في ذكرى تأسيسه .. شارع الرشيد أيقونة بغداد الذي احتضنت مسارحه أم كلثوم والريحاني وناظم الغزالي

    

تسميات شارع الرشيد تبدلت لعدة مرات إلى أن استقر على هذا الاسم عام ١٩٣٦

الجزيرة/قحطان جاسم جواد:يكاد شارع الرشيد يلخص تاريخ بلد وأزمة وطن لكثرة ما يروي عن نفسه من إرث وأناس مروا عليه.

    

وشارع الرشيد أنشأه أول مرة خليل باشا حاكم بغداد وقائد الجيش العثماني وسمي باسمه (خليل باشا جادة سيتي)، وافتتح في ٢٣ يوليو/تموز ١٩١٦ وهو يوم إعلان الدستور، ويمتد من الباب الشرقي إلى باب المعظم، وكان الغرض منه تسهيل سير العربات العسكرية.

   

ثم تطورت الأمور ليصبح الشريان الرئيسي لمدينة بغداد، وهو أشهر شارع عراقي، لما ضمه من شواهد سياسية وعمرانية وثقافية وفنية.

وتبدلت تسميات الشارع لعدة مرات إلى أن استقر الاسم على شارع الرشيد عام 1936 الذي أطلقه العالم اللغوي والمؤرخ العراقي مصطفى جواد تيمنا بالعصر الذهبي للخليفة هارون الرشيد، وأخذت به أمانة العاصمة المسؤولة عن تسميات الشوارع، وظل الاسم إلى يومنا هذا.

    

وشهد الشارع محاولة اغتيال فاشلة لأول رئيس للوزراء عبد الكريم قاسم بعد انقلاب 14 يوليو/تموز 1958 الذي أطاح بالنظام الملكي.

    

مسرح الهلال احتضن كبار المطربين العرب في النصف الأول من القرن الـ20

   

أبرز المعالم
ومن أبرز الشواهد الفنية في الشارع شركة جقماقجي لتسجيل الأسطوانات الموسيقية والغنائية، وتقع في أول طريق شارع الرشيد من جهة الباب الشرقي، كما يقول الباحث التراثي باسم عبد الحميد حمودي للجزيرة نت.

    

وشركة جقماقجي -التي تأسست عام 1918- مؤسسة عريقة حفظت تاريخ العراق الموسيقي والفني من خلال أسطواناتها التي سجلتها لأساطين الغناء العراقي مثل محمد القبانجي وناظم الغزالي وداخل حسن وحضيري أبو عزيز وناصر حكيم وسليمة باشا وعفيفة إسكندر وغيرهم.

       

ولم تقتصر اهتمامات الشركة على الغناء العراقي، بل كانت تسجل للمطربين العرب أيضا كأم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وفائزة أحمد وغيرهم.

وانحسر نشاط شركة جقماقجي في تسعينيات القرن الماضي بسبب ظهور الكاسيت وأقراص الـ"سي دي" (CD)، وتعرضت للسرقة والتخريب بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003.

ويتحدث حمودي عن أبرز مسارح وملاهي شارع الرشيد، وهو ملهى روكسي الذي شهد في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي زيارات لفرقة بديعة مصابني أشهر الفنانات الاستعراضيات في حينه.

       

أما مسرح الهلال فقد غنت فيه كوكب الشرق أم كلثوم عام 1932، كما غنت فيه المطربة المصرية نادرة صاحبة الأغنية الشهيرة "يقولون ليلى في العراق مريضة فيا ليتني كنت الطبيب المداوي"، وكذلك المطربة منيرة المهدية التي سبقت أم كلثوم إلى بغداد عام 1919، وغنت في سينما سنترال ثم ملهى الهلال، إلى جانب العازفين اليهوديين صالح وداود الكويتي، وهما اللذان أسسا الأغنية العراقية الحديثة، إضافة إلى سفير الأغنية العراقية ناظم الغزالي وزوجته سليمة مراد.

   

كما كانت هناك مجموعة من دور السينما في شارع الرشيد مثل رويال وسنترال والرشيد والزوراء والوطني والرافدين الصيفية..

     

ومن الدور السينمائية الباقية حتى يومنا هذا سينما الزوراء وتحولت إلى مسرح ثم مجمع تجاري، وسينما روكسي التي تحولت إلى مسرح النجاح حاليا.

ذاكرة بلد
وكتب الصحفي صادق الأزدي في ذكرياته الفنية عن شارع الرشيد قائلا "في العشرينيات من القرن الـ20 زارت بعض الفرق الفنية المصرية العراق، وكان لها دور في تطوير الحركة الفنية".

   

وأشار الأزدي إلى أن "صالة سينما الوطني شهدت عرض أول مسرحية لفرقة الفنانة الكبيرة فاطمة رشدي، كما زار الفنان اللبناني جورج أبيض وفرقته هذه السينما وقدم عروضه فيها، وقبل ذلك جاء الفنان المصري أمين عطا الله وفرقته (كش كش بك)، واستأجر سطحا مكشوفا مقابل مقهى عارف آغا في شارع الرشيد لعرض تمثيلياته".

بدوره، قال سعدون الجنابي مؤلف كتاب "رحلة في ذاكرة شارع الرشيد" للجزيرة نت إن المعالم الأخرى في شارع الرشيد معاهد ومدارس لتعليم الرقص والموسيقى الغربية المستوحاة من السينما الهوليودية، ومن أبرزها معهد الفنان جميل بشير في منطقة المربعة في شارع الرشيد.

   

وأضاف الجنابي أن المطربتين نرجس شوقي وفايزة أحمد قدمتا حفلات غنائية في سينما روكسي وسينما الوطني في شارع الرشيد، وكان تلفزيون العراق في بداية تأسيسه في خمسينيات القرن الماضي ينقل الحفلات الغنائية مباشرة.

   

واحتضن الملحن العراقي الراحل رضا علي الفنانة الراحلة فايزة أحمد في بداية مشوارها الفني، وقدم لها مجموعة من الألحان، مثل "ها شبيك يا قلبي"، و"خي لا تسد الباب"، و"ميكفي دمع العين"، و"روح الله وياك اتمهل بحبك"، ثم سافرت إلى مصر وحققت الشهرة هناك، بحسب الباحث عبد الحميد حمودي.

   

زيارة أم كلثوم
أما الزيارة الأهم لملهى الهلال في شارع الرشيد فكانت لأم كلثوم عام 1932، حيث وصل سعر تذكرة حفلاتها إلى أسعار مرتفعة حينها، ونشرت جريدة الاستقلال مقالا عن الزيارة بعنوان المقال "سحر بابل وفرعون في ملهى الهلال"، وقالت إن أم كلثوم قدمت 12 حفلة بداية من 18 أكتوبر/تشرين الأول 1932.

وكان الشاعر العراقي معروف الرصافي من بين المستقبلين لكوكب الشرق في المطار، وألقى قصيدة بالمناسبة مطلعها "أم كلثوم في فنون الأغاني أمة وحدها في هذا الزمان".

   

كما زار الموسيقار محمد عبد الوهاب بغداد، لكنه لم يغن في شارع الرشيد، بل غنى في المعرض الصناعي الزراعي بمنطقة الصالحية (وسط العاصمة العراقية).

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

537 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع