الحلاق الثرثار و الاماني الضالة

                                            

                        حسين حبيب عباس

كالعادة لم يكن صابر يحب تغيير الطقوس والعادات التي اعتداها لانه لا يحب المفاجئات , فهو يتسوق من نفس محل البقالة  وكذا الحال بالنسبة لبائع المواد الغذائية والمنزلية ,

وفي احد الايام ذهب لحلق شعره عند  حلاقه الاثير الذي لم يكن محله كغيره من محال الحلاقة فلا شاشة عرض بلازمة ضخمة  ولا ديكورات ولا ملصقات جدارية  تعبر عن فكر  او نشاط معين ولا نشرات جدارية ولا ضوئية , ولا صور لاعبي الاندية العالمية ,  كان محل الحلاق بسيطا ورواده قلة  لانه كان عجوزا ولا يجيد الكثير من القصات العالمية الحديثة التي اعتادها شباب اليوم , ولم يكن صابر يطلب كثيرا الا تخفيف شعر راسه وحلاقة ذقنه .
وجلس كعادته بعد ان القى التحيه على صاحبه الذي كان مشغولا براس احد العجائز الظرفاء , ولم ينتظر طويلا حتى اعتلى صهوة الكرسي العتيق الذي لم يستبدل منذ سنين مضت , الا ان هناك امرا لطيفا كان لدى الحلاق , هو انه يتكلم كثيرا على طول الخط  واحيانا يكون الحوار شيقا  واحيانا غير ذلك , احب صابر هذه المرة ان لا يدع الحلاق يسرد الاحاديث من تلقاء نفسه , بل اراد الزامه بموضوع ما  والمواضيع كثيرة على الساحة ولكن من اين يبدا ؟,   وما هي الا لحظات حتى انطفأت الكهرباء  ,ابتسم الحلاق في وجه صابر وذهب ليشغل المولدة الصغيرة  خارج المحل , فقفزت فكرة حديث الكهرباء الى صابر  حتى سأل صاحبه
-       ماذا لو عرضت عليك حل مشكلة الكهرباء وانت في منصب مرموق في الدولة ؟
فكرا قليلا واطرق ثم قال :  سوف استعين بتوليد الطاقة الكهربائية من سدود العراق الكثيرة على النهرين دجلة والفرات  لما لها من قدرة على ذلك , ثم اقوم  بالاستعانة بطاقة الرياح من خلال نصب المراوح العملاقة في الصحراء الغربية  مستفيدا من سرعة الريح في تلك المناطق خاصة واني رايت بعض التقارير عنها في بعض البلدان الاوروبية , هذا اضافة الى الاستعانة بالطاقة الشمسية النظيفة التي لا تلوث الجو خاصة وان شمسنا محرقة جدا  واحاول تقليل استيراد الكهرباء من دول الجوار التي لم تحل المشكلة لحد الان .
صابر : حسننا وماذا عن شحة مياه الشرب في بعض المناطق ؟
الحلاق : الامر سهل ويسير , لدينا النهرين العظيمين ولكننا نحتاج الى بعض المشاريع التي تقوم بتصفية المياه  ومن ثم نصب شبكة  مجاري للتوزيع , كما انني لن ادع مياه  النهرين تذهب سدى الى الخليج العربي , فربما اقوم بخزنها في منخفض ما  لكي تعود من جديد الى البلاد .
صابر : وماذا عن الجانب الزراعي في البلاد ؟
الحلاق : كما تعلم ان الماء مهم جدا ,لذلك سوف اتبع نظام التقطير لما له من اثر في تقليل المياه وجعل النبات ياخذ حصة كافية منه , ثم سوف اشجع زراعة البيوت الزجاجية   وسوف ادعم المزارع والفلاح بالاسمدة والبذور المحسنة , كما  اني سوف افرض ضرائب معينة على المنتجات الاجنبية لكي لا تنافس المنتج المحلي وسوف احاول القضاء على مشكلة التصحر, واقوم بزراعة حزام اخضر يساهم في التقليل من الاحتباس الحراري وزيادة كمية الاوكسجين النقي في البلاد .
صابر : وماذا عن الجانب الاقتصادي ؟
الحلاق : كما تعلم ياسيدي فبعد ان تتحسن الزراعة فاني سوف اشجع زراعة القطن الذي سوف يساهم في اعطاء مواد اولية لصناعة الملابس التي سوف ادعمها  وافرض ايضا ضرائب على البضائع والسلع المستوردة من اجل جعل المواطن يتجه الى صناعته الوطنية  ويثق بها  كما سوف ارسل المختصين من اجل الاستفادة من تجارب الغير في تطوير الجانب الاقتصادي وربما استعين بخطة خمسية او اكثر للنهوض بالبلاد مستفيدا من المواد الاولية والمعادن التي يتمتع بها البلد من قير وفوسفات وكبريت  وحديد  ونفط وغاز  وغيرها  وربما اصل بالبلاد الى الاكتقاء الذاتي  والتصدير الى الخارج  ... ربما .. ولم لا ؟؟
صابر : حسنا وماذا عن السياحة ؟
الحلاق : هناك امران اساسيان وهما السياحة الدينية وهي على ما يرام الى حد ما , والسياحة الاثرية للمناطق التاريخية التي لم تستغل لحد الان , فاما الاول فانني سوف اوسع واهتم بالمناطق الدينية لغرض استيعاب زوار وسياح اكثر وكذلك اعداد كتب وكتلوكات تعريفية بالمناطق  وعرض البضائع العراقية للسواح , وكما تعلم فلدينا الكثير من المناطق الدينية والاثرية من شمال البلاد الى جنوبها مما سوف يساهم في زيادة الدخل و ايجاد فرص عمل للشباب العاطل الذي يشكو من البطالة , الان ان هذا يرتبط ارتباطا مباشرا بالوضع الامني في البلد .
صابر : وماذا عن الجانب التعليمي والاكاديمي ؟
الحلاق : يا صديقي لم تعد المناهج الدراسية تواكب العصر المتغير في كل لحطة في زمن الشبكة العنكبوتية التي تربط العالم ببعضه, فمناهجنا اكل الدهر عليها وشرب, ويجب اعداد مختصين بالمناهج وارسالهم الى الخارجللعودة والنهوض بالبلاد فلا يمكن ان يكون الشعب الذي نشات فيه الكتابة يوما  يعد متاخرا علميا لحد الان , اضافة الى ارسال مزيد من الطلبة الدارسين الى الخارج في مجال الدراسات الاولية والعليا
 وما ان انتهى من اكمال شعر راسي  حتى  شكرته وناولته اجره ومضيت مفكرا فيما قال وتمنيت لو انه ابطأ هذا المرة في عمله لكي يستمر في كلامه , تركته  ولا ادري ما اقول  الا كلمة واحد : لا تعليق !!!!

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1022 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع