في ذكرى تحرير الفاو .. تعرف على أهميتها الاستراتيجية
شبكة الساعة:بتخطيط بدأ سراً بين مجموعة من 6 أشخاص بينهم الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، استعاد العراق الفاو التي احتلها الإيرانيون في 1986؛ إذ حشد العراق أكثر 100 ألف جندي بينهم 60 ألفًا من الحرس الجمهوري.
في الـ 5:00 صباحاً من 17 نيسان/أبريل 1988 وأثناء تبديل القوات الإيرانية شن العراق غارات كثيفة على الخطوط الأمامية الإيرانية ليعلن الجيش العراقي بداية عملية "رمضان مبارك" لاستعادة "مدينة الفداء" وخلال 35 ساعة سيطر العراق على أرض الفاو بالكامل.
انتصار العراق في الفاو دفع الخميني بعد 3 أشهر إلى قبول وقف إطلاق النار فسماها العراق "بوابة النصر العظيم".
أهمية الفاو الاستراتيجية
أهمية الفاو في الحرب أتت من موقعها الإستراتيجي؛ إذ تحدها من الجنوب مياه الخليج العربي ومن الشرق شط العرب الفاصل بين العراق وإيران ومن الغرب مياه خور عبد الله الفاصل بين الفاو والكويت.
وقال خبير الأمن والدفاع، ضياء الوكيل، خلال حديثه مع شبكة "الساعة"، إن "شبه جزيرة الفاو لها أهمية تعبوية بكونها المفتاح العسكري لهدف استراتيجي وتعبوي خطير يتمثل بمحافظة البصرة، ولهذا عمدت إيران على استثمارها بعد السيطرة عليها".
وأضاف أن "العراق كان يدرك أهمية الفاو وما تسعى إليه إيران، المتمثل بالهجوم على البصرة من أكثر من محور ولهذا قرر إيقاف التقدم الإيراني بأي ثمن".
وتابع أن "القتال اتخذ منحى دمويًا واشتباكًا عنيفًا على مدار الساعة تسبب بحصد أرواح آلاف الجنود من كلا الطرفين المتحاربين؛ كونها كانت حرب استنزاف لكثير من الموارد".
وبيّن أن "العراق شن هجومًا واسعًا في 17 نيسان/أبريل 1988، تمكن من خلاله تحرير الفاو، وبالتزامن مع مطلع شهر رمضان، ولهذا سميت بعمليات رمضان المبارك".
وأكد أن "مدينة الفاو لها أهمية استراتيجية وعسكرية، وما يؤكد ذلك توقف الحرب بعد 4 أشهر من تحريرها واقتناع الجانب الإيراني من عدم جدوى الحرب مع العراق".
واختتم الوكيل قوله، إن "أهمية الفاو في الوقت الحالي تتمثل بمشروع ميناء الفاو والذي من المؤمل أن يصبح رئة العراق ومنفذه الاقتصادي على شواطئ الخليج".
1- الأهمية الاقتصادية
وفي مقابلة مع شبكة "الساعة" قال الخبير في الشأن الإيراني، فراس الياس: "حظيت الفاو في حرب الثماني سنوات بأهمية كبيرة في النسق العسكري ومسرح العمليات العسكرية لكلا البلدين لأهميتها الاقتصادية والسياسية وعسكرية".
وأضاف أن "الأهمية الاقتصادية جاء من أن البلدين يعتمدان على امدادات الطاقة وهنا نتحدث عن تصدير النفط في منطقة الخليج العربي من أجل إمداد الجهد الحربي وبالتالي بغداد وطهران يدركون الأهمية الاقتصادية لمنطقة الفاو ودورها في تسهيل عملية نقل النفط وهو ما بدا واضحا خلال حرب الناقلات والتي بدأت عام 1986".
وبين أن البلدين راهنا على أهمية الفاو الاقتصادية فضلا عن دورها في عرقلة الجهد الحربي للطرف الآخر مما يؤثر على الاستراتيجية العسكرية في مسرح العمليات".
2- الأهمية السياسية
ذكر إلياس أن "للفاو أهمية كبيرة في تقوية الشروط التفاوضية لطرف على حساب الآخر، وهو ما أدركه الطرفان، فأصرت إيران عقب احتلال الفاو على رفض قرار وقف إطلاق النار، وخطط العراق على مدار سنتين لاستعادة أراضيه".
وأوضح أن "الجانب الإيراني كان يسعى من خلال السيطرة على الفاو لإجبار الجيش العراقي على الانسحاب من الأراضي التي كان قد سيطر عليها منها خرامانشاه ومناطق آخرى في الحدود الشمالية.
3- البعد العسكري
مثلت الفاو في حرب "الخليج الأولى" عمقا استراتيجيا لأي طرف يسيطر عليها فكان العراق ينظر أن استعادة الفاو تمكنه من الاندفاع نحو العمق الإيراني.
وأكد إلياس، أن "أهمية الفاو العسكرية بالنسبة لإيران، هو تسهيل فتح ممر بري نحو محافظة البصرة وكربلاء وبغداد ومن ثم إسقاط النظام العراقي، حسب ما كان يصرح جنرالات الحرس الثوري والمرشد الأعلى، الخميني".
ولفت إلى أن "تحرير الفاو كان نقطة تحول كبير في الحرب لصالح العراق؛ إذ أن نجاح القوات العراقية بتحرير الفاو والتداعيات العسكرية التي عقبت التحرير جعل الجانب الإيراني يجبر على قبول القرار وهذا بدا واضحا في تصريح الخميني الشهير عندما وصف الموافقة على وقف إطلاق النار بتجرع كأس السم".
وبين أن "طهران كانت تسعى لاستنساخ تجربة الجولان السوري الذي سيطرت عليه إسرائيل وجعل الفاو ملف تبتز به العراق في مرحلة ما بعد الحرب".
وتابع: "كانت تسعى أيضا لحرمان العراق من الإطلالة البحرية على منطقة الخليج العربي وأن تحييد الحدود التي تربط العراق مع الكويت وكذلك الدول الخليجية الأخرى".
وأضاف الخبير بالشأن الإيراني، أن "هناك أكثر من هدف تسعى إيران لتحقيقه في وقتها من خلال ضم جزيرة الفاو، حتى أن السلطات الإيرانية غيرت اسم الفاو بعد احتلالها لاسم الفاطمية واستمرت التسمية لمدة عامين".
بداية الحرب
بدأت الحرب العراقية الإيرانية، والتي تعد أطول حرب في القرن العشرين، على إثر التوترات التي نشبت بين البلدين عام 1980؛ حيث بدأت اشتباكات حدودية متقطعة.
اشتد الخلاف بين العراق وإيران حول ترسيم الحدود خاصة في منطقة شط العرب المطلة على الخليج العربي الغني بالنفط، بالإضافة إلى الاشتباكات العسكرية المتقطعة بين البلدين، وبذلك كان هذا على رأس أسباب عدة ساعدت على قيام الحرب.
ما دفع الرئيس العراقي، آنذاك صدام حسين، إلى "تمزيق" اتفاقية الجزائر 1975 مع إيران واعتبار مياه شط العرب كاملة، جزءاً من المياه الإقليمية العراقية، وذلك على إثر قصف إيران البلدات الحدودية العراقية في الرابع من أيلول 1980 معتبراً ذلك بداية للحرب.
وبعد تاريخ طويل من النزاعات الحدودية، تطورت الاشتباكات لتصبح حربا شاملة بين البلدين، في أيلول/سبتمبر 1980.
نهاية الحرب
بعد مرور 3 أشهر على انتصار العراق بمعركة "رمضان المبارك" والتي حرر على إثرها العراق الفاو المحتلة من قبل الإيرانيين، وافقت طهران في 18 تموز/يوليو 1988 على وقف إطلاق النار.
وانتهت الحرب على إثر موافقة إيران على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 598 لسنة 1987، والذي نص على وقف فوري لإطلاق النار بين العراق وإيران وإعادة أسرى الحرب إلى وطنهم، وانسحاب الطرفين إلى الحدود الدولية.
كما نص على تعيين فريق من المراقبين لرصد وقف إطلاق النار بينما يتم التوصل إلى تسوية دائمة لإنهاء الصراع.
وخلّفت الحرب نحو مليون قتيل وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار أمريكي، ودامت لثماني سنوات لتكون بذلك أطول نزاع عسكري في القرن العشرين.
سميت الحرب بحرب الخليج، لاحقاَ أضيفت صفة "الأولى" إلى اسم الحرب، لتمييزها عن الحرب التي تلتها، التي سمّاها بعض المؤرخين والكتاب حرب الخليج الثانية.
1491 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع