تخلي المالكي عن رئاسة الوزراء

                                           

                           د. مؤيد عبد الستار

تميزت الحقبة التي شغل فيها السيد نوري المالكي رئاسة الوزراء بالعديد من الازمات التي عصفت في الساحة السياسية ، وكان اخرها سقوط محافظة نينوى بين براثن ( داعش ) وتمدد المليشيات المسلحة في المحافظات الوسطى مثل الرمادي وديالى وصلاح الدين وباتت تهدد العاصمة بغداد ومدن الوسط والجنوب مثل محافظات النجف و كربلاء والناصرية .. الخ.

الضرورات تبيح المحظورات ، وان كان التعكز على الدستور والانتخابات ما يمنع تخلي دولة القانون عن مرشحه السيد نوري المالكي ، فان الظروف التي استجدت في العراق بعد سقوط الموصل ، والمعضلات التي طوقت العراق من شماله الى جنوبه ، تؤذن بمستقبل قاتم للوطن ما لم ترتفع القوى السياسية الى مستوى المسؤولية وتقدم التنازلات المطلوبة لمعالجة الاخطاء التي تمادى في ارتكابها سياسيون لم تكن مصلحة البلاد نصب اعينهم ، وانما انشغلوا في الحصول على الغنائم وتشريع القوانين التي تبيح لهم بلوغ اعلى مراتب الغنى وترك امن البلاد في مهب الريح و الملايين من ابناء الشعب يعيشون تحت خط الفقر دون خدمات ضرورية تسمح لهم العيش بكرامة .
 لقد كتبنا منذ سنوات  – كما كتب غيرنا -  عن المشاكل التي تنهش جسد الوطن ، ولكن الحكومة ونوابها كانوا لا يصيخون السمع لاراء الناس بله الكتاب ، حتى ان السيد المالكي بلسانه اتهم الانترنيت بانه مكب نفايات وهو في غمرة نشوة  كرسي الحكم وبطانة تحيط به،  بعضهم من مخلفات البعث فارغة العقول والنفوس ، لاهم لها سوى نهب الاموال ومسح الاكتاف.
 زاد الطين بله الخلافات التي ارتفعت حدتها بين المركز والاقليم التي اشتدت بسبب استخراج النفط وبيعه ، وعدم اقرار مجلس النواب قانون النفط والغاز ، اضافة الى تأجيل تنفيذ المادة 140 وعدم اجراء الاستفتاء ، الذي اعلنت نائب عن دولة القانون انها وراء تأخير تنفيذه لاربع سنوات كانت فيها عضوة في اللجنة .
وفي خضم مطالبة اقليم كردستان بالاستفتاء على اعلان الاستقلال ، وتمدد المليشيات المسلحة التي تسيطر على مناطق واسعة داخل العراق وسورية ، يتحتم على القوى السياسية اتخاذ اجراءات استثنائية من اجل معالجة الظواهر المستجدة في الساحة ، ولا يجب الركون الى الحلول الترقيعية واعتماد سياسة النعامة في معالجة الامور .
لذلك نرى ان الخطوة الاولى التي يجب على كتلة التحالف الوطني اتخاذها هي الاعلان عن استعداد السيد رئيس الوزراء للتخلي عن منصبه رغم حقه الانتخابي ، وطرح اكثر من اسم بديل ليحل محله ، ويتسلم مهام منصبه بعد الاتفاق على عقد جلسة مجلس النواب  واقرار اسماء المرشحين للرئاسات الثلاث باسرع وقت .
ان النظر الى الامور المعقدة في الساحة العراقية بعيون الماضي يجعل من المستحيل التوصل الى حلول للمشاكل الحالية التي بدأت تأخذ مسارات معقدة لا يقوى على معالجتها حزب لوحده او كتلة مكون واحد من المكونات العراقية حتى لو كان اغلبية .
يجب على القوى الوطنية ، وعلى الاخص في المركز والاقليم التعاون من اجل القضاء على عصابات داعش وتحرير الموصل من براثنهم ، خاصة وان الولايات المتحدة الامريكية اعلنت عن استعدادها للقضاء على هذه العصابات التي بدأت تهدد المنطقة برمتها  ، ولاول مرة تعلن ايران صراحة استعدادها للعمل المشترك مع امريكا من اجل محاربة هذه العصابات لوجود مصلحة مشتركة لها مثل الولايات المتحدة الامريكية في العراق .
ان استمرار العبث بامن العراق ، يجعل امن الشرق الاوسط  قلقا ، وربما يؤدي الى ظهور بؤر جديدة تـتـمـدد فيها تلك العصابات التي اخذت تستـفـيد من الاستيلاء على حقول نفط ومصادر مياه وتفرض الاتاوات على مدن كاملة، واغراها ذلك على اعلان خلافتها الاسلامية التي ستبقى تقض مضاجع دول المنطقة مالم يتعاون الجميع مع المجتمع الدولي للتخلص من هذه الآفـة .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1284 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع