ريهام مازن
بداية أشكر قرائي الأعزاء على التفاعل معي من خلال التعليقات التي يتم إرسالها على البريد الإليكتروني وعبر شبكات التواصل الإجتماعي، الفيسبوك وتويتر ولينكدإن... ومن دواعي سروري أن أشرككم معي في تعليق وردني على المقال السابق "أردوغان والنساء" والذي تفضل به السيد إبراهيم الجندي، على شبكة "لينكد إن".
وفيما يلي نص التعليق: "قرأت المقال واعترض عليه ، أردوغان لم يبتعد عن الإسلام فيما قال، ألم يعتبر الدين الإسلامي المرأة ناقصة عقل ودين؟ شهادتها بنصف رجل وميراثها نصفه، ألم يعطى الإسلام للرجل الحق في الزواج من أربعة نساء ؟ ألم يعطى الرجل الحق في ضربها وتأديبها، ألم يعتبرها ناشز إذا لم تطع زوجها وتلبي طلباته في أى وقت ؟ ألم يعطى الرجال القوامة على النساء بالأموال التي ينفقوها عليهن؟ أنا لا أدافع عن شخص إنما علينا أن نقول الحق حتى ولو لم يعجبنا أحيانا، جميع الأديان بلا استثناء وعلى رأسها الإسلام ظلمت المرأة ولم تساويها بالرجل"... وإلى هنا ينتهي التعليق!!!
وفيما يلي نرد على السيد الجندي: إذا كان معك الحق فيما ذكرت فما رأيك في هذه السطور التالية؟
تحدّث القرآن في معارض كثيرة عن المرأة، (الذي اتهمته بأنه ظلم المرأة)... فهناك قصة هاجر، الزوجة الثانية لإبراهيم (عليه السلام)، فقال سبحانه وتعالى: (ربِّ إنِّي أسكنتُ مِن ذريّتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرّم ) . (ابراهيم / 37).
وتحدّث عن اُمّ موسى وعن مريم أم المسيح عيسى (عليه وعليها السلام) بقوله تعالى: (وضربَ اللهُ مثلاً للّذينَ آمنوا امرأةَ فرعون إذ قالت ربِّ ابن لي عندكَ بيتاً في الجنّةِ ونجِّني من فرعونَ وعمله ونجِّني من القوم الظالمين).. (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربِّها وكتبه وكانت من القانتين). (التحريم/11 ـ 12).
وكما كان للمرأة دورها في حياة إبراهيم وموسى وعيسى، نجد دورها واضحاً وعظيماً في حياة النبيّ محمّد (صلى الله عليه وسلم) ودعوته، وجسّدت هذا الدّور خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها) التي كانت سيِّدة مجتمع مرموقة في مكّة المكرّمة وكانت أوّل من حدّثها النبيّ (صلى الله عليه وسلم) بدعوته، فآمنت به وصدّقته، وبذلت أموالها الطائلة لنصرة دعوته، ولاقت معه صنوف الأذى والاضطهاد، فكانت من أعظم الشخصيات في تاريخ الإسلام، لذا سمّى رسول الله (ص) العام الذي توفِّيت فيه عام الحزن.
والمرأة المسلمة في صدر الإسلام لم تكن أقل ثباتاً في دينها من الرجل، ولا أقل تضحية وبذلاً في سبيل عقيدتها.
كانت عائشة رضي الله عنها تشارك في "غزوة أحد"، بحمل الماء على عاتقها لسقاية المجاهدين، وكانت لا تزال صغيرة السن، ولكنها شاركت للمرة الأولى في هذه الغزوة. أما في «غزوة الخندق»، كانت لها شجاعة نادرة وجرأة مشهودة، حتى أن سيدنا عمر بن الخطاب أنكر جرأتها لما رآها تقترب من الصفوف الأولى للمجاهدين.
ولبيان منزلة المرأة ومكانتها الرفيعة في الإسلام نستدل من الحديث الشريف: الذي أخرجه الطبراني، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : (إنّ الله يوصيكم بالنساء خيرا، إنّ الله يوصيكم بالنساء خيرا، إنّ الله يوصيكم بالنساء خيرا، فإنهن أمهاتكم وبناتكم وخالاتكم).
وأخرج والترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما النّساء شقائق الرجال) .. وشقائق : أي الشقيق : المثل والنظير والشبيه، كأنه شق هو ونظيره من شيء واحد.
بلا شك الإسلام كرم المرأة، ونهى عن تلك البربرية التي كانت سائدة في الجاهلية ألا وهي وأد البنات ومنح المرأة من الحقوق ما رفع مكانتها وأعلى من شأنها بالنسبة لما كانت عليه قبل الإسلام.
وخص الإسلام المرأة بالتكريم بوصفها أما ومنحها مكانة سامية في الجنة كما جاء في الحديث قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجنة تحت أقدام الأمهات).
ومن بين الحقوق للمرأة ما أوجبه الإسلام العظيم من إحسان للأم في آيات عديدة من القرآن الكريم: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) لقمان 14.
وشرع الله تعالى للمرأة في القرآن الكريم وآياته البينات من المساواة الكاملة في أعمال البر ووجوه الخير بحيث يكون للمرأة المشاركة فيها جميعاً مثل الرجال سواء بسواء: (أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ) آل عمران 195.
وقبل أن أنهي المقال سأرد على تساؤلات السيد الجندي، التي لابد أن يراجع فيها صحيح الدين:
- ألم يعتبر الدين الإسلامي المرأة ناقصة عقل ودين؟
= اعتبر الدين الإسلامي أن المرأة تغلب عليها العاطفة، وتحكم قلبها أكثر.. أما إذا راجعت فقه المرأة المسلمة، فستعرف، أن فترة المحيض، (الدورة الشهرية) هي فترة نقص المرأة لدينها، وهو سبب إلهي، يعلمه الله!
- ألم يعطى الإسلام للرجل الحق في الزواج من أربعة نساء؟
= نعم، على أن تعدلوا، ولن تعدلوا... صدق الله العظيم!
- ألم يعطى الرجل الحق في ضربها وتأديبها؟
= لم يعطي الرجل الحق في ضربها، ويمكنكم مراجعة فتوى الدكتور الجليل علي جمعة، المفتي الأسبق للجمهورية، منذ يومين، أن ضرب الزوج لزوجته من الكبائر، لأنه يخرب البيوت هذه الأيام، كما نهى الرسول (ص) عن ضرب النساء!
- ألم يعتبرها ناشز إذا لم تطع زوجها وتلبي طلباته في أى وقت ؟
= هذا استنادا لقانون الأحوال الشخصية، ولحالات بعينها، وليست مثلا إذا رفضت تحضير الطعام لزوجها!
- ألم يعطى الرجال القوامة على النساء بالأموال التي ينفقوها عليهن؟
= نعم، أعطى الرجال القوامة بما أنفقوا، ولكن ليس لتمييزهم على النساء أو رفعهم درجات!
من قلبي: أقول للسيد الجندي وأردوغان، سامحكما الله في تفسير الدين وفقا لأهوائكما الشخصية، لكن عذرا، لا تقرنوا أرائكما بأي من الأديان السماوية الثلاثة، اليهودية، المسيحية، والإسلام، فهم منكم ومن أقوالكما براء، ولتقولا قولا الحق واستغفر الله لي ولكم..."واتقوا الله يا أولي الألباب"... صدق الله العظيم!
1216 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع