زيد الحلي
مازال امر اعتقاله او احتجازه او سجنه مجهولاً ، رغم مضي اكثر من عقد من الزمن .. قيادة عمليات بغداد ، تبعد نفسها عن الحديث في موضوعه ، والحال نفسه مع وزارة الداخلية ..
اجهزة المكافحة والمخابرات ، تنفي علمها بإجراءات الاعتقال ... لائحة الـ 55 مطلوبا الشهيرة لم تضم اسمه او تشر اليه ، القضاء العراقي برأ نفسه من مسؤولية اصدار مذكرة قبض او احتجاز بحقه .. وهو لا يستطيع ان يدافع عن نفسه .. فهو ( اصم ، ابكم ) وتلك هي سر عذاباته ، فبقى اسير زنزانة حجزه المميت .
اصبحت قضيته قضية " رأي عام " لكن جميع المناشدات لفك حجزه ، باءت بالفشل ...اتساءل : من المسؤول اذن عن ضياع عمر هذا المظلوم .. من ؟ أصواتنا خنقت ، واصيبت بالهلع نتيجة المطالبات بأطلاق سراحه ... جراحاتنا المكشوفة ، امتلأت قيحاً ، حزناً على هذا الاحتجاز المؤلم ، وآلامنا المحمومة نطلقها في كل حين دفاعاً عن مظلومية هذا السجين بلا سبب .. نستنجد في كل لحظة ، نصرخ بأعلى صوت ، أنجدوا هذا المظلوم ، ارحموه .. فليس هناك حق أكبر من حق الحياة ؟ لكن ليس هناك من صدى ... سجيننا يحتضر كل يوم ، كل دقيقة وكل لحظة ، يصرخ ، ورغم مناداتنا ، وصرخاتنا المدوية في سماء الحق ، نجد ان المسؤولين عن احتجازه وضعوا أياديهم على آذانهم حتى لا يسمعوا ، آهاتنا وآهات سجيننا المظلوم ..
واكرر السؤال : ما معنى الاحتجاز التعسفي ؟ اعرف انه مصطلح مركب من لفظين ، لفظ الاحتجاز، ولفظ التعسف، ولكل منهما مدلوله اللغوي والقانوني ينفرد به ، بحيث لا يمكن أن يتحقق الاحتجاز بالمدلولين معاً بمعزل لأحدهما دون الآخر، وإنما بوجودهما واقترانهما حتى نتحدث عن الاحتجاز بشكل تعسفي أو التعسف بمناسبة الاحتجاز!! غير ان الامر في موضوع صاحبنا ، اختلط فيه الحابل بالنابل ، فضاعت عليه وعلينا مسؤولية الاحتجاز الذي اصبح يتطابق مع لفظ الاعتقال او السجن !
ان ( الدولة ) التي لا تعرف من الذي اصدر قرار الحجز والاعتقال الذي طال امده ، لن تعرف العدالة ابدا... وستظل ترزح تحت وطأة الظلم ، وتشكو من عدالة عرجاء ، حولاء، وتركض وراء سراب بلا نهاية ، فالعدالة هي أساس الملك ، وما من دولة تنهض وتزدهر اذا كانت العدالة مفقودة فيها ، إذ تنقلب الى أداة قمع وثأر ، وهذا ما حدث لسجيننا المظلوم .
قال افلاطون ان القانون سيد الدولة ، وقال ارسطو :القانون يجب ان يحكم ، والموجودين يجب ان يخدموا القانون ، فيما يقول الفقيه الانكليزي دايسي :لا احد فوق القانون ولا احد يعاقب الا القانون وان المحكمة لا تستطيع ان تعاقب بأمرها. والكل يخضع للقانون ، وقد فصّل ذلك في نظريته الشهيرة علوية القانون التي تستبعد الآراء الاعتباطية العشوائية المخالفة اصلا للقانون.. ففي أي خانة نضع حالة سجيننا المظلوم ..؟
الاحتجاز التعسفي ، هو نقيض الحرية ، وتجاوز الأصول ومخالفة القوانين الوضعية والإلهية والأعراف الدولية والانسانية واساءة استعمال الحق والسلطة... كما ان السجن والاعتقال او الحجز غير المبرر ، هو ظلم بالمعنى الحرفي للكلمة وطغيان وتسلط واستبداد وتجبر واجحاف وقهر واضطهاد ، وهذا نقيض العدل والانصاف والرحمة والقسط ، لاسيما ان العراق والعراقيين يعرفون ، مقدار المظلومية التي عاناها هذا الرمز المعتقل الذي اشير اليه في كلمتي اليوم ، مع قناعتي ، بان اصوات العالم كله ، لن تحل مشكلته ، فقرار الاعتقال او الحجز ، شبيه بدخان في ريح قوية ، لا قرار لها .
لن اطيل ... وها انا اصرخ : كفى ... كفى .. اطلقوا سراح السجين المظلوم "الجسر المعلق"ليعود رمزا للمحبة ، وجامعاً لآهالي الكرخ والرصافة وكل العراقيين .... هل اجد من يشاركني في هذا النداء ، ام ان كلمتي ستبقى بلا صدى ؟
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1861 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع