طارق الهاشمي
عندما تتوفر عناصر النجاح لابد أن يتحقق النجاح، رغم أن الأمور تقاس بمآلاتها وليس بمقدماتها، أقول ذلك لأنني أشعر بأننا اليوم أمام حالة مبشراتها لا تخطئها عين الراصد وهو ما يطبع الظرف الراهن، حيث يتولى الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم خلفا لأخيه المغفور له، بإذن الله تعالى، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وعندما يكون الزمن هو زمن العولمة وثورة الاتصالات والتكنولوجيا والإعلام والتفاعل مع الجماهير، فإن الحكم بحاجة إلى رجل حباه الله سبحانه بقدر وافر من الثقافة والدراية والعلم، ناهيك عن تراكم في الخبرة والتجربة والممارسة، إلى جانب أريحية تشجع الناس أبناء شعبه من الوصول إليه بسهولة ويسر ودون تكلف.
وإلى جانب السياسة هناك الكثير من أنشطة تعليمية وإغاثية وإنسانية تحمل اسم العاهل السعودي كدليل على اهتمامه الفريد بهذه الأنشطة.
هذه هي المزايا التي يتحلى بها خادم الحرمين الشريفين، وهي خلاصة ما قرأته عنه، وهي بالمناسبة عناصر هامة لنجاح الحكم في المملكة وهو ما أراه حاصلا، بإذن الله تعالى، رغم علمي وإدراكي بأن مواجهة التحديات الداخلية التي تواجه المملكة على اختلافها وتنوعها ليس بالأمر الهين، لكن قيادة عزومة وإرادة صلبة تعتمد المنهجية في إدارة الملفات من شأنها أن تذلل الصعاب.
ورغم أن شعب المملكة ينتظر إضافات هامة وسريعة على التقدم الذي تحقق عبر السنين في مجالات الحياة المختلفة، من صحة وتعليم وسكن وفرص عمل وحريات، فإن العرب ينتابهم قلق بالغ على حاضرهم ومستقبلهم بالنظر للمتغيرات السياسية الهائلة والتي حصلت خلال السنوات القليلة الماضية والتي كان لها وقع الزلزال وبات التعايش معها أو القبول بها مستحيلا، لأنها ببساطة أصبحت لا تطال المصالح فحسب، بل الهوية والعقيدة والدين والتاريخ، بل إن المملكة نفسها باتت محاطة بدول فاشلة انزلقت للفوضى والحرب الأهلية وهو ما يشكل مصدر تهديد وقلق لها، بل إن المؤشرات توحي فيما لو بقيت الحال كما هي عليه، بأن الأوضاع الإقليمية مرشحة لما هو أسوأ.
وهذا هو المشهد المنتظر في العراق، الذي يستدعي التفاتة خاصة وعاجلة كانت انطلقت، نخوة وكرما، في المنحة السخية للملك الراحل، طيب الله ثراه، والتي لابد أن يكون للعاهل السعودي الملك سلمان دور فاعل فيها، بالنظر لتاريخه المجيد في الأنشطة الإغاثية والإنسانية.
لقد أسهمت منحة الـ500 مليون دولار في إغاثة العوائل النازحة والمهجرة في إقليم كردستان وخففت الكثير من معاناتها ويبقى الأمل معقودا في مضاعفتها مستقبلا، بالنظر لدوام الأحوال الإنسانية الصعبة، لكن أزمة العراق بحاجة إلى مقاربة جديدة، فعالة وعاجلة، قد تستدعي تدخل المجتمع الدولي بعد أن بات الوئام الوطني متعذرا بسبب النفوذ الطاغي لإيران في الشأن الداخلي، وليس أدل على ذلك من عجز حكومة حيدر العبادي حتى اللحظة عن الإيفاء بالتعهدات والالتزامات التي شكلت أساسا لحكومته الحالية.
وأستطيع أن أقول جازما إنه باستثناء الخطاب المعسول والوعود الفارغة التي يطلقها رئيس الوزراء حيدر العبادي من وقت لآخر، فإن الوضع على الأرض لم يتغير عما كان عليه في زمن المخلوع نوري المالكي، إن لم يكن بات أسوأ.
ليس أمام العرب من فرصة للتعافي عربيا سوى المراجعة الموضوعية الشاملة حتى لو اقتضى الأمر جلد الذات والاعتراف بالخطأ والتقصير وهو ما نأمل أن يفضي إلى إعادة ترتيب التحالفات من جهة والأخذ بزمام المبادرة لقيادة الأمة إلى بر الأمان من جهة أخرى، وهو ما يعني أن يتحول العرب من مجرد الرد على الفعل إلى صناعة الفعل نفسه، وأنظار العرب بالمناسبة ترنو إلى المملكة وهي تودع ملكا صادقا شجاعا، لكنها تتطلع بالأمل والرجاء إلى ملكها الجديد، سلمان بن عبد العزيز، باعتباره رجل المرحلة للنهوض بهذه المهمة وهو، لا شك، عازم عليها وقادر.. وما علينا إلا أن نشد من أزره وندعو له بالتوفيق والسداد.
965 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع