أحمد طابور
كفكة زوار الأربعين مشاعرهم وطووها، وربما سيعاود الزيارة الكثير منهم في السنة القادمة .
الزيارة تدهشك، أكيد ستدهشك في روح التألف والتكافل الاجتماعي الذي جمع الملايين من الناس تحت ظل قبة الحسين بن علي، وفي احضان مدينة كربلاء، الدهشة والاستغراب تكمن في انك تشاهد الكثير من المرتشين والحرامية، تشاهد الموظف الذي ينهر المراجعين والشرطي المتعسف والمسؤول ( البوخة)، والتاجر الغشاش والطبيب الجشع وووو... الخ من موبقات النفس وحالات التردي المجتمعي فضلا عن وجود معظم شرائح المجتمع الشيعي العراقي المحترمة تتسابق لخدمة بعضهم البعض، واحيانا تصل لحد الالحاح المزعج من اجل تقديم خدمة ما .
الزوار من خارج العراق
سجل العراق هذه المرة رقما قياسيا في عدد الزائرين الشيعة الوافدين من خارج العراق كالإيرانيين واللبنانيين والباكستانيين والاتراك والهنود والاذربيجانيين واليمنيين السوريين والخليجيين والأفارقة ، والاغلبية كانت من الإيرانيين بعد دعوة الخامنئي مرشد الجمهورية الاسلامية الإيرانية بزيارة الأربعين في العراق، وعلى اثرها تدفق ملايين الإيرانيين الى العراق، والصور التي نقلتها وسائل الاعلام أوضحت مدى الزخم المهول للزائرين الإيرانيين .
الايرانيون سواح دينيون بلا مردود اقتصادي
عادة ما تكون صناعة السياحة خاضعة لآليات معينة الغرض منها إيجاد مردود اقتصادي للبلد المضيف بغض النظر عن نوع السياحة، والعراق رغم عراقته، ووجود المعالم الاثرية الكثيرة فيه الا ان السياحة الاثرية متوقفة بسبب الظروف الامنية ، اما السياحة الدينية والمرتبطة بالعقائد لم تتوقف حتى في زمن صدام حسين، ومن هنا نشأت المدن التي تحتضن في ترابها أضرحة الائمة والانبياء والتي زاول معظم ابناءها العمل بما يتوائم والسياحة الدينية وقد اغدقت على المشتغلين بذلك مردودا ماديا أعانهم في تطوير حياتهم وكذلك المحيط الذي يتحركون به .
في أربعينية هذه السنة او كما تعرف " الموسم" العاشورائي تدفق ملايين الايرانيون كما اسلفت ولم ينتجوا مردودا ماليا الى العراق بدءا بالحدود التي كانت مجانية في الوقت الذي يتحتم على الزائر العراقي الى ايران ان يدفع رسما للفيزا لا يقل عن ٣٠ دولار ، وكذلك النقل المجاني الذي يشتري العراق محروقاته من ايران، فضلا عن شراء السيارات الايرانية" السايبة والسمند واخواتها "، الغذاء كذلك كان مجاني "وباذخ " يصل لحد التبذير الذي يدخل في باب الحرمات "حسب علمي "، والسكن مجاني ايضا ومن النادر جداً ان يحصل الزائر العراقي في ايران على طعام او سكن مجاني اثناء زيارته لمدينة مشهد حيث ضريح الامام الرضا او باقي المناطق التي تضم اضرحة شيعية في ايران .
الفائدة والمستفيدون من ذلك .
الذين استفادوا اقتصاديا من هذا الزخم الكبير للزوار الوافدين من خارج العراق وبالأخص الإيرانيين كونهم الأكثر عددا، هم اصحاب الفنادق وبصورة اقل اصحاب المحلات لكون الإيراني لايمتلك قوة شراء جراء تهالك العملة الإيرانية " التومان " ، علما ان اصحاب الفنادق والمحال التجارية لايساهمون برفد البلد بمردود اقتصادي من خلال عدم دفعهم للضرائب، التي هي الطريقة المثلى لزيادة المال في خزينة الدولة بل على العكس لهم خدمة أشبه بالمجانية من توفير الطاقة الكهربائية والمحروقات النفطية وعمال البلدية والمجاري مضاعفة باضعاف ما يحصل عليها المواطن في داره وبالتالي تؤثر سلبا على خدمات الدولة للمواطن .
ان دخول الايرانيون بهذا الزخم الغير مقنن من المؤكد سينسل بينهم المجرمون والمغرضون وربما ارهابيون وتجار الممنوعات التي غزت العراق والتي لم يألفها من قبل ، والعراق معروف للقاصي والداني بانه بلد تتلاعب الريح به من كل جانب ، والأنياب والمخالب الموجه عليه حادة بما تكفي لتستمر بنهش لحمه الغض .
الايجابيات المرجوة
قد لا اجد الا رسالتين مهمتين من خلف ستار هذه الحالة واحدة مفادها كسر جليد الحقد والكراهية، بعض الكراهية المزروعة بين الشعبين" العراقي والايراني" والتي هي نتيجة حتمية للحرب الهوجاء التي أشعلها برعونة صدام حسين حيث زُج فيها الانسان العراقي رغما عنه لا بطلا فقد كان الكثير غير مؤمن بتلك الحرب المجنونة، التي لا ناقة له فيها ولا جمل ، والايراني كان يعتقد حينذاك بانه ذاهب لتحرير المقدسات العراقية من رجس الكفار البعثيين وهذا نتج من خلال اغداق الزوار الإيرانيين بوافر من الكرم العراقي .
اما الرسالة الثانية وهي موجهه ضد الدواعش ومن لف لفهم، بأن الشيعة في كل العالم ليسوا بالرقم السهل الذي يمكن كسره، بل على العكس سينتج منهم سيوفا مشرعة ومشاريع استشهاد ضد اي مساس في الوجود و العقيدة .
في الختام
الدولة تعاني من خواء في الخزينة والعراق اقتصاده يعتمد فقط على النفط فضلا عن ان اسعار النفط في تراجع ، والعراق بلد استهلاكي في كل شيء فعليه يجب ان يقوم بالافادة من كل شيء ممكن ان يضيف للخزينة بالاموال كما تتنتهج كل الدول بلا استثناء ذلك حتى في الاعمال المرتبطة بالدِّين والعقيدة كما يفعل السعوديون والتبتيون والاسرائيليون والأمثلة كثيرة.
لطالما تسرنمت وطربت كثيرا لسماع الموسيقى الإيرانية واستمتع جداً في نطق الايرانيون للحروف العربية ولطريقة كلامهم، وتعجبني جدا ثقافتهم المدنية المؤطرة لتفاصيل حياتهم كما تبهرني طبيعة ايران الجغرافية وقدم حضارتها وعلمائها ورياضيها وأزور ايران باستمرار لأروي ظمأي هذا ، لكني أوكد كما اسلفت في مقال سابق على اني احب جاري حبا جما لكن اسرتي اهم ، فدعوني اركز على تقوية بناء بيتي ليكون نداً واهلا لاستقبال الضيوف .
وكما قالوا " كي تحك جلد ينبغي ان يكون لديك أظافر "
احمد طابور
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1282 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع