اهتمام بالمرأة المغربية وأزيائها
العرب/ عبدالرحيم الشافعي:اختارت الفنانة التشكيلية أسماء رياض أن ترسم المغرب، والتعبير عن عواطفها وأفكارها المستوحاة من الحياة في بلادها والمدن المغربية التي انبهرت بها منذ طفولتها وكوّنت في ذاكرتها مخزونا جماليا ينعكس على ألوان لوحاتها.
تمتلك الفنانة التشكيلية أسماء رياض تجربتها الفنية الخاصة، التي تعرضها في معارض فردية وجماعية، كان آخرها مشاركتها في “مهرجان كازا فينتاج” الذي انعقد في فبراير الماضي.
في حديثها مع صحيفة “العرب” عن التجارب الشخصية التي أثّرت بشكل كبير على أسلوبها الفني وطريقة تعبيرها في الرسم تقول الفنانة أسماء رياض “هناك الكثير من الأشياء التي اكتسبتها خلال رحلاتي إلى مراكش، حيث أدركت حاجتي إلى رسم المغرب الأصيل، الذي يُعرف ويُشتهَر بثراء ثقافته، وعمق تقاليده، وعمارته المورسية”.
وتعبر الفنانة التشكيلية عن لحظة مفصلية شعرت فيها بأن فنها كان له تأثير عميق عليها شخصيا وعلى الآخرين بقولها “أول لمسة لفرشاتي في كل لوحة تكون لحظة حساسة، حيث تنبعث سلسلة من المشاعر، ويتجلى اكتشاف الشخصيات التي سألتقي بها وقصة جديدة للسرد، وهذه اللحظة غالبًا ما تكون اتصالًا عميقًا ومكثّفًا، حيث يعود ذلك إلى ذاكرة ماضية وحوار يمكن أن يثير ردود فعل قوية واستجابات عاطفية من قبل المشاهدين، إذ يُطمئنني هذا من حيث أن قوة الفن تخلق انسجامًا بشريًا عميقًا”.
وتصف أسماء رياض العلاقة بين مشاعرها الشخصية وعملها الفني بأنها “علاقة وثيقة للغاية، فغالبًا ما تعمل مشاعري كمصدر إلهام ودافع للإبداع. فعندما أشعر بمشاعر شديدة، أميل إلى توجيه هذه الطاقة في عملي الفني، بحيث يصبح وسيلة للتعبير عن هذه المشاعر إبداعيًا، وأحيانًا يتم ذلك بطريقة دقيقة ومجازية، وأحيانًا بطريقة مباشرة وعميقة، وفي بعض الأحيان، أبدأ عملًا فنيًا بمشاعر معينة في الذهن، بينما في أوقات أخرى تظهر المشاعر بشكل عفوي كلما تقدمت في الرسم، بغض النظر عن الطريقة التي تتفاعل بها مشاعري مع عملي الإبداعي، فإنها تلعب دورًا أساسيًا في خلق أعمال فنية أصيلة ومعبّرة”.
وتركز الأعمال التشكيلية للفنانة أساسًا على الشكل النسائي، وهي توضح أن ما يجذبها بشكل خاص نحو هذا الموضوع هو أنها تجد “الشكل النسائي جذابًا لعدة أسباب، أولاً، يقدم الشكل النسائي تنوعًا كبيرًا من الأشكال والحركات والتعبيرات التي يمكن استكشافها من خلال فني، بالإضافة إلى ذلك، أجد أن تمثيل المرأة في الفن غالبًا ما يكون محمّلاً بالعاطفة والرمزية والمعاني الثقافية، مما يتيح لي استكشاف مواضيع معقدة وعميقة، كما أستلهم من القوة والنعمة والجمال للمرأة، وأحب أن ألتقط هذه الصفات في أعمالي، من خلال التركيز على النساء، كما أود أيضًا المساهمة في الاحتفاء بجمال وتنوع النساء في جميع أنحاء العالم، إذ تعكس إبداعاتي الفنية الطاقة والسعادة والقوة والكرم في رسومات المرأة”. وتوضح رياض رسالتها الفنية فتقول “هي القدرة على التوقف والسكون للاستمتاع بلحظة الهدوء تعبر عن الجمال والكرم والأصالة في مختلف اللوحات التشكيلية المتنوعة من حيث الألوان والمشاعر، فأملي أن يتمكن كل مشاهد من التمتع بالسلام والهدوء والفرح الذي تمثله هذه اللحظة من السكون”.
ويساعد التشكيل في التواصل مع النفس ومع الآخرين بطريقة قد لا تتمكن الأشكال الأخرى من التعبير عنها، وتؤكد أسماء رياض “بطريقة فريدة، بالطبع، يعمل الفن كوسيلة تعبير شخصية وأصيلة بعمق، فمن خلال لوحاتي يمكنني استكشاف مشاعري وتجاربي وأفكاري بحرية وإبداع، وهذا يساعدني على فهم نفسي بشكل أفضل وإيجاد معنى لما يحدث داخليًا، بالإضافة إلى ذلك، عندما أشارك أعمالي مع الآخرين، يخلق ذلك فرصة للتواصل العميق، حيث يمتلك الفن القدرة على تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية، مما يسمح للناس بالتواصل على مستوى عاطفي وجمالي”.
وتضيف “يمكن للمشاهدين أن يجدوا صدى لتجاربهم الخاصة في أعمالي، مما يعزز الفهم المتبادل بالمقارنة مع أشكال التعبير الأخرى، مثل الكلام أو الكتابة. قد يكون الفن المرئي أحيانًا أكثر فورية وعالمية في قدرته على التواصل بين المشاعر المعقدة والأفكار المجردة، كما يقدم تجربة حسية غنية يمكن أن تؤثر في الناس بطريقة عميقة ودون كلمات”.
وفي حديثها عن التحديات التي تواجهها كفنانة ذاتية التعلم، وكيف تتغلب عليها في رحلتها الإبداعية، تقول “كل تحدّ يواجهني هو فرصة للنمو الشخصي والفني، إذ أقدّر كل لحظة في فني لهذا السبب أنا متمسكة ومتحمسة ومستعدة لاستغلال فرص التعلم، حيث يمثل كل يوم نورًا يجلب لي الثقة والتوازن العقلي”.
وتشاركنا أسماء رياض ذكرى ملهمة ترتبط بأحد معارضها الفنية بالقول “لوحتي الثانية ‘انتعاش البحر’، حيث رسمت البحر، كانت مصدر إلهام كبير بالنسبة إليّ، لأنني تمكنت من تطوير مهارة مهمة في الحياة تساعدنا على تحقيق أهدافنا، إذ كانت تجربة الصمود من البداية حتى النهاية في رسم هذا البحر، الذي واجهته على الرغم من العواصف والتيارات العكسية، وعلى الرغم من مخاوفي ولحظات اليأس، إلا أن الصمود كان يدعمني ويمنحني القوة والشجاعة”.
وتضيف: “تعلمت أن أرى الجمال في الأماكن والأشياء التي قد تبدو عادية أو حتى غير مكتملة المظهر من النظرة الأولى، كفنانة، طوّرت رؤيتي لتقدير الأنسجة والألوان والأشكال المحيطة بي بطريقة أعمق وأكثر انتباهًا. أحب بشكل خاص مراقبة السحب واستخراج الدرجات والألوان التي تتكون منها، كما سمحت لي ممارستي الفنية أيضًا باستكشاف الجمال الداخلي، الذي يتجلى في العواطف والعلاقات الإنسانية والتجارب الشخصية، فمن خلال فني أسعى إلى التقاط هذا الجمال الداخلي ومشاركته مع الآخرين، مما يثري رؤيتي لما هو جميل في العالم بشكل أكبر”.
ويساهم الفن التشكيلي في إثراء وتطوير الهوية الشخصية ورؤية الفنانة أسماء رياض للعالم، حيث تعبّر عن هذا بقولها “هناك عدة طرق يعمل بها الفن كوسيلة للتأمل واستكشاف الذات، أولاً، من خلال خلق الفن أستطيع التعبير عن أفكاري ومشاعري وتجاربي بطريقة بصرية وملموسة، مما يساعدني على فهم نفسي بشكل أفضل وتطوير وعي أعمق بذاتي، وثانيًا، يدفعني الفن إلى رؤية العالم بنظرة جديدة وإبداعية، ويُلهمني باستمرار بجمال وتعقيد العالم من حولي، مما يوسع مداركي ويمكّنني من اكتشاف جوانب جديدة ومثيرة من الحياة اليومية”.
وتستدرك “يقربني ارتباطي بالفن من أشخاص وثقافات أخرى، مما يثري رؤيتي للعالم من خلال تجربة وجهات نظر مختلفة، ومن خلال مشاركة فني مع الآخرين واستقبال ردود فعلهم وتعليقاتهم، أتعرض لأفكار جديدة وطرق جديدة للتفكير تغذي نموي الشخصي والفني، إذ يعكس الفن من خلال ما أكون وما أؤمن به، ويشكل ويعزز هويتي كإنسانة مبدعة، مما يتيح لي المساهمة بشكل معنوي في الحوار الفني والثقافي”.
594 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع