الديموقراطية على الطريقة الأميركية

                                        

                                جهاد الخازن

يُفترَض أن تكون الديموقراطية أفضل من الديكتاتورية، أو من نظام قمعي تسلطي إرهابي. هذا صحيح، ثم هناك الديموقراطية الأميركية وهي، على الورق، مَثل يُحتذى منذ أيام الآباء المؤسسين الذين صاغوا دستوراً عظيماً مع تعديلات مكمِّلة له.

الديموقراطية الاميركة ممارسةً «شكل تاني» فلا همَّ للحزب الجمهوري غير تخريب رئاسة باراك اوباما، ولو دفع الاميركيون جميعاً الثمن، وبما أن للجمهوريين نفوذاً هائلاً على وسائل الاعلام فهم يكذبون يوماً بعد يوم ويجدون مَنْ يصدقهم حتى أن الانتخابات النصفية الشهر المقبل قد تنتهي والجمهوريون انتزعوا السيطرة على مجلس الشيوخ مع مجلس النواب، ليجعلوا آخر سنتين للرئيس اوباما في البيت الأبيض كابوساً يصيب الاميركيين كلهم مع الرئيس الأسود.

بعيداً من الكذب وأنصاف الحقائق أسجل أن باراك أوباما فاز بالرئاسة في انتخابات 2008 والولايات المتحدة تعاني أسوأ أزمة اقتصادية لها منذ ثلاثينات القرن الماضي، بعد أن خاض جورج بوش الابن، أو المحافظون الجدد من جماعة اسرائيل في إدارته، حروباً وضعت البلاد على حافة الافلاس، وأصبحت الادارة الاميركية تستدين من الصين لتقتل المسلمين في أفغانستان والعراق.

ماذا حقق باراك اوباما في ست سنوات في البيت الأبيض؟ الاقتصاد الاميركي أضاف خمسة ملايين وظيفة جديدة في 55 شهراً، وهي أطول مدة من التقدم الاقتصادي منذ فورة التسعينات، والبطالة هبطت الى 5.9 في المئة، وهي أيضاً أقل نسبة على امتداد عقد أو نحوه.

ما سبق معلومات مؤكدة وليست رأياً أزيد عليه:

اريك هولدر استقال مما نسمّيه نحن وزارة العدل ويسمّيه الاميركيون منصب المدعي العام، وهو وعد بأن يبقى في منصبه حتى يأتي بديل له. غير أن الجمهوريين يعرقلون العملية، وقد يستمر هولدر في عمله حتى السنة المقبلة. في غضون ذلك هناك 47 سفارة أميركية من دون سفراء (بينها السفارة في الامارات العربية المتحدة)، ومع أن 37 مرشحاً مثلوا أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ فلا أحد منهم حظي بالتعيين.

في المقابل، أوباما سحب القوات الاميركية من العراق، وسحب أكثرها من أفغانستان، فالتزم ما عرف عنه الاميركيون عندما وصف في سنة 2002 عزم بوش الابن على غزو العراق بأنه «أحمق» وثبت بعد ذلك صواب رأيه. واليوم يشن اوباما حرباً على الارهابيين في العراق وسورية، ويتهمه الجمهوريون بأنه سبب صعودهم لأنه لم يحاربهم في سورية أو يقلب النظام هناك، كما فعل سلفه في العراق، من دون أن يقولوا إن اميركا أفلست أو كادت وأن العراق دُمِّر وقُسِّم، وقد لا يعود بلداً موحداً.

أربط كل ما سبق بتوتر العلاقة جداً بين باراك أوباما وبنيامين نتانياهو، كما كان واضحاً في إجتماعهما الأخير في البيت الأبيض، ثم أسأل: ما هو الصحيح؟ في البداية شرحت كيف أن أوباما صحح ما خرب بوش من الاقتصاد الاميركي، ولكن في المَثل التالي عن حروب بوش وحرب أوباما الحالية، أقول إن جميع هذه الحروب غير شرعية، وخطأ بوش واضح فالحرب على العراق زوِّرَت أسبابها عمداً، وقتِلَ حوالي سبعة آلاف جندي اميركي مع مئات ألوف العرب والمسلمين لصالح اسرائيل وحدها.

تلك الحروب، وحرب أوباما الحالية، غير شرعية بحسب ميثاق الأمم المتحدة الذي يقدم ثلاثة أسباب للحرب: تفويض من مجلس الأمن، أو الدفاع عن النفس، أو طلب البلد المعني التدخل العسكري. وأوباما على الأقل إستجاب لطلب الحكومة العراقية المساعدة.

الآن أصبح «عنصر أوباما» جزءاً من إستطلاعات الرأي العام التي تجريها مؤسسة غالوب، ومعارضو أوباما أكثر من المؤيدين مع أنه أنقذ بلاده من الخراب الذي تركه له الجمهوريون.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1456 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع