ذئاب في المدينة-عرض لرواية الأديب الفلسطيني طارق صبح
عرض/علي الكاش
في الحقيقة لم اقرأ قصصا وروايات الا ما ندر، وربما قصص أخي العزيز المهندس احمد فخري كانت لفترة طويلة قد استأثرت اهتمامي، وهذه هي المرة الأولى التي اعرض فيها كتابا لأنه نقل صورة واقعية عن فلسطين. منذ بضعة أيام وردت ليٌ قصة جميلة اخذت بلبي، وتركت كتاباتي واهتماماتي جانبا، وانهمكت على قراءتها كما يلقى الظمآن بئر ماء فيروي عطشه منه، كانت المقدمة قد ابهرتني لأنها اقتطفت افضل ثمار اللغة العربية، مما يدل على اضطلاع مؤلفها باللغة العربية وفنون البلاغة من سجع وطباق وجناس، كأني اقرأ لكاتب خرج من أعماق التأريخ ليزيل عنا بعض التكلس الفكري، وينعشنا بعبير الشعر النثري، والنثر الشعري الذي افتقدنا عند الأدباء إلا ما ندر.
مع طوفان الأقصى لابد ان نهتم ليس فقط بالأخبار التي تتناول فرسان الألفية الثالثة وهو يسطرون أروع الملاحم في غزة الصمود، بل لابد من الاطلاع على الأدب الفلسطيني الذي أرخ او يؤرخ تلك الملاحم ويصاحبها جنبا الى جنب، فالقلم أحيانا يتفوق على البندقية بحكم تأثيره الجمعي، وعندما يكون الأديب فلسطيني، فهذا يعني انه ادرى بشعاب فلسطين الحبيبة، وعندما تكون له مشاركات عسكرية وشعبية في انتفاضات شعبنا الفلسطيني، فهو يقدم لنا الحقيقة الناصعة دون الحاجة الى التزويق اللفظي، والمغالاة في وصف ما حدث، فقد طرز الواقع الفلسطيني بخيوط من ذهب.
بدأ المؤلف في الجمع ما بين الثورة والعاطفة، فمهما كانت المعارك شديدة والتضحيات جسام، فأن للحب دورا فيها، كيف لا وحب الوطن هو أحد فروع الحس العاطفي، بل انقاها؟ جاء في المقدمة ما يمكن ان تستدل به على صحة كلامي، وانني لا اغالِ فيما قلت ولا اجامل على الحقيقة " حينما حملت قلمي، وبدأت كتابة روايتي، حمدت الله عزتٌ قدرته على نعمه التي يتقاصر عنها باعُ الشكر، واستعنت بجلالته لتيسير اموري، وسألته ان يشرح صدري، ويفك عقدة تفكيري.. منذ عام 2017 أحاول إعمال عقلي واقفا في محراب الذكريات، حاملا روح الأمل، مستلهما شعاع الحلم المتوهج في عالم رحب.. ما اتعبني واجهد عقلي هو الجزء الحقيقي وحتمية اني احمل ـ دون توكيل ـ رسالة للمكلومين الذي طرحتهُم الحياة ارضا، فمنهم من قضى نحبه، وقضى مظلوما مُسجى في صفحات الذاكرة، ومنهم من بقي ليعيش في غياهب الحياة يحاول الخروج من قمقمه الثقيل، فلا هو حي، ولا هو ميت. روايتي ستذكرها الأجيال القادمة، وسوف تستمطر دموع الأحياء الذين تتوثب أرواحهم فوق فواصل الحدود لتصل الى حد الانفجار.. ففي بيت لحم ـ محور القصة ـ تغدو الحقيقة خيالا، ويصبح الخيال حقيقة، فما يبدو حقيقة في بيت لحم لا يكون الا خيالا متأرجحا على حبال الواقع، وما تراه خيالا لا يعدو ان يكون حقيقة بملامح حلم عابر، فكل شيء في مدينتي وارد".
تضمنت القصة أسماء عدد من شهداء الانتفاضات الفلسطينية الأبرار، وعدد من الأسرى الذين اعتقلتهم قوات القمع الصهيوني وغيبتهم لسنوات طويلة في سجونها، وهناك من هو حيٌ شاهد على الوقائع التأريخية والحالية.
أهدى المؤلف كتابه الى نخبة من ابطال فلسطين الحرة الأبية، ومنهم أطفال الحجارة، علاوة على جميع الذي استشهدوا، وأصيبوا، او تم أسرهم، وخرجوا الى الحرية المقيدة بسفود قوات الاحتلال، إضافة الى الذين ما زالوا يقبعون في سجون الاحتلال.
المؤلف طارق صبح في سطور
ـ ما جستير صحافة من بريطانيا، وطالب دكتوراة.
ـ من مواليد بيت لحم عام 1974
ـ أسير سابق في سجون الاحتلال، واحد نشطاء انتفاضة عام 1987
ـ له كتابات في أدب السجون وعدد من المقالات والبرامج التلفازية
ـ هاجر الى النرويج عام 1987 ويعمل كأعلامي في التلفاز النرويجي.
1436 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع