مهارشة الديوچة
من هوايات البغادة هذه المكاسرة التي كانت شائعة في بغداد إلى جانب هوايات أخرى كمناطحة الكباش وتربية الطيور والمنطرد وسماع القصة خون وكان لهواة مكاسرة الديوچة مقاهي خاصة إنتشرت في الأعظمية ومحلة الفضل وباب الشيخ بالرصافة وسوق الجديد بالكرخ وغيرها حيث يختلف الهواة على مقهى التبانة في الفضل وگهوة الچول في محلة باب الشيخ وگهوة التنكة في محلة الصدرية وفي ساعات يتفق عليها المراهنون تبدأ المهارشة بين ديچين كانت هذه الهواية معروفة في بغداد منذ القرن الخامس الهجري توارثها البغداديون جيلا عن جيل
وتنحصر ديوچة الكسار بين هذه الأنواع
الديچ الهراتي
أصله من مدينة هرات المشهورة في خراسان هو أكبر من الديك العراقي حجما وليس له عرف وعيونه حمراء يمتاز بذيله المنخفض للأسفل وبالزائدة الصغيرة فوق رأسه
الديك العربي أو العراگي
وهو ديكنا المشهور بعرفه الكبير وذيله المتعالي بتقوس كذلك منقاره المدبب تختلف ألوان الديچين المذكورين بين الأملح (الشوكي) والأصفر وبين الأحمر والأسود وهما من حيث العمر ضربان (مخلف وفحل) يتراوح عمر المخلف بين شهرين و3 أشهر وعمر الفحل بين 6 أشهر ولا تباح المكاسرة بين مخلف وفحل لوجود (ناب) في رجل الفحل لم يظهر بعد في رجل المحلف والمعروف أن الديچ يستعمل رجليه ومنقاره في المكاسرة ومن هنا عدم التكافؤ بين المخلف والفحل
يتراوح ثمن الديچ الماهر الأصيل بين 30 - 50 دينارا رغم ذلك فإن مصيره المزبلة إذا مات يطرح فيها بلا دفن
عرف البغداديون من أسماء هذه الديوچة: بگ وبطل العراق وإبن الرافدين وبغدادي ومحبوب وزيدون والبطل
الطريف أن بعض الكلمات الدخيلة التي شاعت في سباق الخيل شاعت أيضا في عراك الديوچة إستعمل المتراهنون في كلا المضمارين كلمتي (فيبرت) و(فلوك) الجدير بالتنويه أن أصل (فيبرت) favorite وهو إنگليزي بمعنى المرجح وهو ماتجمع الآراء على أنه سيفوز في قصب السبق بينما أصل (فلوك) fluky وهو إنگليزي أيضا المكتسب بالمصادفة وعلى هذا الأساس يعرف أغلب المتراهنين ديوچة المكاسرة معرفة تامة ويراهنون إعتمادا على هذه المعرفة فلا عجب إذا راهن فلان بربع دينار على (الفلوك) مقابل دينار أو أكثر
مصطلحات خاصة بالمكاسرة
البوجة: ساحة السباق وهي دائرة مرسومة على الأرض يتراوح قطرها بين 5-6 أقدام
الملاشي: مساعد الديك حيث يقوم بتنظيف منقاره ومداواة جراحه بعد إنتهاء المكاسرة
الحكم: المسؤول عن إنفكاك الديچين المتكاسرين فيما إذا إشتبكا وعن إعلان نتيجة الفوز
المكاسرة: يبدأالنزال بوضع الديچين المتكاسرين في (البوجة) التي تحاط بجمهرة كبيرة من الهواة مشاهدين ومرتهنين ويعلو الصياح تشجيعا خلال المناقرة والهراش بالقدمين عندما يقفز أحدهما على الآخر وهما ينفشان ريش عنقيهما التي أطلق عليه اللغويون إسم البرائل
لا يحدد وقت للمكاسرة فهي تستمر أحيانا ساعة أو أكثر يعلن بعدها الحكم (التعادل) وتعاد دراهم المراهنة لأصحابها أما نتيجة الفوز فتتوقف على إنهزام أحد الديچين وخروجه من البوجة فيعلن الفوز عندئذ للديچ الذي ظل في البوجة
البارولات: (بتفخيم اللام) معناها الحيل إذ لا تخلو مراهنة من بعض الحيل طمعا في كسب مادي فهناك إتفاقات تعقد بين أصحاب الديوچة المتكاسرة بالخفاء تؤدي لخسارة الديك (الفيبرت) ليتقاسموا الأرباح فيما بعد
ومن هذه الحيل
1- إطعام الديچ الفيبرت بعض الحبوب المخدرة
2- شحذ منقار الديچ الفلوك وجعله حادا لتؤثر نقرته تأثيرا جارحا
3- يطعم الديچ الفلوك فلفل أسود مغلف بشرائح اللحم لتعزيز شجاعته وجسارته
4- دهن رأس الديچ الفلوك بمعجون الدهن الحر مع الترياك كذلك رقبته (لغاليغه) حنى إذا نقره الديچ الفيبرت داخ وخسر
هذه اللعبة تجرى فيها مراهنات على الصراع بين الديوچة وتتم المباراة بإجتماع المتراهنين حول حلبة مستديرة صغيرة يتصارع فيها الديوچة (تربى وتمرن على المصارعة) وجها لوجه ثم تطلق من أيدى قابضيها لتتصارع وتوضع في أرجلها قطع معدنية مشحوذة حتى تكون ضرباتها مميتة وتوجد صور متعددة من صراع الديوچة منها ذات الجولة الواحدة ومنها ما تتعدد جولاته حتى ينتصر أحد الديچين
عرفت اللعبة في أسيا وأمريكا اللاتينية وقديما في فارس واليونان وروما وفي إنكلترا ظل صراع الديكة يتمتع بالرعاية الملكية عدة قرون لكن أصدر البرلمان سنة 1948 قانونا يعاقب كل شخص له علاقة بهذه اللعبة ويحرمها القانون في بعض المناطق بالولايات المتحدة كما تحرمها كثير من القوانين في أنحاء العالم بإستثناء جزيرة بالي في أندونوسيا التي تعتبرها لعبة قومية ذات طابع ديني..
المصدر:صورة بغداديات أيام زمان.
722 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع