أ. فؤاد يوسف قزانجي
كان الأسكندر الكبير بعد ان احتل سوريا و فلسطين و مصر، قد زار العلصمة طيبة ، و قضى وقتاً في معبد ( آمون ) قرب واحة سيوه .
وتذكر الروايات انه خرج من المعبد يحمل في شبكة شعر رأسه الذهبي قرني آمون معلقتين عليها حول اذنيه . و هما القرنان اللذان قدمهما كاهن الاله آمون الكبير بعد ان اقر بان الاسكندر قد اصبح فرعونا والها . أمر الاسكندر برسم صورة نصفية له و القرنان في رأسه و ان تنقش هذه الصورة على نقود تسك له فوراً . و كانت هذه اللحظة من اللحظات الخطيرة في حياة الأسكندر برزت بعد نهاية الثمانية اشهر التي قضاها في مصر ، اذ تشبه بالالهة . وانتقل هذا التقليد الى اليونانيين الذين اعتبروه شبه اله وبمثابة ابن الاله زيوس.
ثم عاد بجيشه القوي الى بلاد فينيقيا ، فوصل الى صور تلك المدينة التي كان قد أحتلها و خربها ، فأمر بأصلاح مينائها . و علم من خلال وحدة متقدمة له ، ان الملك الفارسي داريوس يقيم في منطقة اشور، اي في شمال العراق .
و تحرك جيشه اللجب الذي كان يبلغ تعداده قرابة الخمسة و الاربعين الف جندي و انطلق عبر المنطقة الآشورية حتى وصل نهر دجلة و كان الفرس يسمون دجلة حسب لغتهم بمعنى ( السهم ) لكثرة اندفاعه و سرعته . و هناك وجد الجيش اليوناني صعوبة في عبور ذلك النهر الجامح .
كان يضم الأسكندر في حاشيته المؤرخ اليوناني ( كالستينيس ) الذي كان يسجل اهم احداث و وقائع الحملة اليونانية للسيطرة على املاك الامبراطورية الفارسية و الأستيلاء على معظم آسيا الغربية . و كان كالستينيس اول من اطلق على الأسكندر المقدوني بذي القرنين ، و قد شاعت قصته في العالم و اليونان على وجه الخصوص . و بعد تبعثر اوراق كالستينيس ، جاء بعده بخمسة قرون تقريباً مؤلف مجهول ،فأعاد كتابة الحوادث و الروايات عن حرب الأسكندر و حياته الجامحة مضيفاً اليها بعض الروايات و كثيراً من قصص الشعوب التي غزاها ، و هو مؤلف مجهول ادعى بأنه وجد كتاب كالستينيس فأعاد نشره و من بين تلك القصص ، قصة الأسكندر ذو القرنين و اسطورة بأجوج و مأجوج التي ذكرت بعد ذلك في العهد القديم وفي التراث العربي-الاسلامي . و قد نقلت قصة الأسكندر ذو القرنين و قصة بأجوج و مأجوج من اليونانية الى الارامية و الفهلوية والارمنية ، فالسريانية واخيرا الى العربية في بداية القرن السادس .
بعد عبور الأسكندر و جيشه نهر دجلة في مخاضة معقدة ، استغرق في اجتياز وقتاً طويلاً ، أقاموا لهم معسكراً للأستراحة و التهيأ للقتال . و قبل ان يتهيأ الأسكندر للقتال كان قد قدم قرابين عاجلة لآلهة الشمس و القمر و الارض . و بعدها سار الأسكندر بفرسانه و جيشه حتى اصبح على مسيرة ساعتين من غريمه الملك داريوس .
جاءت اخبار الى الاسكندر بتجمع جيش داريوس في منطقة منبسطة و معه كتائب مساندة من الميديين و الفرثيين و الهنود و كانت تلك المنطقة تدعى كوكميلا Gaugmela اي ارض أو محطة للجمال، التي كانت تقع قرب بلدة كرمليس،شمال شرق مدينة نينوى ، لكنها تبعد عن مدينة اربيلا اكثر من اربعين كيلومتراً .
اقترح القائد ( بارمينيون ) ان يهاجم الجيش اليوناني الفرس اثناء الليل لتكون له فرصة المفاجأة و لأرباك صفوف العدو ، فرفض الأسكندر قائلاً انه لا يريد ان يختلس النصر ثم ان الشمس كوكب الاغريق و لذلك ارجأ القتال الى فجر اليوم التالي . و لما تقدم الأسكندر بجيشه في 31 تشرين الاول من عام 331 ق.م. ، هجم جيش داريوس مستخدماً عرباته لمحاصرة المقدونيين ، لكن المقدونيين استخدموا حرابهم ضدها و ضد سائقيها فنجحوا في ارباكهم ثم شرعوا يضربون على تروسهم لأخافة الخيل ، و فعلاً اختلط فيهم الحابل بالنابل ، و انقلبت الكثير من العربات و بدأت تصطدم مع بعضها بينما خرج الفرسان اليونانيون من بين المشاة ليقاتلوا من نزل من عربته من جيش الفرس . و بعد ذلك اطلق داريوس كتيبة الأحتياط التي كانت حوله حينئذ تحرك الأسكندر بكتيبة من الفرسان و راح يشق طريقه نحو موكب داريوس الذي وجده واقفاً على عربته و هو مغطى بالحلي و الاحجار الكريمة ذا لحية ممشوطة جعداء و حوله خمسة عشر فيلاً . و اقترب الأسكندر و كتيبته التي كانت تخترق جموع جيش الفرس بسيوفها الضخمة البتارة مما سبب فزعاً في صفوف جيش الفرس و وصل الأسكندر و حرسه على بعد مرمى سهم من داريوس ، حينذاك ارتبك داريوس و ادار عربته هارباً من ساحة المعركة ، مما أضعف من همة جيشه ، فأمعن اليونانيون في جيش الفرس قتلا بعد ان بدأت صفوفهم بالارتباك، على آثر هروب ملكهم و قائدهم . و هكذا انتصر الأسكندر في معركة كوكميلا ( اربيلا) الفاصلة ،على الرغم من الجيش الفارسي كان يبلغ خمسة اضعاف الجيش اليوناني .
انحدر الأسكندر جنوباً ، فلقيه قائد المنطقة الفارسي (مازيوس) ،فرحب بالملك الاسكندر، واعلن استسلامه مع اتباعه . وبعد ان تفقد مدينة بابل ووجه باعادة تعميرها،ريثما يعود من حملته . سار الاسكندر الى الحدود الفارسية متجها الى مدينة سوسا عاصمة عيلام . وبعد وصوله اليها، وجدها تفتح ابوابها له ولجيشه، وفتش الجيش اليوناني المعابد فحصل على كنوز من الذهب بلغت حوالي 50000 تالنت ثم اخترق بلاد فارس متوجها الى المدينة الملكية بازركادي فسماها اليونانيون (برسيو بوليس) اي المدينة الفارسية . وامر الكسندر بحرق قصر الملك، انتقاما بمافعل الفرس في المدن اليونانية. كان الملك داريوس قد هرب الى بكتريا (حاليا افغانستان) حيث قتل هناك من قبل حاكم المطقة. ولما وصل جيش الاسكندر الى هناك ،بعث بجثة الملك الى العاصمة اكبتانا ليدفن هناك في مقبرة الملوك .
وراح في بلاد الفرس، ينتقل من نصر الى نصر، وهو يخوض المعارك مع جيش متماسك، فقد كان له قدوة في التخطيط العسكري والاقدام والمطاولة مع قادة متمرسين شجعان حتى وصل الى الهند الواسعة الارجاء ،حيث راح يحتل المدن التي بدا انها لاتنتهي. وهناك بدا الارهاق على جيشه ، وشعر جيشه ان لايريد ان يتوقف،ربما حتى يستولي على العالم باسره . وفي هذه الاثناء كان جيشه مثخن الجراح ايضا،وكانت جراح احد قادته ثخينة ادت به الى الموت، بالاضافة الى ذلك فان القائد الذي يرافقه في المعارك وصديقه (كليتوس) وفي ليلة سكر،قد قام بقتله، وذلك بعد ان جادله بان اباه (الذي لم يكن يحبه لاهماله امه) كان قائدا مقداما مثله وربما احسن منه، فالتقط الكسندر حربة من حراسه ، ورماها نحو صدر صديقه فارداه قتيلا. اذ كان يشعر الكسندر انه مبعوث الالهة على الارض مثل فرعون مصر . وبعد ان احس بفظاعة قتله صديقه، و بمشاعر جيشه ،اضطر ان يعود بجيشه نحو بابل ،بعد ان عين احد قواده حاكما على الهند .
في ربيع عام 324 ، كان الاسكندر وجيشه المتعب ، قد وصلوا الى مدينة بابل ، بعد جرى تعمير قصر نبوخذنصر وحدائقه ، وكذلك المعبد الرئيسي والشارع الرئيسي المؤدي الى القصر، وبعض الابنية الضرورية . كما أمر ببناء مسرح اغريقي الذي ظلت أسسه و جزءاً منه قائماً حتى الان . ثم قام بأستعراض اسوارها الضخمة ذات الطابوق الوردي التي بلغت من العرض ما كان يتسع لمسيرة عربة بأربعة جياد ،بحسب ما ذكر ذلك المؤرخ هيرودوت. و راح يطلع على معالم المدينة و شوارعها ، و جلب انتباهه الجسر الممتد عبر الفرات . ثم اطلع على قصر الملك نبوخذنصر المبني على شاطئ الفرات حيث كانت ابوابه مصنوعة من خشب الا بنوس و السرو و قد زينت بنقوش من الذهب و الفضة و رصعت بالعاج . و اخيراً زار معبد ايساكيلا : معبد مردوخ او بعل و وضع الاسكندر يديه في يدي بعل و هو يسجد له . و كان اهل بابل و كلهم ذوي بشاشة و كرم في المآدب ، و كانت ولائمهم تعرف بأنواع اكلاتها و اطعمتها و خمورها النادرة ، اضافة الى قيام نساء مأجورات في خدمتهم .
واستقبل في بابل مبعوثين من ليبيا ووالبروتيانين والاتروكسكانيين واللوكانيين من ايطاليا ، وهناك رواية تقول انه استقبل وفدا من كارثج (قرطاج) وسلتس وآيبريا وروما .
وبعد عودته من حملته الكبرى التي وصل فيها الى الهند في عام 324 ق.م.، اقام حفلة كبيرة في مدينة بابل بعد ان اعيد ماتهدم من قصر نبوخذنصر ومعبد المدينة الرئيسي (ايساكيلا ) . كانت الحفلة تضم 80 ضابطا ومثل هذا العدد من الفتيات لانعرف كيف جمعوا، وجرى تزويجهم الواحد تلو الاخر، وبعد ذلك قدموا لهن الهدايا.ثم جيىء بالخمور . وكانت حفلة حتى الصباح .
و لم يكد يستقر في قصر نبوخذنصر ،حتى بدأ يخطط لغزو الجزيرة العربية . وكان قد اعطى ذهباً لقائد البحرية ( تيارخوس ) للذهاب الى صور و صيدا من اجل بناء بضعة عشرات من السفن و تحضيرها للحملة الجديدة التي سينطلق بها عبر الفرات جنوباً ثم الخليج الكلدي ليستولي على السواحل العربية . و استمر في تحضيراته و خططه .
وركب الأسكندر يوما سفينة و ابحر بها جنوباً حتى وصل الى منطقة مثقلة بالطحالب بعد ان دخل قناة ( بالاكويوس ) لعلها نهر كرخا في منطقة الأهواز . وبعد ايام من وصوله ، كان قد أصيب بالحمى، ، في الارجح كانت بسبب الملاريا ، و كان خلالها قد اعطى اوامره بالتهيىء خلال اسبوع للحملة الجديدة على الجزبرة العربية .
بعد عودته من استكشاف الخليج ،اقام الأسكندر وليمة في مدينة بابل ، كانت على شرف قائد اسطوله نيارخوس .
و اثناء الليل دعاه صديقه القائد ( ميدوس ) من منطقة لاريسا ،لأكمال السهرة في بيته . و هناك في اخر الليل شعر الأسكندر بألم حاد يشبه لطمة الرمح في ظهره ، و احس بحمى ثقيلة تطبق عليه ، و بدا صوته مختلفاً بل صعب عليه ان يرفعه .
وقد سجل المؤرخ اريانوس ذلك الحدث، على النحو التالي :
كانت تلك الليلة في التاسع و العشرين من شهر ايار من عام ( 323 ق.م. ) و في اليوم الثاني لمرضه ، شعر بأعياء فحُمل على محفة من اجل ذهابه الى معبد أيساكيلا لتقديم الأضحية الى الالهة ، وبعد انتهاء تلك الطقوس،اضطجع في جناح الرجال حتى المساء. وقد استمر في اعطاء الاوامر الى ضباطه موجها أولئك الذين كان عليهم ان يتقدموا في البر على ان يكونوا جاهزين في خلال ثلاثة ايام، واولئك الذين عليهم ان يركبوا البحر ،فان عليهم ان يبحروا معه بعد يوم اخر. ومن جناح الرجال حمل الى فراشه الذي اخرج من القصر ووضع قريبا من نهر الفرات . ثم طلب
ان ينقلوه الى الشاطىء الاخر من الفرات، حيث استحم للمرة الثانية ثم استسلم للراحة .
في اليوم التالي (اي الثالث من مرضه)استحم الاسكندر ،ثم قدم اضحية الى الالهة كالعادة ، و ذهب الى غرفته ليضطجع، ومن هناك تحدث الى مرافقه (مديوس) واعطى الاوامر الى ضباطه ليقدموا تقاريرهم مبكرين في صباح اليوم التالي ، ثم تناول قليلا من الطعام ونام .
وفي اليوم الرابع استحم في الصباح ثم قدم اضحية الى الالهة، وبعد ذلك اصدر اوامر مفصلة الى القائد نيرخوس والضباط الاخرين حول الرحلة القادمة التي ذكر انه ستبدأ بعد يومين .
في اليوم التالي (الخامس) قام بالاعمال نفسها ، لكن في مساء ذلك اليوم ازدادت عليه الحمى، وفي المساء استحم لكن حالته الصحية امست في خطر.
في صباح اليوم السادس ، طلب نقله قرب المسبح swimming pool . وبالرغم من شعوره بالاعياء ،ارسل باستدعاء ضباطه الكبار، وتحدث اليهم عن الحملة .
في اليوم السابع ،استطاع ان يصل الى مكان الصلاة في المعبد وحده، لكنه زاد اعياءا.
في اليوم الثامن اشتد عليه مرضه،لكن الاسكندر استمر باداء طقوسه الدينية،ثم استدعى ضباطه وتكلم معهم .
في اليوم العاشر،طلب نقله الى حديقة القصر، واستدعى ضباطه ولكن لم ينبس ببنت شفة. وكان مسجى بلا حراك .
في اليوم الحادي عشر كان يصارع الموت، وهو في حمى شديدة، وبعد اقل من 24 ساعة كان قد فارق الحياة . وهكذا مات الكسندر الكبير في 13 حزيران من عام 323 قبل الميلاد، وعمره لايتجاوز 33 سنة، وان اسمه الصحيح هو اليكساندروس او اليكساندر . وحينما ذكر الخبر، لم يصدق جيشه الامر، لكن الضباط لم يمنعوا احدا من جيشه ممن اراد رؤيته ، وعلت وجوههم امارات الحزن وبكى الكثيرون عليه غير مصدقين موته بهذا الشكل وهذه السرعة .
وهكذا انطفأت جذوة احد أعاظم القادة في التاريخ . ظل اليونانيون و من ثم الرومان يدرسون شخصيته و خططه العسكرية و تكتيكاته في معاركه . وكذلك لاتزال تدرس خطط معاركه في الكليات العسكرية في جميع انحاء العالم . و قد اسلم الأسكندر ذو القرنين روحه الى بارئها و مات في يوم 13 من شهر حزيران عام ( 323 ق.م. ) بعد ان حكم ثلث العالم لحوالي ثلاثة عشرة سنة. (1) .
و يرجح انه حنط من قبل الكهنة الكلدان في بابل ووضع في مدفن مؤقت،كما ذكر ان جثمانه حفظ في تابوت محكم قد ملئ بالعسل . بعد ان حصل القائد بطليموس ( ابن فيليب غير الشرعي) على مصر و ليبيا من خلال صراع القادة عند تقسيم الأمبراطورية . وعند نقل رفاة الأسكندر ببلاد فينيقية ( لبنان ) وثب بطليموس مع كتيبة و اختطف العربة الذهبية التي كانت تنقل الجثمان و سار بها الى مصر، و صار الحادث سببا في حرب بين القائد برديكاس و القائد بطليموس انتهت بأنتصار بطليموس، فقام هذا بدفن الأسكندر في قبر مخصص له على شاطئ الأسكندرية ، باعتباره ملكا مقدسا ،وجرى الاحتفال بدفنه من قبل الكهنة المصريين. حيث كان قد ادعى كهنة مصر ان الأسكندر اصبح فرعونا حسب مشيئة رع ، منذ التقاءه بالاله آمون في معبده في واحة سيوة في صحراء مصر .
ومن الجدير بالذكر انه في اعقاب موت الأسكندر، اصبح العراق القديم تحت النفوذ اليوناني لفترة تقارب ( 130 ) عاماً . و كان سلوقس نيكاتور و سلالته قد حكموا العراق و سوريا و فلسطين . و اقام سلوقس عاصمة جديدة لها بدلاً من بابل التي كانت ابنيتها تتداعى و هي مدينة سلوقيا التي بناها على انقاض مدينة اوبي او أوبس و ذلك في عام ( 272 ق.م. ) على ضفة دجلة مقابل فيما بعد كتيسفون، و لكن الملك سلوقس لم يبق فيها ألا بضعة سنوات . كانت سلوقية -دجلة من اكبر المدن في زمانها حيث بلغت نفوسها ما يزيد عن نصف مليون نسمة .
وهكذا وضع الأسكندر و خلفاءه مبادئ التعاون بين الاغريق و الشرق التي طبعت ذلك العصر بمزيج من حضارة بلاد الرافدين القديمة و الحضارة اليونانية ، و قاموا بأنشاء المدن المتحضرة في جميع اصقاع المشرق ، و كانوا لا يتدخلون في معتقدات الشعوب و يحترمونها مما جعل الشرق في بوتقه شرقية – يونانية مشتركة (هلنستية) و استمر ذلك الى حد ما في العصر الروماني والعصر المسيحي -الفارسي في العراق القديم حتى القرن الاول للميلاد ، حينما حلت بجانبها الثقافة المسيحية والتي اضافت الكثير من الاداب والعلوم الجديدة في منطقة الهلال الخصيب .كما عززت من القيم الروحية التي جاءت بها اليهودية .(2)
الاسكندر ذو القرنين :
اما قصة الأسكندر ذو القرنين في التراث العربي – الأسلامي فهي تروى على النحو التالي : " ان الأسكندر ذو القرنين كان اصله من حمير ، و كان اسمر اللون ، و كانت أمه من بنات الروم و قيل انه اسكندر بن دارب ملك اصطخر و بابل و المدائن بالمشرق . و قد خلفه شخص يدعى فيلسوف و كان ملك الروم . و قيل انه الأسكندر ذو القرنين ولد يونان بن يافت بن نوح . كان طول انفه ثلاثة اشبار و قس على ذلك عظم رأسه و جسمه . و يقال انه هو الذي بنى منارة الأسكندرية ، و انه عاش الف سنة و زيادة ، و اختلف في نبوته . و قال عكرمة : انه كان نبياً مرسلاً الى اهل بابل قبل ظهور السيد المسيح بثلاثماية سنة . و قال وهب بن منبه ، بأن الأسكندر كان يخفي القرنين عن الناس و لم يظهرهما الاَ انه ذهب يوماً الى الحمام فنزع عمامته من رأسه فرأهما كاتبه . و قال الأمام السهيلي : لما بلغ ذو القرنين مطلع الشمس رأى هناك مدينة عظيمة يقال لها جابلقا ، و رأى لها عشرة الاف باب بين كل باب و باب فرسخ . ووجد اهل تلك المدينة بشيعي المنظر ، عراة الاجساد ، و ليس لهم من دون الشمس ستر و هم بأجوج و مأجوج . و قد بنى ذو القرنين سداً لحجزهم ما بين الجبلين ، ثم بنى ردما بلبن الحديد ، و جعل ارتفاعه عن الارض نحو ستمائة ذراع و جعل عرضه ثلاثمائة ذراع فكان يضع اللبنتين من الحديد و يذيب النحاس و يجعله بينهما . و قال الثعلبي : كان مقدار ما بين الجبلين لحجز قوم بأجوج و ماجوج مائة فرسخ . و ان هذا السد يفتح اخر الزمان عند اقتراب الساعة و يخرج منه بأجوج و مأجوج فيسيرون في الأرض و يشربون نهر سيحون و جيحون و بركة طبريا في يوم واحد و يأكلون الأشجار و النباتات جميعاً في يوم واحد ... "
و قام مؤلف يوناني في القرن الثالث للميلاد بأنتحال أسم كالستينيس و اعاد تأليف كتاب حول الأسكندر ذو القرنين و استعان في تأليف قصصه الخيالية بقصة اسطورية موجودة في التلمود و مما يذكر ان ما كتبه ورد في سفر الرؤيا من الانجيل عبارة جوج و مأجوج ( 20 : 7 – 9 ) كرمز لأقوام همجية قامت ضد الديانة اليهودية . اما في العهد القديم فقد ذكر ان جوج كان ملكاً على ماشك و تويال ووصف بانه الذي سيقوم و يغزو ارض اليهود في آخر الزمان ، و انه سيقتل على الجبال هو و قومه و حلفاؤه الوثنيون الذين يقاومون ملكوت الله . و قد اطلقت لفظة مأجوج على اقوام السيكيتين المعروفين ايام حزقيال النبي و الذين افتتحوا ساردس عاصمة ليديا في اليونان ، و تغلبوا على سياكسار او ارتحشتشا ملك الميديين عام 624 ق.م. ، و ربما يكونوا قد وصلوا الى مصر .(3)
المصادر
1) Hastings , Max . ed . The Oxford Book of Military Anecdotes ( Arian writing on Alexander ) Oxford , oxford Univ , 1989 ( p.29 – 4 ) .
2) Thomas , H . and Lee , D . Alexander the Great . Newyork The
misprint . 1947 .
3)كتاب (التيجان في معرفة ملوك الزمان) لابي محمد بن عبد الملك بن هشام.
1006 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع