شارع محمد علي في القاهرة

   

شارع محمد علي، سمى على اسم مؤسس مصر الحديثة.

               

هذا الشارع قام بتخطيطه المهندس الفرنسي "هوسمان" الذي خطط شارع ريفولي في باريس، ولقد قام هذا المهندس بتخطيط "شارع محمد علي "، على نفس طراز شارع "ريفولي".

اعتمد في تصميمه على رسم خيوط الشارع من طريقها بين ميدان العتبة وحتى شارع عبد العزيز في وسط مدينة القاهرة. قبل خمسين عامًا، وكان هذا هو مركز للفنون الشرقية في القاهرة.

في ذلك الوقت، إذا احتاج أحد إلى "راقصة محترفة"، لحضور حفل زفاف أو الفرقة الشرقية للعب في حفل خاص، ومكان تذهب اليه.

أما في هذه الأيام، فإنها لا تزال أفضل مكان لشراء صك المهنية الموسيقية، أو إصلاح أحدها.

   

ويعد شارع محمد علي من أهم شوارع القاهرة في العصر الحديث ومن أهم معالمه "مسجد قيسون - وحمام بشتك - سوق السلاح - والمناصره والتي تشتهر حاليا بالمنتجات الخشبية"

- يبدأ شارع محمد علي من مسجد النصر الآثري - ميدان القلعة - وينتهي بميدان العتبة الخضراء بطول 2 كيلو متر تقريبًا وأهم ما يميزه البواكي الحجرية ذات الطراز الفرنسي - والتي لم يتبق منها إلا القليل.

ومن ميدان العتبة الخضراء، الذي كانت يسمّى ميدان محمد علي، يبدأ الشارع وفي عهد الخديوي إسماعيل نصب تمثال لمحمد علي باشا يمتطي حصانه وبالقرب منه ميدان إبراهيم باشا نجل محمد علي أشهر وأبرع قادته، وفيما بعد تم نقل تمثال محمد علي إلى ميدان المنشية في الإسكندرية.

يقطع "شارع محمد علي" في نصفه "شارع بورسعيد" الذي كان يُسمى شارع الخليج المصري وبه مسجد السيدة زينب والعديد من الآثار.

ترجع شهرة شارع محمد علي الفنية إلى قربه من الأوبرا الخديوية التي أنشأها الخديوي إسماعيل وعلى مقربة منه منطقة الأزبكية التي ضمت المسارح الفنية ومقاهي وكازينوهات أهل الفن والمغنى وبالقرب منه شارع عماد الدين الشهير بدور السينما والمسرح.

ومن خلال نشاطاته عرف الملك فؤاد الأول دور النادي في النهوض بالموسيقى لينقل إلى المنزل رقم 7 في شارع البوستة في العتبة القريب من شارع محمد علي ثم جاءت فكرة إنشاء دار كبرى للموسيقى في شارع الملكة نازلي، رمسيس حاليًا وهو الموقع الحالي لدار الموسيقى العربية الذي افتتحه الملك فؤاد الأول في,1926.

كان طوال نصف قرن قبلة لعشاق الفن والموسيقي، وساهم كثيرا في تقديم نجوم الغناء والسينما، فقد أحترف أهله الطرب والرقص‏،‏ منذ أنشأ حسب الله الأول فرقته‏،‏ مع سنية كسارة وزوبة الكلوباتية‏.‏

ومازالت محال بيع الآلات الموسيقية موجودة في الشارع حتى الآن تعرض وتبيع الآلات على جميع مستوياتها من النحاسيات والآلات الإيقاعية مثل النقرزانات وآلات السنطور والفيولا والباندير والصاجات والمزمار البلدي والأرغول والناي والأكرديون والإكسلفون والبزق والعود التي تجذب السياح للتعرف على تاريخ الشارع.

إلا أن صخب المحال التجارية كالآثاث، الأدوات الكهربائية، عصفت بشارع " الروقان".

   

فتحول من مصنع للفنانين وآلاتهم الموسيقية، إلى معرض للآثاث ومحال الدعاية، والأختام.

ويقول رئيس فرقة حسب الله الحالي عم سامي بيومي، عن الشارع، أهل الفن هاجروا شارع الطرب، ونتواصل معهم فقط من خلال التليفونات، كما أن معالم الشارع نفسها تغيرت، فالكثير من المباني تم هدمها، وبناء أبراج مكانها، مشيرا أن " الدي جي"، أثر سلبيا على حال فرقة حسب الله، وأصبحت غير مقبولة كسابق عهدها، لكنها مثل " الفاكهة "، التي تطلب من حين لآخر.

ويقال عن الشارع أنه كان أفضل من أي حي راقي في القاهرة، ويسكنه أصحاب الحس المرهف، من فنانين، ومغانيين، وراقصات محترمات، أصبح الآن يسكنه الوافدون من الخارج، ويستيقظون كل يوم على صوت مشاجرة.

"شارع محمد علي" كما يؤكد أهل الفن، أنه أشهر شوارع القاهرة في احتضان الفن لقرون طويلة.. ومازال العديد من محال بيع الآلات الموسيقية شاهدة على هذا التاريخ.. وأكثر احتفاء بالآثار الإسلامية ، إذ يتوسطه متحف الفن الإسلامي ودرة دور المخطوطات (دار الكتب).

كما يضم الشارع متحف الفن الإسلامي، متمثلاً في أروع المشكاوات والقناديل والسجاد والعملات واللوحات والنقوش على الخشب والزجاج والنحاس والفضة ، الذي يرجع تأسيسه إلى أول القرن الماضي وافتتاحه العام 1903 ليكون أكبر مجمع للآثار الإسلامية الرائعة والنادرة التي تشمل العصور الإسلامية المختلفة.

أما دار الكتب والوثائق التي تضم المخطوطات النادرة وأمهات الكتب والمراجع والعملات الأثرية بالتناسق مع مبني آخر لدار الكتب والهيئة القومية للكتاب على كورنيش النيل في بولاق مقار مهمة تستقطب الزوار إذ أقيم متحف للمخطوطات والكتب والمراجع بينما تم تطوير المبني الكائن في شارع محمد علي وتحويله لمركز للدراسات العربية والشرقية.

ومن المدهش أن الشارع الذي عُرف بالفن، يضم العديد من المساجد الأثرية أشهرها مسجد السلطان حسن أجمل المساجد على مستوى العالم لما يحويه من عمارة إسلامية ، وفي مواجهته جامع الرفاعي الذي يضم ملحقًا يحتوي على مقابر ملوك وأمراء أسرة محمد علي حتى الملك فاروق ، وكذلك مدفن شاه إيران وهو المسجد الذي شيدته خوشيار هانم والدة الخديوي إسماعيل ويعد من الاماكن الجاذبة لزوار القاهرة.

كذلك هناك جامع الملكة صفية وهو مسجد عثماني أما جامع الأمير قوصون الذي يُطلق عليه العامة جامع قيسون فهو لأحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون.. أما جامع يوسف آغا الحين فهو مسجد من العصر العثماني وهو يتوسط شارع محمد علي في تقاطعه مع شارع بورسعيد في مواجهة دار الكتب ومتحف الفن الإسلامي.

فتاريخ الشارع يرجع لأكثر من 100 سنة، وكان يمتاز بتواجد الفنانين والأدوات الموسيقية، لكن لم تعد المهنة ذات رواج كبير خاصة مع انتشار "الدي جي"، فالناس بـ" تمشي حالها بأي حاجة"، ولا يعرف الجيل الجديد، قيمة الطبل الأصيل.

عددا كبيرا من أشهر الفنانين سكنوا شارع محمد على منهم، وعبد الحليم حافظ، قبل أن يلتحق بمعهد الموسيقى، كان أحد زوار الشارع، بالإضافة إلى حياة نجفة، ولولا البرنس، لوسي، سهير زكي، فيفي عبدة.

فهو "شارع الفن والفنانين" الذي انطلقت سمعته عبر عشرات السنين لتضاهي اشهر شوارع الفن في العالم مثل "برودوي" في نيويورك و"الحي اللاتيني" وغيرها من الشوارع التي اشتهرت بايواء الفنانين والفنانات. وكان المخرجون والمنتجون يذهبون الى"شارع محمد علي" لاكتشاف المواهب الموسيقية والتمثيلية وكذلك الكومبارس والمجاميع.

                    

ولعل تلك السمعة جعلت السينما المصرية تقدم واحدًا من ابداعاتها السينمائية حاملا ذات العنوان، وكان فيمًا من إخراج نيازي مصطفى ومن تأليف ابو السعود الإبياري، وتمثيل هاجر حمدي وحورية محمد وفردوس محمد ومحمود شكوكو وميمي شكيب وعبد الغني السيد. وكان ذلك عام ,1944.

وكذلك مسرحية"شارع محمد علي" التي قامت ببطولتها الفنانة شيرهان وفريد شوقي وهشام سليم ووحيد سيف وهي مسرحية استعراضية من تأليف بهجت قمر وإخراج محمد عبد العزيز والحان الدكتور جمال سلامة وحسن ابو السعود.

لكن الصورة الأن مختلفة، فلم يكن هناك فنانون ولا فنانات ولا راقصون ولا راقصات. بل القليل من المحال التي تبيع الادوات الموسيقية والاكسسوارات والكثير من المطابع والمحال التي تصمم بطاقات الدعوة للزواج واختام ويافطات البيوت والخطاطين. وكذلك احتلت عربات بيع الخضار والفواكه مكان"بسطات" جلوس الفنانين الذين كان يستعان بهم في الأفراح في سالف تلك الأيام .

ولعلنا نذكر افلام المخرج حسن الامام الذي كلما شاهدنا اعماله السينمائية تذكرنا شارع محمد علي.

يقول سكانه القدماء عنه، اصحاب"الكار" هجروه الى"شارع الهرم" الذي استقطب زبائن شارع محمد علي حيث انتشرت النوادي الليلية على امتداد"شارع الهرم".

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

417 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع