في عود المريض حسنة.. وسيئات

                                       

                          خالد القشطيني

روت العرب فقالت إن زائرا عاد مريضا وسأله عن علته فأجابه أنه يعاني من وجع الركبتين. فقال له إن جريرا ذكر بيتا في هذا الخصوص. ذهب عني صدره ولكنني أتذكر عجزه ويقول فيه: «وليس لداء الركبتين دواء» فقال له صاحبه جازاك الله. يا ليتك تذكرت صدره ونسيت عجزه!

وجاء في الأثر قول الشاعر:
تحيا العظام الراجفات من البلى
وليس لداء الركبتين طبيب
والظاهر أن السلف أمعنوا في ذكر وجع الركبتين لأن لمعظم العلل الأخرى نهاية، إما بالشفاء أو بالوفاة.
ولكن ليس لعلة الركبتين نهاية. فما دام صاحبها حيا تبقى معه وتعذبه.
عود المريض من أصعب المناسبات الاجتماعية، فإن تضاحك الزائر وبش بوجهه، ربما يفسر المريض ذلك استخفافا بحالته.
وإن عبس وتجهم بوجهه، يزداد المريض انقباضا وقلقا. وكم تتحير في هذا الموقف في اختيار الكلمات المناسبة والهدايا السليمة. ربما تكتشف أن الشوكولاته تسيء للكبد.
وإذا جئت بتفاح فلربما تجد أنه يسبب مغصا أو إسهالا. وإذا سكتّ ولم تتكلم زاد المريض وحشة تذكره بوحشة القبر.
وإذا تكلمت وذكرت له شيئا عما فعلته «داعش» في الأنبار ربما يصاب المريض بالدوار والغثيان ويحس باقتراب الآخرة. كلها مطبات ومشاكل. ولا عجب أن امتلأت كتب الأدب بالحكايات والطرائف في هذا الصدد.
قيل إن أبا حنيفة ذهب لزيارة الإمام المعروف بالأعشى حين كان على مرض.
فأطال القعود عنده. وعندما عزم على القيام والانصراف من جواره قال له: «ما كأني إلا وقد ثقلت عليك». فأجابه الأعشى: «والله إنك لثقيل عليّ وأنت في بيتك».
كم يجلس العائد بجانب المريض مشكلة. وتتعاظم المشكلة عندما يكون الزائر مبتلى بالبخر (رائحة الفم الكريهة).
وهو مما يزيد في انقلاب المعدة وضيق النفس. وقد جمع الأبشيهي شيئا من طرائف ذلك. وكان منها ما جاء شعرا حيث قال أحدهم:
يا صاح والرحمن إن فاكا
أهلكني فولني قفاكا!
كثير من الناس مولعون بالتهويل وسوء الذوق والنظر لكل شيء من زاوية قاتمة حالكة. ويكون ذلك من أسوأ ما يمكن أن يقال عند زيارة مريض في بيته.
لا يقول المريض كلمة واحدة عن مرضه حتى ينطلق العائد فيروي له كيف مات ابن عمه بمثل ذلك وفقد أحد جيرانه بصره بسببه. وهات ما عندك من المصائب.
ومن أسوأ ما سمعته من قلة الذوق واحترام الموقف، ما سمعته عن أديب ذهب لزيارة زميلة مريضة بادرته بقولها إن الطبيب قد عادها وفحصها قبل دقائق فبادرها بالسؤال قائلا: «آه! الطبيب. وكيف صحته؟ إن شاء الله في خير!».
ما العمل؟ الورد والزهور ممنوعة في المستشفيات الغربية. والأطباء ينهونك عن الشوكولاته والحلويات. كيف تعبر عن كرمك ومحبتك للمريض؟ خذ معك كتابا من كتب الفكاهة تضحكه على ما نعيش فيه من مهازل.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1198 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع