سعاد الصيد الورفلي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
يحتاج الإنسان كي يصبح متميزا ،أو يمتاز بشيء من الرقي وعدم النمطية المقيتة ، أن يقرأ على الأقل أسبوعيا في كتب متنوعة ، أو مجلات ثقافية .
كثيرون يعيدون مثل هذه المواضيع والآراء بشكل لافت ، ونجدها عبر صفحات الفيسبوك وتويتر ، وكل المواقع الثقافية –ذات العلاقة- تدعو للقراءة وحملات القراءة –التي لاتنفك ليلا ولانهارا ..
ونكاد نجزم ونقول في مقالتنا هذه –ما جئنا بجديد- غير أننا أشرنا إلى فضيلة القراءة وتأثيرها على الفكر .
فالقصة ليست تكرار نصيحة أو إرشاد أو توجيه أو تكرار لأجل التكرار ، وقتل وقت الفراغ المسيطر على الورق ....
إن القصة : هي السلوك الفكري المعتاد ، فجُلّنا يعاني نفس السلبيات التي تصاب بها عقول الكثيرين من حولنا –حتى أنفسنا-فكلما أردنا أن نغير عادات سيئة تكمن فينا ؛ وجدنا أنفسنا نقع فيها ونتوه ونعاودها .
ولهذا سميت العادة بهذا الاسم لمعاودتها وتكرارها ...
والعادة اجتماعيا هي إدمان وكلمة إدمان قد يقرأُها المطلع فيظن أننا نتحدث عن موضوع يتعلق بنطاق خارج الفكر والقراءة "لموضوع المخدِّرات " غير أن الإدمان يُطلق على كل شيء اعتاده الإنسان كإدمان الفيسبوك –مثلا- أي كثرة الجلوس بالساعات الطوال لحاجة أو غير حاجة ، وإدمان التفرج على التلفاز حتى وقت الشغل ، إدمان الطعام –أيضا- حتى البدانة ..
إدمان الكتب حتى الاعتياد ...
وما يهمني الآن هو " إدمان الكتب حتى الاعتياد" ؛ فإذا اعتدت على الكتب وصارت حالة اعتيادية لديك ، فهذا أمر محبوب ومطلوب ومرغوب ومستحسن ومفضل ومندوب وحسن وجميل –جدا-
لكن –لامندوحة- عن التغيير ، فالتغيير هو النتاج التفاعلي من خروجك من رحم الكتاب ...
حدثتني صديقة تدمن قراءة الكتب ولاتنام إلا بين يديها كتاب ولاتصحو إلا وعلى وجهها آخر –قائلة : لاأشعر بجديد..!!
فقلتُ لها ناوليني ما تقرئين ، فوجدتُ الكتب ذات قيمة كبيرة ومؤثرة- أيضا – المشكلة في صديقتنا هذه (أنها تقرأ باعتياد ؛ غير أنها لاتتذوق ، هي تقرأ وحسب –لاتعيش مع الكلمات ).
هذه القراءة جيدة ، ونحرص على كل من يقرأ ونشجعه ونتفاعل معه، لكن الأجود والأحسن أن تضفي الحيوات* على الكلمات ، اقرأها وكأنك تتحدث إلى بشر أو كائن حي ..هنا سيقع التغيير .
التغيير الذي نقصده : تغيير السلوك ، التفكير ، طريقة التعاطي والتعامل مع الحياة ، بعيدا عن الاستنماط ..
إن الكتاب الذي لايغيرني ؛ يجب أن أعود إليه أكثر من مرة ، وألمس ما فيه من نقاط إيجابية تؤثر في حياتي ، تعطيني مزيد أمل ، تغير تفكيري ، وتضفي لمسة جمالية على منطوق لساني .
ألم يغيرنا القرآن الكريم؟
لقد غيّر فينا أشياء كثيرة ، أحسسنا مع القرآن الكريم أننا نسبح في رحمة الله وأن الله يحبنا وأننا بشوق عظيم لما وعدنا الله به.
لماذا يحدث هذا معنا ؟
لأننا أحببنا كتاب الله ووجدنا فيه حياتنا ، ألا وهي الارتياح النفسي كلما قرأنا آية كريمة ؛ فكتاب الله عظيم وصالح لكل زمان ومكان ، فيه العديد من أوجه الآيات الكريمة التي تلمس حياتنا .
هذا عن كتاب الله وتأثيره في تغييرنا من الأسوأ للأفضل ومن الضلالة للهداية ، وهو نعمة لايفقهها كثير من البشر ،إلا من عاش قراءة القرآن قراءة متأنية متأملة فاحصة محبة وحية مع كل آية ينطقها القارئ .
أما ما نقرأه من كتب أخرى ؛ فشتّان ما بينها وبين كتاب الله ، نجد أن لا لمسة منها في حياتنا ؛ فعلى سبيل المثال : حفظتْ مربية أطفال كتب التنمية البشرية لكنها أخفقت في التعامل تربويا مع من تشرف عليهم ؛ والسبب في ذلك أنها لم تعش المواقف التي قرأتها ، فهي تقرأ لتحفظ أو لتأخذ قاعدة تريد تطبيقها فتعجز ! ذلك لأن القراءة حياة وليست لوحة جامدة نختر منها لونا لنضعه حيثما شئنا وانتهى الأمر .
إن القراءة الاعتيادية إن لم تكن مقرونة بلذة القراءة واشتهائها ؛ وسكنى الكلمات والتحافها ، والهمس للعبارات وملامسة الحروف ، نفسيا ومضاجعة الكتاب روحيا ؛ فإن النتيجة ستكون : نمطية روتينية ، لاردود أفعال جديدة ..
شعارنا أن نعيش القراءة ونتوغل في جوفها حتى الغيبوبة فيها .
*حيوات : جمع حياة
1181 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع