للتأريخ.. ورطة صباح محمد عارف
كتب: مثنى محمد سعيد الجبوري
في دردشه مع المحامي الاستاذ صباح محمد عارف (شافاه الله) بعد الاحتلال وفي غرفة الادارة في المصرف الذي كنت اقوم على ادارته في منطقة الاعظمية تطرق الحديث الى الملابسات التي رافقت جلبه سيارة من الكويت خلال عقد الستينيات من القرن الماضي ...
قال يروي الحادثه انه ذهب الى الكويت لجلب سيارة مستعملة له ولدى العودة وفي منطقة الكمارك طالبوني بدفع مبلغ 1200 دينار(الف ومائتا دينار) كرسوم كمرك للسماح ليّ بأدخال السيارة وخلاف ذلك تبقى السيارة محجوزه لحين دفع الرسوم الكمركية , كنت أحـمل في حينها مبـلغ ستمائة دينار فقــط ، والقـول (للسيد صباح)، وكان عليّ في هذه الحالة أن أعود الى بغداد واستكمل المبلغ ومن ثم العودة الى البصرة لدفع الرسوم واستخراج السيارة من الحجز ، بعد التفكير أرتأيت مراجعة مدير الكمارك والطلب منه تقديم المساعدة وارشادي الى الطريق الذي يمكـنني من تجاوز الذهاب الى بغداد والعودة ثانية الى البصرة وما يصاحبها من تجشم لمتاعب الطريق في الذهاب والاياب.
أجابني مدير الكمارك عند مراجعته،أن المساعدة الوحيدة التي يستطيع تقديمها له هي أرسال احد منتسبي الكمارك من الشرطة معي وحجز السيارة في كمارك بغداد بدلا من كمارك البصرة وتبقى محجوزة هناك لحين دفع الرسوم والسماح ليّ فيما بعد برفع الحجز عنها واستلامها منهم ..
قبلت بالمقترح ورأيت انه الانسب والاريح من الذهاب الى بغداد والعودة ثانية الى البصره لدفع الرسوم ، وهكذا كان ، في اليوم التالي ذهبت الى اخي المرحوم عبدالسميع وعرضت الأمر عليه فقدم ليّ مبلغ (300 ثلاثمائة دينار) وبقى عليّ أن أدبر مبلغ (ثلاثمائة دينار) اخرى لاستكمال مبلغ الرسوم البالغة (1200) دينار كما اسلفت.
أتجهت حال مفارقتي لاخي عبدالسميع واستلام مبلغ (300) دينار الى اخي المرحوم عبدالرحمن رئيس الجمهورية في مكتبه بالرئاسة ، وبعد السلام عليه والمجاملات المعتادة ، سألني عما وراء الزيارة ، أجبته للسلام عليه فقال ، شكراً ، وماذا بعد ؟ أجبته بعد تردد ، جلبت سيارة من الكويت ...
وقبل ان أستمر في الكلام انتفض من مكانه متسائلاً عن كيفية قيامي بذلك (وكان الأمر في ذلك الوقت ليس بالسهولة التي تجري فيها الآن)..
قلت له إن قائمة صدرت من رئيس الوزراء في حينه المرحوم طاهر يحيى وضمن صلاحياته سمح بموجبها لعدد من الاشخاص بجلب سيارات مستعملة من الكويت وكنت احدهم ، أجابني وهو يرفع سماعة التلفون والتوتر بادٍ على محياه للاتصال (برئيس الوزراء)...وهو يردد ... (الا انت ....الا انت) لا يجب على رئيس الوزراء أن يضم اسمك الى القائمة ، سألته مستغرباً لماذا انا بالذات ؟ وهل انا اختلف عن بقية الاسماء؟ أجابني ، وقد استعاد بعض الشيء من هدوئه بعد ثورته المفاجئة:
(ياصباح) ، ان المواطن ابن الشارع سيتحدث ويتندر على الواقعة ولن يتكلم عما ضمته القائمة من اسماءوسيركزعلى اسمك فقط لانك اخو رئيس الجمهورية ، وكان على الفريق طاهر أن يعي هذه الناحية عند استعمال (صلاحياته ) في منح الموافقة على استيراد السيارات المستعملة للاشخاص الذين ضمتهم القائمة.
ساد الصمت بعض الوقت ، ثم سألني بعد هدوئه ، ما المطلوب مني ؟ أجبته لاشيء ، وكنت متوترا ً ، كرر سؤاله قل ليّ من اجل ماذا جئت لزيارتي أذن ؟ وانا اكرر ... للسؤال عليك والاطمئنان على صحتك ، أجابني هذه (فهمناها) وعليك ان تدخل في تفاصيل الموضوع الذي جئت لزيارتي من أجله . امام اصراره رويت له حاجتي الى استكمال مبلغ الكمرك بعد ان شرحت له ماعندي من مبلغ وما حصلت عليه من اخي عبدالسميع والمتبقي الذي كنت آمل استحصاله منه ،وبعد ما سمعته منك من تقريع فانني أتراجع عن مطالبتك بذلك وسأقوم بتدبير الأمر من الاقرباء والاصدقاء ولاحاجة ليّ بمساعدتك .
ابتسم،وقد عاد اليه الهدوء وقال ليّ كم المبلغ الذي تحتاجه ، أجبته بعد تردد قليل (ثلاثمائة دينار) ، أستدعى مدير حسابات القصر الجمهوري واستفسر منه عن الفتره المتبقية لصرف الراتب الشهري ، أجابه خمسة أو ستة ايام ، استفسر منه ثانية هل يمكنني اخذ سلفة على الراتب ؟ أجابه مدير الحسابات وما المانع من ذلك ؟ طلب منه جلب مبلغ ثلاثمائة دينار واعطائها الى (صباح) واستقطاع المبلغ من الراتب عند حلول موعد صرفه. راتب رئيس الجمهورية أنذاك (ثمانمائة دينار).
وحدثني السيد صباح عن حادثة حصلت في اثناء حكم المرحوم عبدالرحمن عارف (1966-1968) إذ أصدر القضاء حكمه في قضية تلاعب في عدد من المخازن حاصلة في مواد تعود الى معامل السكك في الشالجية وشمل العديد من العاملين في تلك المؤسسة ، من بيّن الذين شملهم الحكم أحد اقربائنا (ابن خالي) وكانت وظيفته (مأمور مخزن)واستغلت بساطته من قبل المتلاعبين إذ كان يتصف بنوع من التخلف وكما يقول المثل العامي (من اهل الله) ، تمت تبرئته من قبل القضاء بالمشاركة في التلاعب مع الآخرين ، لكن حكم عليه بالسجن (6 اشهر) بتهمة الاهمال. توجهت الى رئيس الجمهورية وعرضت عليه الحالة ، وقلت له يا (ابا قيس) انك تعرفه رجل بسيط والقضاء برأه من المشاركة مع الآخرين والحكم عليه جاء لاهماله وأرجو شموله بالاعفاء عن فترة الحكم ، سألني ما هو الحكم الذي صدر بحقه ، قلت له (6) اشهر بتهمة الاهمال ، أجابني انها فترة بسيطة ، دعه يقضيها ويخرج بعدها من السجن ، ولم يستجب لرجائي بالاعفاء عن محكوميته رغم بساطتها إذ تعتبر بالمفهوم القضائي (جنحة) وعدم ارتقائها الى المستوى (الجنائي).
927 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع