خُبْزِالْتَنْوُرِ فْي ضَوُاحْي بَغْدَادْ أيْامْ زَمْانْ
قبل فترة نشر راعي الگاردينيا الأخ جلال چرمگا مَقالاً مُهمَاً وشَيقَاً عن الخبز والخبازين أيام زمان في مدينة السليمانية ، هذا المقال حَفّزَ ذاكرتي لكتابة هذا المقال عن كيفية إعداد الخبز في ضواحي بغداد في فترة الخمسينات من القرن الماضي .
لزيادة الإيضاح والتشويق قُمْتُ بكتابة الموضوع وِفْقَ العناوين التالية:
أ. صِناعَة وَبِنْاءِ تَنْوُرُ الْطِينِ
أولاً. كان ولايزال يوجد في مناطق بغداد مُتَخَصِصين بصناعة تنانير الطين فيجب أولاً الذهاب لشراء التنور من هؤلاء المتخصصين بهذه الصناعة البسيطة والمهمة للغاية التي بِواسِطَتِها يَنْتُجُ قُوُتُ العائلة اليومي من الْخُبُزْ.
ثانياً. يُنْتَخُبَ مكان في أحد زوايا البيت البعيدة عن المواد القابلة لِلْإشْتِعال يُبْنى فيه التنور .
ثالثاً.عملية بناءِ التنور تحتاج إلى عناية فائقة يجب أن يوضع بين الجدار الخارجي وبين جدار التنور بقايا الحطب المحترق (الرماد) لغرض العزل الحراري وللحفاظ على جدارالتنور من الكسر لكونه رقيق نسبياً .
رابعاً. بعد إكمال عملية البناء تَبْدَأ عملية فخر التنور بحرق الحطب في داخله إلى أن يصبح الجِدارْ لَوْنُهُ أحمر يشبه الحديد عند تعرضه للنار في فرن الحداد وبإنتهاء هذه العملية يصبح التنور جاهِزاً لِشَيّ الْخُبُزْ.
خامساً. في أطراف بغداد الشمالية الشرقية يتيسر الحطب بكثرة من مادة كرب وسعف النخيل الذي يحتاجونه في شجر التنور أما في داخل مناطق بغداد العامة من الناس الذين يستخدمون التنور يوجد الحطابين المتجولين لبيع الحطب ، يشترون إحتياجاتهم من الحطب منهم .
ب. مرحلة إعداد الطحين
أولاً. مرحلة إعداد الطحين تبدأ بعملية شراء الحنطة من علاوي الحبوب في جانب الكرخ أو من الشورجة في جانب الرصافة الحنطة من النوع الْمُسَماةْ (الكُرْدِيَة) التي مكان زراعتها غالبا مايكون سهل شهرزور في السليمانية أوسهل حرير في أربيل أو الحنطة المسماة (صادر بيك) التي أقل جودة من النوعية الأولى .
ثانياً. يجري تنظيف الحنطة في البيت من الحبوب الغريبة الْمُسَماة (إدنان) تشبه حبة الماش ولونها أسود لكن طعمها مُرّ لذلك يجري تنظيفها بعناية .
ثالثاً. بعد التنظيف تُؤْخَذْ الحنطة إلى ماكنة طحن الحبوب بواسطة الخيل وفي ماكنة طحن الحبوب يقف عامل ( الدكرمان ) على مكان مرتفع وصاحب الحنطة غالباً ما يقف بجوار ( العين ) حيث ينساب الطحين من العين حاراً في كيس من النوع الخام الأسمر القوي بعد إكمال الطحن في الماكنة تبدأ المرحلة الثالثة.
ج. مرحلة عجن الطحين وخبازته
أولاً. تَأْخُذْ رَبَةِ البيت كيلة مُعَيَنَة من الطحين حسب عدد أفراد الأُسْرَة وتضعها في إناء كبير مصنوع من معدن الصفر يسمى ( النجانة ) بعد إضافة الماء زائداً الخُمْرة زائِدَاً نسبة قليلة من الملح إلى الطحين تقوم بعملية العجن بواسطة اليد بعد ذلك تغطى (النجانة) بواسطة غطاء مصنوع من الحلفة وخوص النخيل يُسَمى ( طُبَكْ ) لِفَتْرة تصل إلى ما يقارب الساعة وفي الشتاء تُلَفْ النجانة بِفِجْه مِنْ الصوف لحين أن يختمر العجين.
ثانياً. تهيئة التنور للخبز وَتُسَمى ( شجر التنور ) أي وضع الحطب وإشعال النار في داخل التنور لحين أن يفخر وهذه المهمة قد تقوم بها إحدى بنات الأُسْرة تليها عملية تقطيع العجين إلى كُراةْ وتسمى ( شنك ) او شنكة للواحدة المُفْرَدة.
ثالثاً. المرحلة الأخيرة وهي عملية شي الخبز وهذه تحتاج إلى خِبْرَة وَمُمْارَسة لأن ربة البيت أو الخبازة تتعامل مع العجين والنار داخل التنور بنفس الوقت كما تتطلب الْخِفْة والسرعة وإلا سَقَطَ العجين في النار وقد تتعرض يد الخبازة إلى حروق إذا تأخرت في لطش العجين على جِدار التنور الملتهب وتستخدم البعض من الخبازات المخدة الدائرية التي تسمى ( جَعْجْة ) بعد ذلك تتم مُراقَبَة شي الخبز لحين إن ينضج ثم يُخْرَجْ من التنور بواسطة قطعة حديدية تشبه ماشة الفحم تسمى ( المس ).
د. أكلات شعبية ترافق عملية الخبز
تقوم ربة البيت أو الخبازة بعمل عِدَةِ أكلات شعبية خِلال عملية الخبز وهي:
أولاً. ( خبز العروك ) أول الأكلات الشعبية العراقية المشهورة ، الخبازة تُضيفُ إلى الطحين قبل العجن لحم مثروم زائداً بصل وكرفس مثروم زائداً الْكُرْكُمْ زائداً ملعقة أكل من الزبد الحًرْ وتقوم بعملية العجن وبعد أن يختمر العجين تقوم بعملية الخبز وبعد أن يستوي في التنور يصبح جاهِزاً للأكل .
ثانياً. (عمل البابا غنوج ) تضع ربة البيت باذنجانه كبيرة الحجم أو أكثر داخل التنور عند إشعال النار تُشْوى الباذنجانه تلقائياً بعد ذلك تقوم بإخراجها وبعد شرطها بسكين تُخْرَجُ محتويات الباذنجانه المشوية وتضعها في إناء وَتُضْيفُ لها قليل من الملح وملعقة أكل من الدهن الحُرْ وتهرسها بالملعقة إلى أن يمتزج الخليط وتصبح جاهزة للأكل ويُضافُ إلى الخليط أحياناً ملعقة أكل من مادة الراشي .
ثالثاً. (عمل المريس ) تقوم الخبازة بتأخير رغيف أو أكثر من الخبز داخل التنور حتى يَسْتَوُي أكثر ( يَّكَسِبْ ) وبعد إخراجه من التنور تقوم بتقطيعه وهو حارإلى قطع صغيرة وتضعه في إناء وتضع عليه ملعقة أكل من الزبد الحُرْ وملعقتين أو أكثر من الدبس وتقوم بعملية الخلط ويصبح جاهِزَاً للأكل ، هذه الأكله يحبها الصغار لمذاق طعمها الحلو.
رابعاً. (شوي ثمار نبات الألمازه) هذه الثمرة تُزْرَعْ في العراق فقط وتستخدم في عمل الطرشي ، تضع الخبازة عدد من ثمار الألمازه الكبيرة الحجم عند شجر التنور وتُشْوى تلقائياً بالنار وعند إخراجها يتم إزالة قشرها الرقيق وتُقَطَعْ وتُوضَعْ في إناء ويُرَِشُ عليها قَلِيلْ من الملح وتصبح جاهزة للأكل مع الخبز الحار.
خامساً. (شوي اللحم) الْمَيْسُورِينْ في ذلك الزمان تقوم ربة البيت بتقطيع لحم الغنم إلى قطع كبيرة الحجم نسبياً وتضعها بشيش يبلغ طوله متر وتضع بين كل أربعة قطع لحم رأس بصل صغير الحجم ثم تضع الخبازة الشيش داخل التنور طولياً إلى أن يُشْوى اللحم .
فَوْزِي الْبَرَزَنْجيّ
9 آذار 2015
1385 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع