العبادي لن ينجح في مهمته ما دام يخاف من المالكي والعامري

                                    

                            هارون محمد

مضت ثلاثة اشهر ونصف شهر على تشكيل حكومة حيدر العبادي، وهو لمن يتذكر قال في الثامن من سبتمبر الماضي (تاريخ نيل حكومته ثقة مجلس النواب) انه يحتاج الى مئة يوم للبدء بتطبيق برنامجه الاصلاحي ومحاسبة الفاسدين وسراق المال العام، وها قد مرت المئة يوم دون ان نلاحظ شيئا عمليا أو ملموسا، وانما نسمع تصريحات متفائلة وتمنيات في وقت ما زال الطواغيت والسراق يسرحون ويمرحون بلا مساءلة او محاسبة وعدد منهم أمثال نوري المالكي وسعدون الدليمي وهادي العامري وصفاء الصافي وعدنان الاسدي ومدحت محمود النعلبند تخندق وسط حماياته أو تمترس بحصانته النيابية والوظيفية ليس بمقدور احد ان يشير مجرد اشارة لهم.

ولعل ابرز مظاهر تراجع العبادي عما وعد به هو: إجراء تحقيق نزيه باحداث سقوط الموصل في العاشر من يونيو الماضي، ومحاسبة المسؤولين عن انهيار القوات والادارات الحكومية في هذه المحافظة المنكسرة.

ومن تابع جلسة استضافة القائدين السابقين الفريقين عبود قنبر وعلي غيدان  في احدى قاعات مجلس النواب والاحاديث التي دارت معهما من قبل النائب حاكم الزاملي وعدد من زملائه النواب لا بد وخيل اليه ان الاثنين وهما بكامل اناقتهما واسترخاء قعدتهما كانا في نزهة الى مرفق سياحي او انهما مدعوان الى وليمة باذخة، وليس في جلسة استجواب كما زعم اعضاء لجنة الامن والدفاع البرلمانية، بعد ان اظهرت اللقطات التلفزيونية التي عرضت عن الجلسة بانها حميمية بين اصدقاء وأحباب، حتى ان نائب الموصل عبدالرحمن اللويزي وهو اكثر النواب صخبا وضجيجا حول هذه القضية لم يتمالك نفسه وهرع الى احدى القنوات الفضائية عقب انتهاء الجلسة الودية ليبلغها سبقاً صحفياً لا نظير له مفاده: انه سأل غيدان عن الفريق الغراوي الذي استنكف حضور الجلسة، فرد عليه ان (مسموعاته) عنه تشير الى احالته الى محكمة عسكرية بتهمة الخيانة العظمى؟

ولم يسأل النائب (الشاطر) نفسه كيف يحال الغراوي الى المحكمة بينما المالكي وقنبر وغيدان وهم رؤساؤه حسب التراتبية العسكرية ومسؤلون عنه وظيفيا وميدانيا غير مشمولين بالمحاكمة؟

هل سيتم تحميل الغراوي وحده المسؤولية ويصبح كبش فداء في الفضيحة ويفلت منها القائد العام السابق للقوات المسلحة نوري المالكي ووزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي وزميله وكيل وزارة الداخلية السابق عدنان الاسدي وقنبر وغيدان وبقية الشلة الفاسدة المرتشية؟ يبدو ذلك وفق المعطيات الراهنة وحسب ما نراه ونلمسه في وقت تؤكد المصادر النيابية في بغداد ان النائب عن ائتلاف دولة القانون حسن السنيد وهو من اقطاب حزب الدعوة قد حذر النواب الذين استضافوا قنبر وغيدان من مغبة ايراد اسم رئيس المالكي او مجرد الاشارة اليه ، والا فان (ابو اسراء) لن يرحم احدا منهم والحاضر يبلغ الغائب.!

هذه القضية الخطيرة واضح انها على طريق التمييع ولا يستبعد ان تسجل ضد مجهول كما كان يفعل المالكي في جرائم وانتهاكات اقترفتها حكومته على مدى اكثر من ثمان سنوات ماضية.

اما القضية الثانية التي يخشى العبادي ووزراؤه ومجلس سليم الجبوري من اثارتها، رغم انها فضيحة من عيار ثقيل ورائحتها تزكم انوف القريبين والبعيدين، فهي تخص زعيم مليشيا (بدر) الطائفية ووزير النقل السابق هادي العامري، وتفاصيلها ان الاخير وبعد تعيينه بمنصبه الوزاري في حكومة المالكي السابقة منتصف 2010، بادر الى تأسيس شركة سجلها باسم احد قياديي مليشياته واحال عليها مناقصة تجهيز طائرات الخطوط الجوية العراقية، والاجنبية التي تستخدم المطارات العراقية بالوقود او ما يسمى بـ(بنزين) الطائرات، الى هنا والعملية تبدو وكأنها ضمن مبدأ (كل من ايدو الو) السائد في العراق، ولكن الخطير فيها ان هذه الشركة (البدرية) نهبت من المال العام 4 مليارات دولار خلال اربع سنوات، فقد كانت تشتري الليتر الواحد من بنزين الطائرات من مصفى الدورة الذي ينتجه بـ(30) سنتا امريكيا وتبيعه الى طائرات الخطوط الجوية العراقية بدولار و30 سنتا وللطائرات الاجنبية بدولارين وهي تستخدم خط انبوب حكوميا يربط بين المصفى ومطار بغداد مجانا واحواض نفط وخزانات حكومية في المطار مجانا ايضا، بل تستخدم ناقلات وشاحنات وزارتي النقل والنفط لنقل وقود الطائرات الى مطارات اربيل والسليمانية والبصرة والنجف مجانا كذلك، واكثر من ذلك فان هذه الشركة استخدمت في بعض الاحيان وخصوصا عندما يُقطع الطريق البري بين بغداد والمنطقة الكردية لاي سبب كان، طائرات مدنية وعسكرية حكومية لنقل الوقود الى مطاري اربيل والسليمانية بالمجان، والمحصلة ان اربعة مليارات دولار دخلت جيب (ابو حسن) العامري دون حسيب او رقيب.    

ويتردد في بغداد ان رئيس الحكومة حيدر العبادي بعد ان اطلع على الفضيحة، طلب من وزيري النقل باقر صولاغ والنفط عادل عبدالمهدي الغاء المناقصة مع شركة العامري واحالتها على وزارتيهما مناصفة وهما مؤهلتان لاداء المهمة على احسن وجه والاستفادة من ايراداتها البالغة مليار دولار سنوياً، خاصة وان العجز في ميزانية العام 2015 بحدود 47 مليار دولار حسب البيانات الحكومية، الا ان الوزيرين صولاغ وعبدالمهدي اعتذرا للعبادي لاعتبارات (شيعية) وتمنيا عليه ابعادهما عن هذه (الشغلة) لانها في رأيهما توحي وكأنها عراك بين اهل (المذهب) !

وبعد هذا وذاك يطلب منا بعض (البطرانين) عدم انتقاد العبادي واعطائه المزيد من الوقت وحجتهم انه لا يستطيع العمل والمالكي قاعد له (ركبة ونص) والعامري (حاد سكينته عليه)! وبدورنا نسألهم : لماذا لا يمارس العبادي مسؤوليته الوطنية والقانونية ويقتص من المجرمين والفاسدين واللصوص وهم مكشوفون ومعروفون ؟ هناك مثل شعبي عراقي يقول: (الامام اللي ما يشّور.. محد يزوره) والمعنى واضح.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1267 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع