"زبالة" مرتبط بتاريخ بغداد والزعماء الذين حكموا البلاد
بغداد – محمد البغدادي – الخليج أونلاين:استهل مشواره قبل قرن من الزمن، وما زال أشهر الأسماء التجارية، وأكثرها قرباً للعراقيين؛ فاسمه الغريب، وجودة عصير الزبيب الذي يقدمه لرواده، جعل منه علامة فارقة، بقيت تجتذب أجيالاً من الرواد العراقيين والعرب، والراغبين بالتعرف على مذاق عصيره الذائع الصيت.
"شربت زبيب الحاج زبالة" يعتبر اليوم أحد رموز شارع الرشيد، أقدم شوارع العاصمة العراقية بغداد، الذي كان مكاناً للعلامات التجارية العالمية، قبل أن تُنشأ شوارع تجارية أخرى تسحب البساط التجاري من تحته.
الحديث عن محل "شربت زبيب الحاج زبالة" مرتبط بتاريخ شارع الرشيد، وتاريخ بغداد والزعماء الذين حكموا البلاد، وكبار شخصياتها السياسية والأدبية والعلمية والرياضية والفنية.
فالنكهة البغدادية القديمة ما زالت تصارع الحداثة، ويتجلّى ذلك في مواصلة أبناء وأحفاد الحاج زبالة صناعة "شربت (عصير) الزبيب"، الذين ورثوا عن صانعه "الحاج زبالة" سرّ صناعته.
يقول محمد، ابن الحاج "زبالة"، وهو يتحدث لـ "الخليج أونلاين": إنه "في عام 1900 افتتح والدي محلاً صغيراً لعصير الزبيب في باب السيف، قرب الجسر الخشبي القديم (من مناطق بغداد القديمة) ومنذ 1908 انتقلنا إلى شارع المتنبي، ومن ثم انتقلنا إلى شارع الرشيد عام 1912، وما زلنا إلى الآن".
"شربت الحاج زبالة" شهد تاريخاً حافلاً بالأحداث والمتغيرات منذ ما يزيد على مئة عام، وهو يفتخر بتزيين جدرانه بمعظم صور زواره من الحكام والملوك الذين تعاقبوا على حكم العراق.
- عصير الملوك
وأضاف ابن صاحب أشهر الأسماء التجارية في العراق: "من الشخصيات المعروفة التي ترددت على محل الحاج زبالة الملك غازي (حكم من 1933 ولغاية 1939)، والملك فيصل الثاني (1939 - 1958)، ورئيس الوزراء نوري السعيد (في الحقبة الملكية 1921- 1958)، في حين كانت الملكة عالية والدة الملك فيصل الثاني ترسل سائقها الشخصي ليشتري لها الشراب".
وتابع: "وأيضاً من زبائن المحل الرؤساء؛ عبد الكريم قاسم (حكم من 1958 إلى 1963)، وعبد السلام عارف (حكم من 1963 إلى 1966)، والرئيس الراحل صدام حسين (حكم من 1979 إلى 2003)، والرئيس المصري السابق حسني مبارك، فضلاً عن السفراء والبعثات الدبلوماسية، والسياح الذين زاورا العراق في الماضي".
- تقليد بغدادي قديم
اسم المحل الذي يثير الدهشة سمّي على اسم صاحبه، وسرّ اسم صاحبه يعود إلى تقليد بغدادي، إذ كان يُعتقد أن تسمية الابن المريض باسم قبيح يبعد عنه أعين الحساد، ويطرد الأرواح الشريرة وينقذ حياته.
هذا ما حصل للمرحوم "عبد الغفور"، الاسم الحقيقي للحاج "زبالة"؛ يقول ولده، مضيفاً أن والدته كانت في كل مرة تلد مولوداً فتفقده؛ إما بسبب مرض أو غيره من الأسباب، لذلك اقترحت عليها النساء من الجيران أن تطلق عليه اسمين؛ أحدهما قبيح يشتهر به، والآخر اسم عادي يُسجل في السجلات الحكومية.
ووفقاً لذلك جاء الطفل، فأسمته أمه "زبالة" اسماً يشتهر به، وعبد الغفور اسماً خفياً دُوّن في السجلات الحكومية الرسمية.
عن مصدر الزبيب المستخدم في العصير، يقول رعد، حفيد الحاج زبالة، لـ "الخليج أونلاين": "نحصل على الزبيب من مزارع إقليم كردستان، ويتميز هذا الزبيب بجودته وحلاوته، ثم يعصر الزبيب في معصرة خاصة بالمحل".
وأضاف: "نخلط ثمار العنب المجفف والمسماة طحلب مع بذور النعناع المجفف بعد تنظيفها جيداً، ثم يتم خلطهما سوياً بخلاطات خاصة، بعدها تخمر الخلطة لمدة يوم كامل، وبعد ذلك يُصفّى المزيج بطرق يدوية، ويضاف إليه قليل من السكر واللون، ثم يعبّأ في القناني والأكياس ويباع في المحل".
- متحف مصغر
من يتردد إلى محل الحاج زبالة يلاحظ ولع العائلة بالماضي، خاصة ماضي شارع الرشيد، ومدينة بغداد القديمة؛ فهناك العشرات من الصور بالأبيض والأسود معلقة على جدران المحل.
بين الصور تلك، صورة معلقة للحاج زبالة الذي حمل الدكان اسمه، وتروي الصور تاريخ مدينة بغداد وتأسيس شارع الرشيد وأبرز الأحداث التي حصلت قبل عقود.
1027 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع