شاعر العراق صفي الدين الحلي حين قال :
ما أبشعَ الانسان في أحكامهِ أن أنتَ تضربهُ شكى وتبرما
ويقتلُ حيواناً بريئاً وادعاً ولن يحس انهُ قد أَجرما
ولقدأرى الحيوان حيناً ظالماً لكن أًًرى الانسان منهُ أظلما
إِذ لاأرى الحيوان مالك حيلة عنهُ يردُ بها البلاء المبرما
953 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع