بغداديات .. وسائل الترفيه واللهو أيام الزمن الجميل
من ذكريات بغداد الحبيبه في منتصف القرن الماضي الجميل بالرغم انه لم يكن فيه تكنلوجيا العصر الحالي ولاالتقدم العلمي ولاالتطور في البناء والنقل والاتصالات والصناعه ولكنه كان بالنسبه لنا نحن من ذلك الجيل الذي عاش في تلك الحقبه نعتبره من اجمل الفترات التي مرت على العراق في ألفته ومحبته وعلاقاته وبرائته وعفويته واخلاقه وكل شيء فيه اختلف عن ما هو عليه الان ..
كانت وسائل اللهو في تلك الفتره الزمنيه واقصد هنا فتره الاربعينات والخمسينات والستينات كانت محدوده وتقتصر عما يبتكره الانسان البسيط وما جاء ببعضه الانكليز عند احتلالهم للعراق وبعض الموروثات العثمانيه ومنها وسائل كانت تعتبر لاغراض اللهو بالرغم من البعض يعتبرها من المحرمات وآخرين يعتبرنها وسائل ترفيه بريئه وآخرين بين هذا وذاك وعلى كل حال انها كانت موجوده وكان هناك الكثير من يمارسها وقد فرضت نفسها على المجتمع في حينه وقسم منها لايزال يمارس حتى اليوم مع تغير في المواد والصناعه والوسائل ..
تختلف وسائل الترفيه واللهو بين الكبار والصغار والرجال والنساء والشيوخ والشباب ولكل فئه وجنس وسائله حسب تحديدات المجتمع والعادات والتقاليد والامكانيات الماديه وسنتطرق اليها ونشير الى من يزاولها عرضا لتقليص المقال .
الخمر
اعتبرت الخمره من اكثر واقدم الوسائل التي رافقت الانسان منذ اقدم العصور وتنوعت واختلفت في كل زمن عما سبقه سلبا وايجابا ويعتبرها الكثير من الشباب والرجال و حتى بعض النساء من وسائل الترفيه النفسي او التماشي مع التقليد العصري وبالرغم من التحديدات الكثيره التي تفرضها بعض الدول الا ان الخمر لاتزال هي المتسيده على باقي الانواع وفي بغداد كان المشروب الذي يتناوله الرجال هو ( العرق ) ويطلق عليه من باب التفخيم باسم ( حليب سباع ) او ( ابو كلبجه ) لانه كثيرا ما يقود صاحبه الى التوقيف والسجن والظاهره ان العرق ايام زمان كان فعالا بشكل كبير حيث كنا نشاهد السكارى وهم يترنحون في الشوارع والتمرغ في الارض وفقدان الوعي ولكنه اليوم لايكاد يفعل شيء وقد سألت هذا السؤال لاحد كبار السن من الشيخ فرد علي وقال ( ماظل لادين ولااخلاق حتى العرق غشوا ) ..
كان تناول الخمر يكثر ايام الاعياد والعطل ومع بداية كل شهر بعد قبض الراتب وكان هناك مشرب في الباب الشرقي مجاور لسينما اوبرا الصيفي ومطعم فتاح ابو الكبه كان يثبت الاواني الفافون ( الالمنيوم ) بمسامير على المناضد الخشبيه ويوزع المزه بواسطة قدر وطاسه صغيره ويبدو ان السبب هو ضمان عدم سرقتها او عدم استخدامها بالمشاجرات ..
اللكو
ويسمى الجتري والمقصود هو لعبه انكليزيه معنى (اللكو)هو الرابطه وهي جمع بين الاعب والصوره وصاحب اللعبه وسنفصل ذلك ..
تتألف لعبة اللكو من قطعة قماش مقسمه الى خمسة مربعات بواسطة الصبغ في كل مربع صوره ( تاج / كوبه / ماجه / دنر / سنك ) مع قدح ونرد ( زار فيه الصور اعلاه مع صفحه منه فارغه ) وتتم العبه بفرش القماش ( الجتري ) على الارض ويجلس صاحب اللعبه خلف الجتري ويبدأ الاعبين بوضع النقود على الرسوم ويقوم صاحب اللعبه بتحرك النرد داخل القدح ثم قلب القدح وبالتالي رفعه ليظهر النرد بالصوره فأن من وضع نقوده على نفس الصوره التي ظهرت يربح بقدر النقود التي وضعها واذا لم يكن فانه خاسر اما اذا كان النرد على الوجه الفارغ فالجميع خاسر والرابح هو صاحب اللعبه الذي يكون رابح في كل الاحوال لان المراهنين خمسه والرابح واحد والاربعه البقيه خسرانين لصالح صاحب اللعبه ..
كانت هذه اللعبه ممنوعه وكان لاعبيها يلاحقون من قبل الشرطه ولكنهم يتحنون الفرص لفرش الجتري واللعب في المناطق المزدحمه وكثيرا ما تحدث مشاجرات وحيل وسرقات النشاله وتوقيف الاعبين .
ورق اللعب
كانت هناك اماكن سريه يمارس فيها البعض القمار بعيدا عن رقابة الدوله لان القمار ممنوع وبالرغم من ذلك كان يمارس في المقاهي العامه تحت تغطيه محكمه مثل يتم الاتفاق على اللعب من ( حلقوم ) او ( زلابيه ) او ( وجبة عشاء ) ولكن في الحقيقه ان هذه المواد هي تغطيه في بعض الاحيان تقابلها مبالغ متفق عليها ومن الالعاب المشهوره كانت لعبة ( الكونكان ) و ( الواحد والعشرين نقش ) ولعبة ( ال 52 ) ولعبة ( البقره ) وغيرها .
السي ورق
وهي لعبة الثلاث ورقات التي يطلق عليها الاخوه المصريين وترى اصحاب اللعبه يتشاركون بنفس الاسلوب مع لعبة اللكو وتسمعهم يصيحون ( احمر الك اسود الي ) اي ان الورقه ذات اللون الاحمر هي الرابحه اذا كشفها الاعب واللون الاسود خسران ومثل ذلك لعية ( الخرزه ) وهي خرزة صغيره مع ثلاث ( كشتبانات ) وهي الاصبع الحديدي المستعمل في الخياطه وتوضع الخرزه في احداها ثم يتم تحريك الثلاثه وعلى الاعب ان يكتشف في ايهما تكون الخرزه ويكون الرابح بقدر مبلغ الرهن .
الالعاب الرياضيه
كان البعض يرفه نفسه في ممارسة الالعاب الرياضيه مثل السباحه صيفا والزورخانه ولعب كرة القدم والمصارعه وكمال الاجسام ولم تكن هناك وسائل حديثه لسد حاجة الشباب ولكنهم كانوا يؤمنون احتياجاتهم ذاتيا واذكر في احدى السنين كان طلبة الاعداديه يجمعون مبالغ من كل عضو في فريق كرة القدم المحلي لحين فصل الصيف لغرض شراء كرة قدم ( كريكر ) وكان سعرها لايتجاوز دينار واحد ناهيك عن التجهيزات والساحات والتدريب .
الطيور
نادرا ما تجد دار في المناطق الشعبيه في الكرخ او الرصافه ولاتجد فيه برج للطيور او مقهى مختص بالطيور او مقهى يضع برجا للطيور للبيع والشراء وكانت هذه الهوايه مصدر ترفيه لاصحابها ومصدر ازعاج للاخرين وخاصة في فصل الصيف عندما يكون موعد المطيار الصباحي في الفجر او بعده بقليل وهو الوقت التي تكون فيه احلى نومه على السطوح في تلك الفتره ويبدأ الصياح والصفير والطرق على الصفيح والتبصبص على الجيران ناهيك عن المشاكل بين المطيرجيه والفصل الذي يتم في مقهى هوبي بن غداره بحضور عدد من كبار مطيرجية المحله ..
صيد السمك
من وسائل الترفيه الجميله هي ممارسة صيد السمك في نهر دجله والبعض يعتبرها مهنه يسترزق منها قوت يومه او كرزق اضافي وترى هؤلاء من الفجر يجلسون على ضفاف النهر يرمون بخيوطهم او شباكهم وهذه الممارسه من اجمل الممارسات الترفيهيه ولاتزال في الغرب تعتبر من الهوايات المرغوبه لانها تستغرق وقتا وصمتا وتأمل وعدم ازعاج احد او التأثير على احد ووفق ضوابط وليست عشوائيه .
الجراديغ
الجرداغ كلمة تركيه تعني المظله المعموله من السعف او الخوص وكانت بغداد تحفل بالعديد من الجراديغ في جميع مناطقها على نهر دجله حيث كانت امانة بغداد تعتني بتخصيص المناطق وكانت تعتبر اقرب الى الشاليهات البحريه وتمارس فيها الرياضه والترفيه وخاصة السباحه ولكنها ايضا كانت تؤي بعض الفاسدين والقمرجيه وشاربي الخمور والباحثين عن اللذات المحرمه ولكنها كانت تقضي على اوقات الفراغ في فصل الصيف وتقدم متعه جميله ورياضه مفيده .
سباق الخيل
تعتبر الفروسيه رياضه اشتهرت بها بلدان المنطقه وكان الرجال يتباهون بفروسيتهم وجرأتهم وفي العراق افتتح الانكليز ميدانا لسباق الخيل كتب عنه الاخ الفاضل سيف الالوسي مره بالتفصيل وكان يسمى ( الريسز ) وله ناسه ولاعبيه ومختصيه وكانت تجري فيه سباقات بين الخيول وعلى وجبات تسمى ( الحله ) وله جريده تصدر تسمى ( الهاندي كاب ) وكانت هذه الهوايه المختلطه بين الفروسيه والقمار تستهوي الكثير وكان البعض يلعب من خارج سياج الحلبه حيث يتواجد البعض باسم ( البوكيه ) واذكر في احدى المرات في بداية السبعينات وكان يوم جمعه وانا واقف اتفرج من جهة الرواد وكان هناك مجموعه من الاشخاص ينتظرون الحله من خلف السياج وفجأة صعد هؤلاء على سياره جديده لازلت اذكر انها فيات 125 فحص ووقفوا على سقفها لغرض متابعة السباق واذا بهم يحتفلون بالفوزبالبك على سقف السياره حيث يبدو ان الحصان الذي لعبوا عليه قد فاز ولكن هنا كانت المفاجئه حيث كانت الارباح لاتساوي عشر كلفة الاضرار التي حصلت على سقف السياره حيث كان السقف شبه محطم ..
المقاهي
كانت المقهى هي وسيلة الترفيه الاساسيه للرجل ولكل من الرجال مقهاه الخاص الذي يرتاح به ومتعود عليه وفيه الشيشه على مزاجه والدومينو والطاولي وورق اللعب والاصدقاء واحاديث الساعه وما يدور في المحله ومناقشة السياسه التي هي زاد العراقيين وخاصة اهل بغداد واحتساء الشاي والحامض والدارسين وقضاء وقت طويل في المقهى قد يصل الى الليل وهذه مسيله مهمه للترفيه ايام زمان ..
الحمامات
كان الذهاب الى حمام السوق من وسائل الترفيه لان اكثر الدور لم تكن فيها حمامات منزليه وكان اكثر الناس يضطرون للذهاب الى حمام السوق حيث يقضي فيه الرجل او المرأه وقتا طويلا ينتعش فيه جسمه وخاصة من ( المدلكجي ) والصبه الحاره والاحاديث بين الاصدقاء وهو في نفس الوقت صحي يستعيد به الشخص حيوته وتلين عضلاته ويشعر بالانتعاش ,, واحتساء الشاي دارسين بعد الانتهاء والبعض كان متعود على زيارة الحمام كل اسبوع واخرين بين يوم واخر .
تطرقنا الى جانب من وسائل الترفيه واللهو للرجال وان شاء الله نتطرق مستقبلا الى النساء والاطفال ..
مع تحيات
عبد الكريم الحسيني
3001 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع