لا يعقل ان تسود ثقافة كهذه في العراق الجديد ، تهاني العيد إنموذجا !.
من التقاليد السائدة في مناسبات الاعياد الدينية وعند كل شعوب الكون ان تكون الفرحة والابتسامة هي السمة السائدة على الوجوه والمظاهر وأن تتبادل الناس تقديم التهاني والتبريكات شفاها او هاتفيا او برقيا باجمل العبارات والألفاظ وأرقها عذوبة و وداَ وشوقاً ، حتى أصبح اختيار ديباجة التهاني المتبادلة في هذه الأعياد يشكل إبداعا وإرثا أدبياً كتبت فيه فصول وألفت فيه كتب بكل اللغات .والحال أيظا يصح فيما يخص أدب الإغتراب والإشتياق الى الوطن والأهل .
هزتني حقيقة وافسدت عليَّ مناسبة عيد الأضحى لهذا العام رسالة شكر وصلتني رداً على تهنئة بالعيد كنت قد ارسلتها لمجموعة من زملائي الأطباء فيما يلي نصها :
إلى أهلٍ وصَحْبٍ وأحِبّةٍ....
إنتشروا في كلّ بِقَاعِ الأرْضِ مُكْرَهينْ
وإلى أحبةٍ غابوُا عنْ العَيْنِ
ولكنْ لمْ يَغيبُوا عن القلب
كلّ عام وانتم ونحن إلى الله أقرب
وقلوبكم وقلوبنا تزخر بالمحبة والافراح
فما العيد إلاّ حالة فرحٍ ومَحبة
ولقاءٌ عزَّ علينا في الغربة
العيدُ في الوَطن بَهجة
وفي الغـُربة العيد ملحٌ على الجراح!
فالى كل أخ وصديق وقريب
تمنّيْتُ لقاءه في العيد وباعدته عني البلاد
وإلى كلّ أهلنا وأحبتنا فى العراق
أقول لكم من القلب
عيدكم مبارك
وعسى الله ان يجمعنا معاً في يوم قريب
على أرض الوطن الحبيب
ننعم بإستنشاق هواءه العليل
لم يكن اختياري لهذه التهنئة في العيد اعتباطا بل جاء الاختيار مستبعدا كل احتمال لإثارة ضغينة او جدلية بقدر ما تحمل من شوق لقدسية المناسبة وحب الوطن ولدي من ردود ما يؤيد فرضيتي ، لكن ما لم استطع تحمله ودفعني لتوثيق هذه الواقعة هو ان استلم رد من زميل مثقف ضمن مجموعة اطباء ومثقفين ارسلت اليهم التهنئة يكون فيها الرد بهذا النص:
,,, …..to Omar Alkubaisy
• 41 More...
Message flagged
Sunday, October 28, 2012 5:01 PM
أخ عمر كبيسي
كل عام وأنتم جميعا في أتم صحة وعافية والعراق الحبيب عاد لأهله الثمانين بالمائة بعد خطف دام لأكثر من 1425 عاماً
العراق يحكمه الآن دستور و صندوق إقتراع .. لا سيوف المستأجرين من غلمان الترك ويلاد صبحه حفيدة عبد السطيع اليهودي التكريتي .. ولا مماليك مستوردين من القوقاز والديلم وبخارى والسند
فالعراق عاد لأهله شعب الحسين الذي قال فيه جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسين مني وأنا من حسين .. أحب الله من أحبَّ حسيناً
العراق يتسع لجميع الناس الذين ينبذون الإرهاب والقتل والتفجير والكواتم ويحفظوا القانون وفرضه على الجميع بلا إستثناء ويحترمون شعائر الثمانين بالمائة من أهل العراق شعب الحسين الشهيد
كل عام وأنتم بأتم صحة وعافية يا عمر كبيسي
والسلام
أخوكم
ربما يؤخذ على ردة فعلي هذه بانها غير مبررة ووجود مثل هذه الثقافة واضح في العراق على لسان العامة او المتطرفين او الساسة او الفضائيات والمفروض ان لا أتأثر لردة فعل منفردة تصدر من هذا او ذاك .
حقيقة لو كنت امام جدل سياسي في مجلس او امام محاور على فضائية لما كان انتابني مثل هذا الشعور وقد حدث ذلك مرارا لي ، لكن ان تكتب لصديق يعرفك حق المعرفة ومثقف وأكاديمي تهنئة ودية وعاطفية بمناسبة عيد الاضحى المبارك ويجيبك بما احتواه الرد،احسبه كارثة خطيرة للأسباب التالية :
1.من غير المعقول ان يكون الرد على بطاقة تهنئة لاتتضمن تجريحا او تانيبا ردا مليء بالتجريح واختزال الآخر اسما ولقبا وفكرا بهذ النوع من الغضينة وتسويف الحقائق مهما كانت الدوافع .
2. الآخ يدعي ان العراق قد عاد الى أهله بعد ان اختطف ل1425 عاما ، وفاته ان يعرف ان فتح العراق لم يكن قد جرى في هذا التاريخ ولم تكن بغداد بعد قد بنيت وقبل الفتح الاسلامي كان العراق تحت الهيمنة الفارسية حتى ان فتح مكة لم يكن قد حدث ولم تكن هناك ايام الاسلام الاول شيعة او سنة .
3. ولو افترضنا ان العراق اختطف ! من هو الذي اختطفه وممن اختطف ؟
وما علاقة هذا الموضوغ بتهنئة العيد.
4. وماذا يعني الرقم 80% اذا كان الكرد وحدهم 17% من غير المكونات الاخرى ماذا ابقى الزميل للسنة العرب من نسبة ؟
4. ولماذا يتم التركيز على شخصية الامام الحسين عليه السلام ليحسب العراق كله للحسين ويحسب حب الحسين هو معيار المواطنة العراقية بينما المواطنة واقع اجتماعي وحب الحسين جزء من العقيدة الدينية مع كل الاحترام لمبدئية الحسين ونسبه وصموده ؟ مكونات شعبنا ليست جميعها حسينية أو إسلامية ، ولماذا يحسب شعب كامل على خلفية شخص او دولة او اقوام اخرى مهما كانت هوياتهم ؟ ، احترام عقائد الناس امر هام لتوافق المجتمع ومكوناته ولكن الخلاف على طبيعة وصيغة اقامة الشعائر مسألة خلافية وشخصية لا تستوجب الخصام والعدوانية وهي لا تدخل في صلب العقيدة لانها ليست فرائض .
6. العنف والارهاب و وسائل القتل المتعمد بالتفجيرات والكواتم وقتل النفس امور محرمة لا خلاف عليها ليست فقط في دينينا وانما في جميع الشرائع الدينية التي تؤمن بها مكونات شعبنا العريق ولا جدل في ذلك وما يحدث في العراق وما حدث في هذا العيد من تفجيرات عمل شيطاني احتلالي خبيث يستهدف وحدة الامة وتشتيت كلمتها ويمثل استمراره فشل ذريع في أداء الآجهزة الامنية وفشلها في كشف مرتكبيه وخفاياه ولم تسلم من نتائجه واضراره كل المكونات العراقية ولا ينبغي ان تجيير احداثه لإثارة النزاعات الطائفية وتجذيرها .
7. أن أخطر ما في فقرات الرد على التهنئة هي يكون خطاب الود والتسامح لدى الطبقة الواعية والمثقفة هو طبيعة صيغة الرد التي تنم عن مشاكسات تاريخية وعقيدية وافتراضات غير واقعية وترويج لثقافة النزاع والتحدي والخلاف بلا مبرر .
ثقافة كهذه تبحث عن جذور خلافية وتصيغ منها خطابا عاما للمجتمع هي ثقافة لا تؤسس لبناء الامة الواحدة الناهضة والمجتمع القويم ، تلك امة قد خلت لها ما اكتسبت في حينها ومن دروسها علينا ان نكتسب كل الصفحات الزاهرة والنيرة لتحقيق الوفاق والاعتصام بحبل الله المتين .
840 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع