بين عامي 1934 - 1935 حصل حراك سياسي بين العديد من الاحزاب والشخصيات السياسيه وعلى رأسهم حكمت سليمان وشيوخ عشائر الفرات الاوسط والجنوب تمكنوا على اثر ذلك من اسقاط حكومة علي جودت الايوبي وتم تكليف ( ياسين الهاشمي ) بتشكيل الحكومه وكان الموقف للناظر من الخارج يراه مستقرا وهادىء وان الحكومه قد احكمت سيطرتها على الوضع وانها تحالفت مع مجموعة (نوري السعيد , جعفر العسكري) ولها علاقات جيده مع كبار ضباط الجيش وقادته (كان طه الهاشمي شقيق ياسين رئيس اركان الجيش )
كما ان الحكومه تمكنت من اسكات المعارضه وحلت الاحزاب وطاردت العناصر المناوئه واغلقت العديد من الصحف والتزمت العشائر بالهدوء وتبنت سياسه قوميه ومدت يد العون للمناضلين العرب في سوريا وفلسطين وارسلت ضباطا عراقيين لتدريبهم بصورة سريه ,, الاان السياسي (حكمت سليمان ) لم يرق له الحال من بقائه خارج سدة الحكم وكان صديقا للفريق بكر صدقي وتربطه به علاقه قويه فأتفقا على الاطاحه بحكومة ياسين الهاشمي ووعده باسناد جماعة الاهالي (حركه سياسيه ) وان يضمن له التاييد الشعبي الازم ...
قبل اسبوع من موعد الانقلاب قام حكمت سليمان بابلاغ اعضاء الهيئه المؤسسه للاصلاح الشعبي بان ضباط الجيش بقيادة بكر صدقي قرروا القيام بانقلاب عسكري للاطاحه بالحكومه وانه يطلب تأييدهم فوافقوا على ذلك على ان يشاركوا في الحكم وان يرجع الجيش الى ثكناته بعد الانقلاب وان يكون منهاج الحكومه الجديده وفق مبادىء الهيئه,لقد وافق بكر صدقي على الشروط واعطاهم الحق في اختيار اعضاء الحكومه عدا وزارة الدفاع فقد ترك اختيارها لنفسه ..
في الساعه 8,30 من صباح يوم 29 تشرين الثاني 1936قامت عدة طائرات تابعه للقوه الجويه العراقيه بالقاء منشورات فوق بغداد تعلن للشعب العراقي قيام الجيش بانقلاب عسكري لتغيير حكومة ياسين الهاشمي بحكومه اخرى ( تخدم المصلحة الوطنيه و تعمل من اجل اسعاد الشعب ) ودعت الجماهير الى اسناد الانقلاب وتقديم الدعم له وقد وقع على البيان (الفريق بكر صدقي ,, قائد القوات الوطنيه للاصلاح) وفي نفس الوقت توجه حكمت سليمان الى البلاط الملكي وقدم رساله الى المللك غازي موقعه من الفريق بكر صدقي اللواء عبد اللطيف نوري (قائد الفرقه الاولى ) يطلبان فيها تنحية ياسين الهاشمي عن الحكم وتشكيل حكومه وطنيه من الشعب يرأسها حكمت سليمان .. بالساعه 11,30 صباحا من نفس اليوم قامت طائرات اخرى بالقاء قنابل على مبنى الحكومه في (القشله) اشعارا للملك والحكومه بجدية الموضوع وانذارا اخيرا لتحقيق مطالب الجيش الذي باشر بالتقدم نحو بغداد,, على اثر ذلك عقد الملك غازي اجتماعا طارئا حضره كل من (ياسين الهاشمي , نوري سعيد , جعفر العسكري , السفير البريطاني ) وبعد مناقشات طويله رضخ المجتمعون لمطالب الانقلابيون ووافق ياسين الهاشمي على تقديم استقالته وتم تكليف حكمت سليمان بتشكيل الوزاره وتبرع (جعفر العسكري ) وزير الدفاع بالتوجه الى الانقلابيين في بعقوبه واقناع القوه العسكريه بالعوده الى معسكراتها وعندما علم الانقلابيون بذلك قرروا قتل جعفر العسكري وتم ذلك رميا بالرصاص في منطقة (خان بني سعد ) واستمر الجيش بالتقدم نحو بغداد حتى وصلها عصرا بالساعه الرابعه ودخلها دخول المنتصرين ..
في الساعه 6 عصرا من نفس اليوم تم تشكيل حكومة الانقلاب براسة حكمت سليمان وكان اكثر اعضائها من جمعية الاصلاح الشعبي ,, كان من اهم الواجبات للحكومه هو اعادة الاوضاع الى الحاله الطبيعيه وتهدئة قلق السفاره البريطانيه وقد سارع حكمت سليمان الى الاتصال بالسفير البريطاني لطمأنته ووعد برجوع الجيش الى ثكناته واعلمه ان الفريق بكر صدقي لايطمح باكثر من منصب رئيس اركان الجيش ,, لقد نظمت العناصر اليساريه والاقليات مظاهرات واسعه في بغداد ولكونه اول انقلاب من نوعه في الوطن العربي ..
لم تمضي فتره طويله على ذلك حتى دب الخلاف بين الوزراء واعضاء جمعية الاصلاح الشعبي من جهه وبين الفريق بكر صدقي واعوانه من الضباط من جهه اخرى بعد ان اخذ بكر صدقي بالتدخل في تسيير امور الدوله وفرض رايه واصدار الاوامر دون الرجوع الى الحكومه ولقد حاول رئيس الوزراء التخفيف من حدة الخلاف لكنه فشل وازدادت الازمه سوءا بعد ان بدأت عمليات الاغتيال السياسي من قبل بكر صدقي لعدد من مناوئيه ولقد ادى كل ذلك الى قيام وزراء الاصلاح الشعبي الى تقديم استقالاتهم في 19 حزيران 1936 وقد شعرت القوى القوميه في الجيش الى ضرورة توحيد الجهود لاسقاط الحكومه , وبذلك استقالة الحكومه بعد فشلها الذي عد فشلا للانقلاب العسكري الذي اعتبراول انقلاب عسكري في العراق والوطن العربي ...
مع تحيات ... عبد الكريم الحسيني
2156 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع