ذاكرة البصرة - فقراء، أغاوات و يهود : حكايات من سوق البصرة القديم

       

ذاكرة البصرة - فقراء ، أغوات ويهود :حكايات من سوق البصرة القديم

   

   

* ابو احمد كان وما زال شاهدا على سوق البصرة الشعبي القديم وما جاوره من بيوت بليت اساساتها وروت حيطانها الاف الحكايات وحواديث الزمان /

** / كانت بضاعة احد العطارين اليهود تلاقي رواجا كبيرا لاسيما من قبل النسوة لانه اعتاد ان يضيف كمية من علك الماء هدية مضافة لكل سلعة تشترى من دكانه ذاك /
*** / البقال التركماني ناجي صالح كان لديه خان تأتيه الواردات من شتى انواع الخضروات من قرى ابي الخصيب ومن الزبير والقرنة والمدينة معبأة بأقفاص تطلق عليها تسمية الركوك /

محمد سهيل احمد

  

التقيته في احدى بقالات سوق البصرة القديم . كنت حينها اسأل عن صنف نادر من البرتقال اسمه ( البرتقال الصيني ) فأجابني ذلك الرجل الوقور ساردا تاريخ ماكنت ابحث عنه فأدركت انني امام رمز من رموز المكان ، في تقلباته الزمنية والمكانية . ادركت جيدا ان ابا احمد كان وما زال شاهدا على سوق البصرة الشعبي القديم وما جاوره من بيوت بليت أساساتها روت حيطانها آلاف الحكايات وحواديث الزمان .

منذ بداياته كان سوق البصرة القديم لتلاقي باعة وبائعات ومشترين ومشتريات يفدن الى السوق من اجل التبضع او عرض حاجياتهن البسيطة من مكانس ومهفات خوص وليف استحمام وشدات خضار ومنتوجات البان وغيرها كثير .

حدثني ابو احمد عن ذكرياته في سوق البصرة القديم وما جاوره من بيوت ومقابر ومساجد : " كان معظم اصحاب بيوت هذا السوق من اليهود والذي ضم توراتين ( بيتين يهوديين للعبادة ) : التوراة القديمة والتوراة الجديدة . وقد اعتاد في الصباح الباكر التوجه مع واحد او اثنين من اصدقائه لمبنى التوراة القديم من اجل اطفاء الكهرباء والنفخ في اللمبات حيث كان احد الفراشين يقوم بإعطائنا ( القران ) كأجر لنا . وكان البالغون من اليهود يعتمرون السدارات السوداء . وكنت شخصيا ابتاع السويكة من شخص يهودي كان يكنى ( سلمان بشّة ) بعشرة فلوس لكل ربطة . وكنا نشاهد اليهود وهم يعرضون الرز المفروش على البلول جمع البلة (وهي الحصيرة المصنوعة من خوص النخيل ) .ولم يكن اليهود يعبأون بالربح فقد كان ربحهم من الكواني ( اكياس الرز ) فقط . ذلكم كان اسلوبهم بالبيع . كانت بضاعة احد العطارين اليهود تلاقي رواجا كبيرا لاسيما من قبل النسوة لانه اعتاد ان يضيف كمية من علك الماء هدية مضافة لكل سلعة تشترى من دكانه ذاك .

مدرسة الخليل ابن احمد

ويستذكر ابو احمد المدرسة الابتدائية التي التحق فيها فيقول : " كان بناؤها من سيور الجندل شيدت على الطراز العثماني حيث كنت واحدا من تلامذتها ، ايام نوري السعيد . وكان من معلميها محمد خنفر ، والاستاذ احمد ، وعبد الجبار والاستاذ منعم العلاو وآخرون . كان ذلك ايام نوري السعيد حيث كنا نعطى كتغذية مدرسية التمر والحليب ودهن السمك ، وكان دوامها متواصلا حتى بعد فترة منتصف النهار . "
السوق القديم
ويواصل ابو احمد التحدث عن سوق البصرة القديم قائلا : " بدأ سوق البصرة بأثني عشر بقالا وجلهم من باعة الرقّي الاسود المسمى ( الجرناف ) نسبة الى قرية الجرناف القريبة من القيارة في الموصل .وكان ، لكبر حجمه لايباع بشكل كامل انما كان يشرح بشكل حلقات تلف بقصاصات جرائد الى ان جاء الرقي الشاهودي ، ايام حكم الراحل عبد الكريم قاسم ، وكان في العادة يجلب بأبلام . وما زلت اذكر الدلال مطشر وهو من ابناء قصبة ( المدينة ) احدى قصبات القرنة . وكان صارما في عمليات بيع الرقي وفي تعامله مع ممثل الجمعيات الفلاحية فإن وجد فيه تكاسلا صرخ به ( نيّح) اي انصرف بعيدا عن المزاد ."
ويحدثنا ابو احمد عن البقال التركماني الأصل ناجي صالح الذي كان لديه خان تأتيه الواردات من شتى أنواع الخضروات من قرى ابي الخصيب ومن الزبير والقرنة والمدينة معبأة بأقفاص تطلق عليها تسمية ( الركوك ومفردها رك ) . وكان لديه حمال من بلاد فارس يدعى رمضان كان قوي البنية رغم قصر قامته . وكانت مهمة الحمال ــ في اوقات العصر ــ حمل قبان الخان الثقيل ووضعه في الساحة المجاورة لمقهى ام السباع كي يقام مزاد بيع الرقي في آخر النهار . وعرف عن ناجي انه كان قوي البنية تكاد صفعة واحدة منه ان تصرع المصفوع ولذا ادرج اسمه في لائحة المخفر القريب مع لائحة تعهد من قبله بعدم صفع أي شخص لشدة بطشه وخلاف ذلك فانه سيغرم مائة دينارا عدا ونقدا !


وجهاء وأغوات
وبعد استراحة قصيرة استأنف ابو احمد سرد احداث سوق البصرة القديم وما جاوره من محلات .فذكر ان ارض المشراق القديم كانت ملكا صرفا لفالح السعدون والد القاضي عبد الحميد السعدون وكانت تطلق عليه تسمية ( السعدونية ) . اما القسم الثاني من المشراق القديم فكان ملكا لليهودي سالم عابد الذي وجد مخوقا في صبيحة يوم من ايام البصرة . اما أملاك ( آسيا النقيب ) فكانت تمتد من جامع الكواز باتجاه جامع العرب بجوار مقبرة اليهود . ومن ملامح هذه المنطقة مرقص ( اولغا ) حيث ذكر ابو احمد بأنها بريطانية الاصل لكن اظن انها من جورجيا قدمت الى لبنان ثم اتجهت الى البصرة حيث فتحت مرقصا مجاورا لمبغى البصرة القديمة والذي الغي رسميا عام 1956 بتقرير من الشيخ جلال الحنفي الذي تفقد احوال المكان
واطلع على بؤس احوال المكان وساكناته ممن أجبرتهن الحياة على ممارسة البغاء في فترات مابعد الاحتلال البريطاني ودخول اعداد كبيرة من البحارة الأجانب وموردي البضائع من شتى انحاء آسيا والخليج .

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

661 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع