لنتذكر الاذاعة الكوردية في ذكراها التاسعة والسبعون
صرح ثقافي كوردي هوى ....
من كان السبب في قتل طائر القبج الذي كان يفتتح بصوته الاذاعة الكوردية كل صباح؟
قصة اختفاءارشيف اربعة وسبعون سنة والاف الاشرطة من الاغاني واللقاءات الفنية والثقافية ؟
اسئلة كثيرة ترى من يجيب عنها ؟؟؟
من كان السبب في عدم اعادة بث الاذاعة الكوردية اسوة باذاعة الام اذاعة بغداد ؟
جمال برواري*:لعلنا لا نغالي اذا قلنا ان بث الفترة الكوردية في اذاعة بغداد في بداية الامر انعطاف في الاعتراف باهمية شعب له مقوماته وتراثه وفي مرحلة مهمة في تاريخ الفن الكوردي نحو التطور ولا سيما الاغنية الكوردية ،كما نستطيع ان نقول لولا الاذاعة الكوردية لضاع الكثير من التراث والفولكلور الكوردي فضلا على تطور وصقل مواهب الكثير من الفنانين .
الاذاعة الكوردية كانت تضم في معظم اوقاتها عدداً غير قليل من المناضلين الذين كانوا لا يتمنون الا الخير لابناء شعبهم ونقيض من كان ينظر اليهم بعين عدم الارتياح .
الحديث عن صرح مهم هوى ،ودام اكثر من سبعة عقود امر مهم لتوضيح الكثير عنها للاجيال الحالية واللاحقة لان هناك جيلا كاملا يجهل الكثير عن هذا المرفق الحيوي الذي كان يلعلع في يوم ما وكان محل اعجاب الكثيرين وينتظرون افتتاحه على انغام صوت القبج (الحجل).
اذن من الانصاف ان نسلط الضوء بعض الضوء على دور الاذاعة الكوردية خلال عمرها الطويل، برغم ما قال ويقال والشكوك التي كانت تحوم حولها والانتقادات الموجهة اليها.
برامج الاذاعة الكوردية كانت تسعى الى اشاعة روح القومية والثقافة والادب الكوردي وبلغة كوردية سلسة وسليمة بحيث يفهمها الكل وبدون تعقيد.
انطلق البث الكوردي ولمدة خمس عشرة دقيقة في 29-1-1939 بثا حيا وعلى الهواء مباشرة كنت مستمعا لهذه الاذاعة وانا طفل في الخمسينيات، شاءت الاقدار ان اقف خلف مايكروفون هذه الاذاعة في بغداد وانا طالب في المرحلة الثالثة في كلية الاداب جامعة بغداد عام 1972بعد تطور مساحة بثها واقسامها والتطور الذي حصل فيها بعد اتفاقية الحادي عشر من اذار لتصبح مديرية لها اقسامها كبقية الاذاعات الاخرى واذاعة الام اذاعة بغداد العربية.
قدمت العديد من البرامج المسموعة والجماهيرية وابرزها برنامج مع المستمعين الذي استقطب جمهورا واسعا من المستمعين عبر الاتصالات المباشرة مع المستمعين وليكون اول برنامج مباشر في تاريخ هذه الاذاعة ووسيلة تواصل بين المستمعين عبر رسائلهم الصوتية عبر التلفون ورسائل تحمل نتاجاتهم وافكارهم الادبية والفنية واجراء لقاءات عبر مايكروفون البرنامج مع الفنانين والادباء ومازال البرنامج عالقا في اذهان الكثير من مستمعيه عندما التقي بهم هم يذكرونني بفقرات البرنامج.
ذات مرة اتصل بي احد مستمعي البرنامج وقال: ان برنامجك وقصيدة الدكتور بدرخان السندي الهب الحماس والشعور القومي الكوردايتي لدى الالاف من الشباب والتحقوا بصفوف البيشمركة، كنت قد استخدمت قصيدة (سه ر ئه فراز جومه شكاكا ناف ميرخاسو مير جاكا ) كمقدمة لبرنامج يومي.
*كانت الاذاعة الكوردية تبث اغاني رمزية تتغنى وتمجد قضية شعبنا الكوردي ولفنانين كبار امثال تحسين طه واياز زاخويي وفؤاد احمد ومحمد جزا ومن كلمات شعراء كبار كانت تتغنى بكوردستان (اغنية دستار وجبكه م ئه ز) كانت من المعلقات التي الهبت الحس القومي الكوردايتي والتي استقطبت جمهوراً واسعا من مستمعي الاذاعة الكوردية .
*الاذاعة الكوردية كانت مدرسة ادبية فنية ثقافية وكان لها الدور الوطني والكوردايتي المشهود ويشهد على ذلك الادباء والكتاب والشخصيات الكوردية وهم الان في مراكز متقدمة من المسؤولية وخرجت الاذاعة الكوردية ملاكات اعلامية وهم الان يخدمون الاعلام ويعملون في القنوات الاعلامية الكوردستانية.
*اردوان زاخويي وكيف مررنا كلمات اغنية كادت تودي بنا الى السجن؟
في قمة حملة ترحيل وحرق قرى كوردستان جاءنا الفنان اردوان زاخويي ومعه كلمات اغنية وفي اخر مقطع من الكلمات اشارة واضحة الى قيام النظام بحرق القرى والمزارع (لقد حرق الاعداء المزارع والحقول والقرى ولم يبق لي شيء)احد الزملاء رحمه الله في لجنة فحص الكلمات عندما قرأ نص كلمات الاغنية قال هذا النص سيودي بنا الى السجن قلت له هذه فرصتنا سوف نوقع النص ونمرره، مررنا النص وسجلت الاغنية وتم بثها عشرات المرات .
تكرر المشهد في الكلمات التي جاء بها الفنان عبدالله زيرين من كلمات الشاعر محفوظ مايي وكانت تتغنى برحيل البارزاني ومررنا الكلمات وسجلت الاغنية وتمت اذاعة الاغنية عشرات المرات.
*ذات مرة كنا في جولة وفي ايام اندلاع ثورة كولان وفي قرية (بربهار )سجلنا لقاء مع احد الاطفال في المدرسة طلبنا منه ان يغني لنا اغنية يحبها فغنى اغنية للفنان شفان برور (ئه ز دى هرم شه ر هه رم جه نك _انا اذهب الى القتال )وكان يقصد بها البيشمركة وقد اذيعت الاغنية ضمن برامج الاطفال وكان لا يتجرأ احد ما ذكر اسم الفنان الثوري شفان برور والذي يجرؤ فمصيره الاعدام .
*الكثير من الرسائل التي كانت ترد الى برامج الاذاعة كنا نعلم ان مرسليها هم من البيشمركة وهم في جبهات النضال .
*ذكرتني البرلمانية السابقة والشاعرة بريزاد شعبان عندما كانت مستمعة لبرنامجي (مع المستمعين) وهي في مرحلة المتوسطة وقالت لي: اتذكر كنت اقرأ قصائد صبرية هكاري ضمن فقرات برنامجك وكنت ارسل تحياتي الى اقربائي وخوالي وهم كانوا بيشمركة قلت نعم كنت اعرف واعرفهم .
*الاخ البيشمركة ريفنك هروري ذكرني ببعض فقرات برنامج مع المستمعين وبرامج اخرى وهو كان يراسل الاذاعة الكوردية وهو في خنادق النضال وقال كنا نستخدم برامج الاذاعة الكوردية وسيلة للتواصل وكانت تحمل رموزاً تنظيمية وقصائد تمجد وتدعو الى النضال والحس القومي
الاذاعة الكوردية في بغداد كانت مدرسة لا بل جامعة واكاديمية ثقافية ادبية اعلامية اساتذتها من خيرة الدكاترة والادباء والكتاب والشعراء والمؤرخين الكورد نعم كانت اكاديمية فنية شارك الفنانون الكورد الكبار من عمالقة الفن والغناء الكوردي الاصيل لا زال نذكرهم ويطربنا سماع اصواتهم
نعم كانت الاذاعة الكوردية جامعة خرجت الكثير من الادباء والكتاب والشعراء خرجت الكثير من الاعلاميين وهم الان في مواقع متقدمة من المسؤلية في دوائر ومؤسسات الاقليم البعض منهم يذكر ذلك ويذكر فضل الاذاعة الكوردية وهناك اخرون للاسف ناكر لجميل الاذاعة الكوردية يذكرون فقط ان الاذاعة الكوردية كانت اذاعة النظام السابق وكانت تنشر اخبار ونشاطات النظام ؟؟؟.
* كامل كاكه امين اول مذيع كوردي يقف خلف مايكروفون الاذاعة الكوردية عن ذكرياته يقول: تأسست الاذاعة الكوردية في 29 كانون الثاني 1939ضمن بغداد العربية…
كانت تذيع نشرة اخبارية بعد النشرة العربية في الساعة الثانية ب- ظ . وبعد النشرة اغنية او اغنيتين كورديتين ، دام البرنامج بهذا الشكل لمدة سنة كنت فيها المذيع الكوردي الوحيد.
في حزيران1940 تقرر القيام ببث برامج الاذاعة الكوردية في الساعة الثالثة ب- ظ ولغاية الرابعة ب- ظ ، في اوائل 1941 ادمجت الاذاعتان واقتصرت برامج الاذاعة الكوردية على نشرة الاخبار الخارجية والداخلية واغان مسجلة فقط ، بعدها عادت الحالة الى ما كانت عليه سابقا وتمت اضافة حفلات غنائية حية بدلا من المسجلات .
بعد شراء مرسلات جديدة خصصت الموجتان المتوسطة والقصيرة القديمتان للاذاعة الكوردية ومدد البث الى ساعة ونصف الساعة أي من الخامسة حتى السادسة والنصف مساء ، واضيف مذيع ثان وحفلة غنائية حية وحديث واحد (تربوي ، اجتماعي ، رياضي ، زراعي ، ركن الاطفال) وندوات ثقافية وتعليق سياسي يترجم من التعليق السياسي العربي وكذلك اخبار الصحف اليومية. كانت لدى الاذاعة العراقية فرقة موسيقية واحدة . كانت هذه الفرقة تشترك في الحفلات الكوردية والعربية الغنائية ولما كانت اعمال الفرقة مرهقة طلبنا من الجهات المسؤولة تعيين عدد اخر نسبوا الى الاذاعة( السادة المرحوم جميل بشير ومنير بشير ووالدهما بشير) يشرف ويشترك مع الفرقة كلما دعت الحاجة الى ذلك من دون مقابل.
المترجمون من الانكليزية كانوا : انور صائب ورشيد نجيب وكان ابراهيم احمد المحامي منقحا للترجمة الكوردية بدون مقابل .
في 1941 بعد التوسع في القسم الكوردي عين مذيع اخر هو الاخ عبد القادر قزاز ، كنا نتشبث من اجل ايجاد مغنين ومغنيات ومتحدثين للمواضيع المختلفة في الاذاعة.
ثم اصبح البث 3 ساعات في المساء في اوائل 1947 ، بسبب افتقارنا الى مواد واغان مسجلة غير موجودة في بغداد فاتحنا بعض السفارات العراقية عن طريق وزارة الخارجية للاتصال بالشركات المعنية لشراء بعض من تلك المواد ، ثم حصلنا على اسطوانات للمغنين (علي اصغر كوردستاني ودايكي جمال وملا كريم باللهجة السورانية وكاوس اغا ومريم خان باللهجة البادينانية ) ، زودنا باسطوانات اخرى من قبل عدد من الذوات الكورد.
اول من احيا حفلة للاذاعة هو المرحوم علي مردان ثم حسن جزراوي ثم ليلى عزيز وفوزية محمد ونسرين شيروان ، اما الوجبة الثانية السادة طاهر توفيق ورسول گردي ، في الخمسينيات انتسب شمال صائب الى الاذاعة ثم اندريوس خمو الذي انتخبنا له لقب اذاعي (باكوري) وكذلك الشقيقتان نازدار واسمر فرهاد. ثم تم افتتاح الاذاعة صباحا ولمدة ساعة ثم كونت فرقة تمثيلية اذاعية من اعضاء اكفاء ولكنها كانت تفتقر الى العنصر النسوي فكان بعض الممثلين يؤدون الادوار النسائية. مثل السيد احمد ده نك گه وره و احمد دلاوه ر.
في اوائل 1957 سجلنا عدة اناشيد وطنية ومنلوجات للسيد عزيز علي حيث ترجمت من العربية الى الكوردية كمنلوج دكتور.
بعد تمديد ساعات البث الصباحي والمسائي تم الحاق السادة كريم سعيد زانستي والمرحومين حسين قره داغي وعادل عرفان ورفيق جالاك لاعداد البرامج والمناهج.
لقد اتصلنا بالعلماء والمثقفين الكورد للمساهمة في الاذاعة مثل الاستاذ توفيق وهبي والاديب المرحوم رفيق حلمي ، الناحية الدينية محمد القزلچي ، عبد الحميد الاتروشي ، علاء الدين السجادي . التربوية والاجتماعية ناجي عباس وصالح سعيد وصادق بهاء الدين وجمال عبد القادر بابان ، الزراعية مهدي محمد ومحمد محمد سعيد وهادي محمد، الناحية الصحية الدكتور نوري فتوحي ، كانت تتخلل البرامج اسبوعيا نشاطات فنية وفكاهية .
ان الاخوين جميل ومنير بشير قاما بدور ممتاز لاحياء التراث الموسيقي الكوردي ، ثم التحق بهما العازف الكوردي الفذ عبد القادر ديلان الذي اعاد للموسيقى الكوردية طابعها الاصيل ، ثم الاخ احمد الخليل اصبح رئيسا للفرقة الموسيقية الكوردية وملحنا ومغنيا.
تركت العمل في الاذاعة في شهر آب 1958 .
*اكتفي بهذه المحطات من ذاكرة ستوديوهات الاذاعة الكوردية في ذكرتها التاسعة والسبعون وهناك محطات اخرى تبقى عالقة في الذهن وسؤال عن مصير عشرة الاف شريط من النوع الصغير والكبير والايمي والتي تحمل الالاف من الاغاني والموسيقى الكوردية واللقاءات الارشيفية مع الادباء والكتاب والشعراء والشخصيات الكوردية ؟ويا ترى من يجرؤويسجل موقفا و يعيد الحياة لهذا المرفق الثقافي الكوردي ؟؟؟.
*مدير مكتب الكاردينيا في دهوك.
1962 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع