رود مرزوق: قصيدة النثر تحتاج إلى موسيقى داخلية تجذب.
العرب/ عمر شريقي: للشعر طاقة عاطفية قد يختل إذا غابت، وله أيضا طاقة التفكير والتفكيك والكشف والمصارحة، قد يغرق في ضباب الذات إذا غابت، إنه يقف بين هذا وذاك بين مسارات تبدو متناقضة ولكنها تتكامل. الشاعرة السورية رود مرزوق لم تتخل فيما تكتب عن عاطفة الأنثى وأفكارها، وقد كان لـ”العرب” معها هذا الحوار حول الشعر والكتابة.
رود مرزوق مدرسة لغة إنكليزية تحب مهنتها، لكن عشقها للغة العربية دفعها إلى كتابة الشعر والخاطرة، إنها أنثى حالمة خجولة ومتمردة أيضا تسعى من خلال أشعارها إلى تسليط الضوء على أماكن معتمة في حياة الأنثى كي تبصر النور، فأغلب ما كتبت من شعر كان للأنثى ومن الأنثى التي أوحت لها بالكثير من الأفكار المتجددة.
وتذكر حول نشأة شغفها بالكتابة، أنها منذ كانت طالبةً في المدرسة الإعدادية كانت تحب اللغة العربية وكتابة مواضيع التعبير والإنشاء، وتتفنن فيها، لاحظت معلماتها هذه القدرة الكتابية وكان الفضل الأكبر في توجيهها لوالدتها فهي شاعرة وحافظة للقرآن الكريم ودرست اللغة العربية في الكويت.
الياسمين والشعر
لكل كاتب من يؤثر فيه في بداياته، تقول رود مرزوق لـ”العرب”: “تأثرت كثيرا بتجربة الشاعر الدمشقي الكبير نزار قباني والذي تجمعني معه ذات الجذور الدمشقية فكلانا من حي القنوات الدمشقي، تأثرت بحداثة نزار وجرأته في طرح الفكرة وجمال الصورة في مختلف الموضوعات التي تناولها والتي كان لها ذكر في أغلب قصائدي، فقد تحدث عن الوطن الأم سوريا وعاصمة الياسمين دمشق ومفهوم الشهادة والشهداء وعن الغربة والحب وحالاته المختلفة، ولكوني معلمة كان هناك ذكر للمعلمين والمعلمات في قصائدي وإبحار عميق إلى ذات الأنثى الدمشقية الحالمة المتمردة العاشقة في كل حالاتها الجميلة”.
هناك من يصف الخطاب الشعري لدى المرأة عموما بالخطاب الذي لم يزل متعثرا، لكن مرزوق ترى أن قلب الأنثى يشبه المحيط، يحتوي الكثير من الأسرار والجمال وكلما تعمقنا فيه اكتشفنا الكثير، ولا يمكن لهكذا محيط، في رأيها، أن يتعثر، ويحتاج من يسبر أغواره فالأنثى تعرف ما تريد من الحياة ومن الحب ومن الرجل، ومن اتخذت من الأدب صديقا لها لتبثه ما في ذاتها عبر قلمها ونبضها بالتأكيد سيكون لها خير موجّه ومرشد وسوف يقدمها في أجمل صورة في المعاني الإنسانية.
نسأل الشاعرة عن عناوين دواوينها “أنت مني” و”رود الياسمين”، وعن بعض الأفكار الرئيسية عن محتويات تلك المجموعتين الشعريتين؟
تقول “أنت مني هو عنوان ديواني الأول، وقد أطلقت التاء دون حركة لتكون ‘أنتَ مني‘ أو ‘أنتِ مني‘، حسب ما لامس هذا الديوان من مكنونات الشعور لدى الرجل أو المرأة، وهو تجربتي الأولى وفيها الكثير من تجربتي في الحياة. أما ‘رود الياسمين‘ فالعنوان يعني نسائم الياسمين العليلة وفيه ضمنت اسمي (رود) الذي يعني النسائم العليلة والذي نادراً ما عرف معناه الناس لغرابته فقد ذكرت الياسمين في أغلب قصائدي في رود الياسمين والتي أتمنى أن تكون رقيقة عليلة قد لامست القلوب”.
وتضيف “كذلك ‘أنت مني‘ تحدثت فيه عن الأم والأب والإبن والمرأة السورية المقاومة في ظل الأزمنة وعن الحب من نبض تجربتي الذاتية، أما ‘رود الياسمين‘ فتحدثت فيه عن سورية ودمشق والشهادة والشهداء والمعلمين والمعلمات وعن الحب بمفهومه العام الجميل بين الرجل والمرأة وحالات المد والجزر التي تعيشها القلوب العاشقة”.
صفحة الشاعرة الرئيسية على موقع فيسبوك عنوانها “أنا لؤلؤة دمشقية تسبح في بحر الياسمين”، نسألها عن قصدها من ذلك، لتجيبنا “للياسمين حقوقٌ في منازلنا كما قال الشاعر الكبير نزار قباني، وكوني من أبوين دمشقيين فقد رضعت حب الياسمين مع حليب أمي وما لهذه الزهرة من قدسية وجمالية في نفوس أهل الشام، وأتمنى أن أكون تلك اللؤلؤة الدمشقية التي تسبح في بحر الياسمين وجماله وتستقي منه جمال نبضها وفكرها، فالياسمين مهما تحدثنا عنه تبقى له رمزية متجددة في ذات الشاعر الحالمة وكلما كتبت عن الياسمين وجال في خاطري جماله ونقاؤه، شعرت أنني مجرد لؤلؤة صغيرة اكتست ببياضه سابحةً في بحر جماله الذي لا ينضب”.
موسيقى النثر
نسأل مرزوق أين تنشر نصوصها الشعرية؟ وهل لمواقع التواصل دور في تعريف القارئ العربي بالشاعر وإبداعاته؟ فتقول “أنشر ما أكتبه من شعر وخواطر على صفحتي الشخصية وأحياناً في بعض المجلات الإلكترونية، وكانت لي بعض المشاركات في صحيفة الأسبوع الأدبي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، وأعتقد أن وقفة الشاعر على المنبر وأداءه الشعري الصادق النابع من ذاته لشعره هو الذي يوصل رسالته للناس، ربما كان لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي دورٌ في شهرة الشاعر وانتشاره كاسم لكن شعره وأداءه على المنبر هما المعيار الحقيقي بتعريف القارئ بذات الشاعر وإبداعه، فأجمل صورة يأتي فيها الشعر عندما يأتي بلسان صاحبه وإحساسه”.
عن الشعراء الذين أثروا في شاعريتها تذكر أن الأسماء كثيرة، وقد قرأت لشعراء من مراحل مختلفة كشعراء المعلقات وشعراء العصر الأندلسي وشعراء الحداثة، ولا تنكر تأثرها بشعر نزار قباني وجبران خليل جبران والنبض الشعري الجميل الذي عاشه ابن زيدون مع الولادة بنت المستكفي.
أما عن مواصفات القصيدة النثرية، من وجهة نظرها الشخصية، فترى مرزوق أن “قصيدة النثر هي قصيدة الدفقة العاطفية الكثيفة المليئة بالأخيلة والصور والدهشة الجميلة، ولكونها شعرا يجب أن تحتوي على موسيقى داخلية تجذب القارئ وتميزها عن السرد العادي، هي كالبناء المتكامل لا يمكن حذف أو إسقاط أي جملة أو مفردة منها لأنها في حالة انسيابية خلابة فكل كلمة فيها تخدم المعنى والفكرة، وكل جملة تبني التي تليها بأسلوب شعري فذ يميز كل شاعر عن الآخر”.
حول موقفها من الحداثة الشعرية، وإن كانت تفضل كتابة القصيدة العمودية والمقفاة بشكل عام، تقول “أنا أكتب الأنماط الشعرية الثلاثة القصيدة العمودية والتفعيلة والنثر وأرى في كل نمط شعري جمالية تميزه وتخصه وتعرفه لكنْ لقصيدة النثر الآن صدى واسع في أجواء الحداثة التي نعيشها”.
وتختم رود مرزوق حديثها لـ”العرب” عن مشاريعها الإبداعية الجديدة، وطموحها على المستوى الثقافي والإبداعي، بالقول “هناك ديوان ثالث قيد الإنجاز وهو نثري يتناول جوانب مختلفة من الحياة، أتمنى أن أترك بصمة جميلة في قلوب الناس وأن أقدم رسالة إنسانية هادفة فيما كتبته وسأكتبه من شعر فالشاعر يكتب من نبض الحياة ليصورها ويجملها في عيون البشر”.
1404 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع