قانون تحرير العراق من النظام ام من ايران؟!

أ.د. عبدالسلام الطائي
أستاذ علم الاجتماع

قانون تحرير العراق من النظام ام من ايران؟!

الشيطان يكمن بالتفسير!
نظرا للالتباس الحاصل لدى بعض الساسة والسياسيين عن جهل او عمد، بشان تفسير النص القانوني سياسيا لمشروع قانون تحرير العراق المقدم الى الكونغريس الأمريكي .2025 . خيل للبعض وكانه يدعو الى تغير النظام الحاكم! . في مستهل الحديث، لابد من الإشارة بان مشروع القانون يعد بمثابة دعوة لاستخدام العراقيين ك"شرطة نجدة" لتخليص أمريكا من ايران! . ولا مناص من القول هنا، ان هذا الالتباس جعل العراقيون ما بين، متفائل ومتشائم و(متشائل) اي لا ابالي، لفقدانه بوصلة التفاؤل والتشاؤم!. نتيجة الوعود والإخفاقات المتكررة التي تعرض لها، ادت الى زيادة القلق، الاكتئاب والإحباط والياس وفقدان الثقة بالنفس وبالمؤسسات. حتى اصبح من الصعب على العراقيين التمييز بين الحقيقة والخيال .بعين الوقت، ان الجمهور بات ينظر الى تلك الجهة ومفسريها وكأنهما غير قادرين على تفسير القوانين بشكل صحيح.
كاكاديميين، حري بنا فك هذه التداخل القانوني وتداعياته السياسية. وانطلاقا مع ما تم ذكره، لا بد من البحث في نوايا واليات ومستلزمات نجاح قانون "كلينتون الديمقراطي" لتحرير العراق لعام 1998 او بالأحرى للتدمير الشامل، وما تلاه من اليات خاوية ومحبطة في قانون ترامب الجمهوري لعام 2025 لتحرير العراق من النظام!. تجدر الإشارة، ان ضعف ايران سيشكل قوة للحركة الوطنية لا محال، ينبغي استثمارها بالطرق المشروعة دوليا وشرعيا لإزاحة ايران ونظامها الحاكم بالعراق معا، لا النفوذ الإيراني فقط، ولا يتم ذلك، الا بثقافة العقل واليد على الزناد او التلويح بها على اقل تقدير على غرار ما حصل بسوريا وأفغانستان. فلم تتحرر سوريا الا بعد اقتران القول بالفعل على الأرض فنالوا بتحرير بلدانهم، رضا الله والشعب واستحسان المجتمع الدولي. ولا يفوتنا ان ننوه، بان الأوطان تحررها الشعوب بالقوة والحكمة، لا بالمؤتمرات والتغريدات ولا بالصلوات والتكبيرات فقط بل باستخدام كافة الوسائل المشروعة .. ف "لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ له". طالما الدفاع عن الحق يتطلب القوة مع الحكمة. (الشافعي)
قانون تحرير العراق 1998!
صدر هذا القانون في عهد الرئيس بيل كلينتون. كان يهدف ذلك القانون الى تغير النظام الوطني في العراق صراحة، تحت ذريعة القضاء على الدكتاتورية واسلحة الدمار الشامل في العراق. فحلت أحزاب الدمار الشامل محل أسلحة الدمار الشامل المزعومة!. تجدر الإشارة هنا بان:
.الهدف الأساسي لقانون 1998: كان تغير النظام الوطني ودعم (المعارضة العراقية) لتأسيس حكومة (ديمقراطية)!
. الغايات: شيطنة النظام، حيث سلطت الضوء على ما يسمى بانتهاكات النظام السابق للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة!
. الإجراءات: التي اتخذت لتقويض النظام الوطني، تجسدت بدعم (المعارضة العراقية) وتقديم المساعدات العسكرية والمالية والإعلامية لها، بالإضافة إلى الضغط الدولي.

اما مشروع قانون تحرير العراق الاخير فان :
 الهدف الأساسي : منه هو تقليص النفوذ الإيراني داخل العراق وليس اسقاط النظام السياسي الحالي! بحجة تعزيز (السيادة)
الغايات: تفكيك الشبكات السياسية والاقتصادية المرتبطة بإيران، واجتثاث الفصائل المسلحة المرتبطة بها.
الإجراءات : مراجعة العقود الاقتصادية، تعزيز الأجهزة الأمنية والعسكرية على أسس وطنية، ودعم المجتمع المدني العراقي.

التداعيات
انطلاقا مما سلف فان لمشروع القانون سيؤدي الى خلق حالة من :
الفراغ السياسي: جراء اجتثاث ساسة وسياسيين، قادة وميليشياوين. تتيح المجال لقوى وطنية جديدة دخول مرحلة شم النسيم السياسي المنعش. قد تليها تغييرات مباشرة وغير مباشرة في موازين القوى داخل النظام الحاكم ينبغي استثمارها بالقوة والحكمة.
ولا مناص من القول، ان لهذا القانون تأثيرات واسعة أخرى على: الأمن والاقتصاد والمجتمع على صعيد :
1. الأمن، ربما سيؤدي الى : إعادة بناء الأجهزة الأمنية، بعيدًا عن الطائفية والنفوذ الإيراني لحد ما، قد يعزز ذلك الاستقرار الأمني.
2. الاقتصاد: سيوفر فرص اقتصادية جديدة :جراء تقليل النفوذ الإيراني، نتيجة ذلك سيفتح الباب أمام شراكات تجارية جديدة متعددة الجنسيات، مما يعزز التنوع الاقتصادي.
3. المجتمع، سيؤدي:
4. ربما الى استعادة الهوية الوطنية: جراء وقف التدخلات الإيرانية.
5. دعم المجتمع المدني :من المحتمل ان يزداد دور المجتمع المدني في تشكيل السياسات العامة.
6. العلاقات الدولية: تطبيق هذا القانون سيعزز العلاقات مع الولايات المتحدة وحلفائها الخليجين، مما قد يؤدي إلى دعم دولي أكبر للعراق. مثلما حصل بسوريا.
تحديات محتملة وهي:
1. تحديات داخلية: سيواجه القانون معارضة قوية من القوى السياسية والفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات الداخلية.
2. تحديات اقتصادية مؤقتة: ان مراجعة العقود مع إيران قد تسبب اضطرابات اقتصادية قصيرة الأمد، خاصة في قطاعات تعتمد على التعاون مع إيران.
مستقبل العراق
مشروع القانون قد يكون له تأثيرات كبيرة على مستقبل العراق، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي. ومن بين تلك التأثيرات المحتملة:
1. تقليص النفوذ الإيراني واستعادة العراق جزءًا من استقلال قراره السياسي والاقتصادي.
2. إعادة بناء المؤسسات: القانون قد يمهد السبيل لإعادة بناء الأجهزة الأمنية والعسكرية على أسس غير دينية او طائفية او عرقية محتملة.
3. ضبط الحدود ومنع تهريب الأموال والأسلحة والنفط والمخدرات..
الاستقراء الختامي
لمشروع القانون اذن، حسنات وسيئات وتداعيات، عراقية وإقليمية ودولية هي:

أولا: عراقيا
1. أمريكا اسقطت النظام الوطني بالإيرانيين وتريد بهذا القانون إزاحة ايران بالعراقيين، ليكونوا شرطة نجدة" لها ووقود مجاني.
2. القانون محاولة احتواء للعراقيين الوطنيين ليكونوا بمثابة حمالة حطب لأمريكا، وعلى الأخص شباب تشرين، دون توفير الحماية والاسناد التي وفرها قانون 1998 للمعارضة الولائية لإيران آنذاك!
ثانيا: عربيا وإقليميا ودوليا
على ما يبدو، كان لتأسيس ايران للحشد (الشيعبي) والحوثي وحزب الله ليصبحوا خفر سواحل وحرس حدود لإيران لحماية البحرين، الأحمر والأبيض. اما ظاهر استفزاز ايران لإسرائيل وللسفن الامريكية فهو غير ما في باطنها_ تقية_ من مارب. ونظرا لتجاوز رجال الدين النوويين الخطوط الحمراء في مشاكستهم لإسرائيل. ترى اليوم أمريكا بانه قد ان الأوان لتقزيم أدوات ايران في العراق بطريقة درامية او تراجيدية بغية:
1. تمهيد السبيل لأمريكا للسيطرة على المجال الحيوي للتجارة البحرية العالمية الممتد ، من بحر العرب الى بحر الصين الجنوبي والمار جميعها بمضيق هرمز !
2. وإسرائيليا، من اجل ان تمتد حركة الملاحة التجارية والعسكرية من ميناء بيروت وبانياس وميناء غزة، شرق المتوسط الى حيفا، وجميعها الان تحت المرمى الإيراني الأمريكي الاسرائيلي!.

اما بشان التراشقات بين تلك الميليشيات والسفن الامريكية، ما هي الا قنبلة صوتية ليس الا، حيث كانت مسوغا لاستقدام الفرقاطات وحاملات الطائرات البحرية الامريكية وتطبيع دولة الامارات وغيرها .
وعلى الرغم من هذا وذاك تجدر الإشارة، بان هذا القانون فيه فسحة امل وعمل، على القوى الوطنية استثمارها. للتخلص من النفوذ الإيراني عسى ان تكون خطوة أولى نحو الاستقلال الكامل لإعادة العراق الى موطنه العربي وسابق عزه ومجده بغية دمجه بالمجتمع الدولي. ولن يحصل ذلك ما لم تسلك القوى الوطنية ذات الطريق الذي سلكته سوريا وأفغانستان. عسى ان ينطبق علينا ايضا قوله تعالى: {{ أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير }} الحج: " 39"
ترقبوا مشكورين مقالنا القادم : ايران وامريكا، ماذا بعد المفاوضات؟

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1399 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع