د.هاني سالم حافظ
قبل اكثر من ستين عاما حينما كانت المدارس بمدرسيها المخلصين تعلمنا الاداب قبل العلم..
ونتعلم الصدق والامانه قبل الحساب والقراءه وكانت كتب المطالعه تزخر بالقصص التي تزرع الامل والشجاعه والصدق والاخلاص على مدى المراحل الدراسيه وبمناسبة العاصفه التي مرت بها الكاردينيا من راي وراي مضاد ومقال ومقال مضاد وتعليق مضاد فقد تذكرت ما سبق ان درسته وحفظته في الدراسة الابتدائيه والتي لاازال اتذكره رغم تقادم العمر الا وهي قصة معن بن زائده وهو من امراء العرب الذين اشتهروا بالحلم والعفو عن من يسيئ له كما اشتهر بالثراء والكرم
وقد طافت شهرته البلاد( ولم تذكر لنا القصه اي بلاد هي) وتراهن اعراب مع احد الاعراب المشهورين بالبذاءه ان يغضب الامير معن لقاء مائة ناقة ان اغضبه ويدفع لهم مثلها ان لم يغضيه وارسلوا معه رقيبا ينبؤهم بما ستنتهي اليه المقابله ومن الذي سيربح الرهان؟؟؟
فجاء الاعرابي بملابس رثة ولبس فوقها جلدا لشاة ذبحها وملطخة بالدماء ودخل على الامير معن ودون ان يسلم او ينزع نعاله كما هي العاده مع الامراء وابتدا بالكلام موجها للامير معن فقال:
اتذكر اذ لحافك جلد شاة واذ نعلاك من جلد البعير؟؟
فرد معن قائلا نعم اذكر ذلك ولا انساه
فقال الاعرابي فسبحان الذي اعطاك ملكا وعلمك الجلوس على السرير
فرد معن سبحانه وتعالى يهب الملك لمن يشاء
فقال الاعرابي فلست مسلما على معن بتسليم الامير
فردالامير السلام سنة وشانك في الامر
فقال الاعرابي سارحل عن بلاد انت فيها ولو جار الزمان على الفقير
فرد الامير: ان جاورتنا فمرحبا وان رحلت فمصحوب بالسلامه
فقال الاعرابي وقد اوشك على الانهيار وراى انه سيدفع الرهان لامحال
فجد لي يابن ( ناقصة ) بشيئ فاني قد عزمت على المسير
فقال الامير اعطوه الف دينار يستعين بها على سفره
فرد الاعرابي قليل ما اتيت به واني لاطمع منك بالخير الكثير
فقال الامير اعطوه الفا اخر تقيه شر السؤال
فانكب الاعرابي على قدمي الامير يقبلها وهو يبكي ويقول والله ما حملني على ما فعلت الا رهانا اعطيه مائة ناقة ان لم اقدر على اغضابك وها انا قد خسرت الرهان
ثم قال
سالت الله ان يبقيك ذخرا فما لك في البرية من نظير
فمنك الجود والانعام حقا وفيض يديك كالبحر الغزير
فقال الامير
اعطيناه الفين على هجونا فليعط اربعة على مدحنا وليعط مائة ناقة يرد بها رهانه
وانصرف الاعرابي وهو يلهج بالدعاء لمعن ثم بعد مدة توفى معن وسمع الاعرابي بموته فقال دلوني على قبر الامير وكان قد فقد بصره فاخذوه الى قبرمعن فقعد عنده وهو يبكي وانشد قائلا
ايا قبر معن كيف واريت جوده
وقد كان منه البر والبحر مترعا
ويا قبر معن انت اول حفرة
من الارض خطت للسماحة مضجعا
1688 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع