ملصقات الأفلام القديمة ذاكرة السينما في الزمن الجميل

      

             

بغداد - العباسية نيوز/سعدون البياتي:مع مرور الزمن ستغدو الملصقات السينمائية القديمة ثروة ثقافية فنية يتم عرضها في المناسبات والتظاهرات الثقافية والفنية والسينمائي.. تلك الملصقات القديمة التي لم يعد لها وجود لاندثار دور العرض السينمائي في العاصمة بغداد وبقية المحافظات العراقية باتت أشبه بمشاهد حنين إلى زمن غابر، حاملة في طياتها أشارات إلى تحولات طرأت على عالم السينما والصورة والرسم والمجتمع وصالات السينما الحديثة.. بل تدل على التحول في السينما المنزلية التي أزاحت هالة الصالة وعتمتها وطقوسها المعروفة.

شفيق ناصر (78 عاماً) أحد عشاق السينما ومن رواد صالات العرض في بغداد منذ نهاية الأربعينيات من القرن الماضي ومن خلال هذا العشق تولدت لديه هواية جمع ملصقات الأفلام العربية والأجنبية.. وصار لكل ملصق في حياته حكايته الخاصة وصالات السينما التي عرضتها وقد جمعتها في مجلد ضخم خوفاً عليها من التلف والتمزق والضياع.. كان شفيق ناصر يجول في صالات بغداد للحصول على الملصقات أحياناً مجاناً وأما بدفعه ثمناً للقبض على لحظات من الزمن الجميل.. هي ملصقات سينمائية قديمة كانت تعلق على واجهات دور السينما في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات على مداخل دور السينما.. الملصق هو أول أداة لنشوء علاقة بين المشاهد والشريط السينمائي، وهو بطاقة دخول المشاهد إلى الصالة قبل شباك التذاكر.

                         

ومن بين هذه الملصقات هناك لقطة مثيرة لنجمة الأغراء في الخمسينيات هند رستم من فيلم (باب الحديد) للمخرج المصري العالمي يوسف شاهين.. هناك أيضاً ملصق لفلم (المتعة والعذاب) من بطولة نور الشريف وشمس البارودي الذي يأخذ من يراه اليوم في رحلة مع شريط الذكريات مستعيداً محطات سيرة شمس البارودي السينمائية ابنة مدينة طرابلس اللبنانية في تحولها من أدوار الإثارة والغراء إلى التحجب ووضع النقاب.

                 

ومن بين الملصقات التي يحتفظ بها شفيق ناصر ملصقات لأشهر أفلام الستينيات الهوليوودية مثل سلسلة العميل السري جيمس بوند المأخوذة من روايات الكاتب البريطاني (أيان فلمنغ) ومن بطولة (شون كونري).. ومن الملصقات النادرة والثمينة ملصق أشهر فلم في تاريخ السينما (ذهب مع الريح) من أنتاج عام 1939 ومن بطولة (كلارك غيبل) و(فيفيان لي) عن رواية (مارغريت ميتشيل) الخالدة.. هناك أيضاً ملصق لفلم (صوت الموسيقى) الذي يعد من أشهر وأجمل الأفلام الغنائية ومن بطولة (جولي أندروز) و(كريستوفر بلمر).

                               

وكذلك ملصق لفلم (لوليتا) المأخوذة عن رواية بالاسم نفسه للأديب الروسي (فلاديمير ناباكوف) ومن أخراج (ستانالي كوبريك) صاحب واحد من أضخم الأعمال التاريخية التي صنعتها هوليوود ونعني به (سيارتكولس)..

هذا فيض من مئات الملصقات التي يحتفظ بها شفيق ناصر.

        

وهناك مكانة خاصة لملصقات جميع الأفلام التي قام ببطولتها عبد الحليم حافظ ابتداء من (لحن الوفاء) عام 1954 وانتهاء بــ(أبي فوق الشجرة) عام 1969.. ونكتشف في هذه الملصقات أن عبد الحليم هو النجم المتصدر وأسمه يسبق جميع بطلات أفلامه، وفي ذلك أشارة إلى أنه كان نجم الشباك الأول في جميع أنحاء الوطن العربي.

   

يعرض شفيق ناصر مع كل ملصق حكاية الفلم وبطاقته الفنية تمثيلاً وإخراجاً وإنتاجاً وغير ذلك من المعلومات الضرورية بالإضافة إلى عناوين أغاني الأفلام وكلماتها.

كان الملصق الملون بطريقة حادة وبراقة وجذابة يروج للأفلام العربية والأجنبية ويلعب دور صلة الوصل الأولى بين الفلم والمشاهد قبل دخوله صالة العرض.. وأحياناً يكون لرسام الملصق قدرته على خداع المشاهدين من خلال اللجوء إلى أبراز مشهد ساحر أو مغر حاله في ذلك حال كل إعلان تجاري يعتمد على الصورة والكلمة معاً كل منها يحاول تفسير الآخر.

                           

ومن أشهر مصممي الملصقات السينمائية (مصطفى حسين) واليوناني (فاسيلو) و(حسن مظهر) بعدما كان الأوربيون أول من صمم ملصقات الأفلام السينمائية المصرية وكذلك فنانين من الجالية الأرمنية.. وهؤلاء جميعاً أشبه بجنود مجهولين يعملون في الظل يرسمون نجوم السينما ونادراً ما نرى صورهم أو نعرفهم شأنهم في هذا شأن رسامي الغرافيتي اليوم الذين يوقعون أعمالهم ولا يقيمون معارض لرسوماتهم التي تنتمي إلى فن الــ(بوب أرت) والــ(كيتش) إذا جاز التعبير.

   

وما يلاحظ في الملصقات القديمة هو غلبته تقنية الرسم والتلوين اليدوي على معظمها من دون تدخل الصورة الفوتوغرافية إلا في مرحلة متأخرة.

 اليوم مع رواج ثقافة (الغرافيك ديزاين) ماتت الملصقات اليدوية القديمة وباتت أقرب إلى الكائنات المتخفية.

كما ماتت الصالة القديمة لتبرز صالات المجمعات التجارية وربما السينما التقليدية في طريقها إلى الزوال لتظهر الأفلام الشخصية والــ(يوتيوب).

         

أما ملصقات الأفلام القديمة من العصر الذهبي للسينما فأنها تحتفظ بذاكرة ذلك الزمن الجميل ولا بد من توثيقها قبل أن تتلاشى وتختفي تماماً وهو أمر محزن ومؤسف لكل عشاق ومحبي الفن السابع..

 

   

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

799 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع