عرض كتاب العقيد وصفي طاهر .. مرافق نوري السعيد وعبد الكريم قاسم!
المشرق/سيف الدوري:صدرَ عن دار بابيلون للثقافة والإعلام مؤخرا كتاب بعنوان (وصفي طاهر.. رجل من العراق) يتضمن الكتاب الذي يحتوي على 160 صفحة جمعاً وفيراً من الشهادات والاستذكارات، أكثر بكثير من الآراء والاستنتاجات والتقييمات. هذا الكتاب الذي تحملّنَ بنات وصفي طاهر الأربع وخاصة ابنته الكبرى نضال فيما تولت نسرين شؤون التنفيذ الفني والإخراج. في محاولة منهن عن بعض الوفاء لأبيهن. ولد وصفي طاهر ببغداد في العاشر من تموز 1918 وهو من عشيرة البيات، كان والده وجده محمد عارف من المساهمين والمؤسسين لطلائع الجيش العراقي أوائل القرن الماضي. تزوج وصفي طاهر من بلقيس عبد الرحمن صاحب أستوديو الاهلي بشارع الرشيد، وله أشقاء هم لطفي ووليد واسامة اضافة الى اختهم الوحيدة زهرة زوجة المؤرخ والعلامة المعروف جواد علي. شارك وصفي طاهر في حرب فلسطين عام 1948 وكان معه الملازم فاضل البياتي الذي شغل آمر كتيبة الدبابات الثانية التي شهدت حملة تعذيب للمتهمين بحركة عبد الوهاب الشواف بالموصل. تقلد وصفي طاهر العديد من والمسؤوليات العسكرية، ومنها مسؤولية مرافقة رؤساء الوزراء كجميل المدفعي ومحمد فاضل الجمالي وارشد العمري ونوري السعيد وأخير الزعيم عبد الكريم قاسم. معظم محتويات الكتاب من ذكريات زوجته السيدة بلقيس التي قالت «كانت قيادات الضباط الأحرار تجتمع في دارنا بمنطقة الصليخ ببغداد عامي 1957- 1958، وذات مرة سمعت ابنتنا (مي) كلمة استعمار من المجتمعين فجاءت تسألني عن معناها، فأبلغتُ وصفي بذلك فقال: يجب أن تعلمي أننا نجتمع لنخطط لأعظم ثورة في العراق، تسقط الملكية وتقيم جمهورية وطنية وديمقراطية لرفع الظلم وإطلاق السجناء السياسيين. فيجب أن تكوني حذرة وتراقبي الأمور والمارين بالشارع، وإذا ما شعرتي بأي شيء مريب فعليك أن تخبرينا وبسرعة. وتضيف السيدة بلقيس- التي انتقلت الى رحمة الله عام 2001 في العاصمة الجيكية براغ – وقد حافظتُ على ذلك السر حتى لاختها – توأمها – سلمى التي كانت تعيش معها في البيت. وعن ثورة 14 تموز يقول وصفي طاهر في شهادته امام محكمة الشعب ضد العقيد عبد السلام عارف «كنتُ احد الضباط الذين كلفهم الزعيم عبد الكريم قاسم بالالتحاق مع الرتل الى بغداد وقيادة إحدى السرايا فالتقيت مع العقيد عبد السلام عارف في طريق بعقوبة – بغداد». ويضيف وصفي في شهادته «ان العقيد عبد السلام حاول مراراً إبعادي من معية الزعيم عبد الكريم قاسم، فقد كان يرغب أن يحيطه بجماعة من الذين يؤيدونه، وكانت له كما تأكدنا نوايا خطيرة للقضاء على الزعيم وتولي القيادة بدلا عنه، ولكن محاولاته باءت بالفشل, وقد فاتحني عبد السلام مراراً بأن اتولى أحد المناصب ولكنني رفضتُ، وقلتُ له بأني ابقى مع الزعيم وأحمل الغدارة بيدي الى الابد».
ملاحظة: هنا أود أن أعلق على كلام وصفي طاهر. فهو محق بكلامه معتقداً أن عبد السلام أراد أن يبعده عن قاسم. لأنه لا يعرف حقيقة الموضوع، وهو أن الزعيم طلب من عبد السلام أن يتحدث مع وصفي طاهر عن أي منصب ومكان يختاره، لأنني والكلام لقاسم أخجل أن أكلمه، كما أخجل أن أراه برتبة عقيد حامل الغدارة معي يفتح باب السيارة ويغلقها، وهو من الضباط الاحرار. فأرجو منك يا عبد السلام أن تحدثه انت. وبالفعل حدثه عبد السلام، بدون أن يخبر وصفي أن هذا الطلب من قاسم. وهذه من أخلاق عبد السلام.
وملاحظة أخرى: يقول وصفي طاهر: تأكدنا نوايا خطيرة لعبد السلام للقضاء على الزعيم وتولي القيادة بدلاً عنه.. واذا صح ما يقوله وصفي طاهر عن نوايا عبد السلام هذه، فكان الاجدر بعبد السلام لو اراد ان يتولى القيادة لنصبّ نفسه قائدا عاما للقوات المسلحة ورئيسا للوزراء ووزيرا للدفاع بدلا من الزعيم قاسم بل وكان بإمكانه لو فعلا أراد ان يتولى القيادة كما يقول وصفي طاهر لأصدر قراراً بـإحالة قاسم على التقاعد. وتواصل السيدة بلقيس ذكرياتها عن زوجها وصفي طاهر فتقول» إن وصفي طاهر كان يحذّر الزعيم دائماً بأن معاديه من الرجعيين لا يمكن أن يكونوا بجانبه ويخلصوا للثورة، فلم يستمع له. وكان يعمل العكس بعد أن أدخلوا في رأسه أن الشيوعيين بدأوا يتآمرون عليه. وكان يردد دائماً أمام وصفي طاهر ويقول له: أقول لك أن الشيوعيين يتآمرون ضدي» وكان وصفي يجيبه بشدة: مستحيل مثل هذا الكلام، فالشيوعيون مصيرهم مرتبط بمصيرك، وما دمت تقف ضد الاستعمار فهم يساندونك، وأنا كذلك، ومجرد أن أعرف أنك صرتَ الى جانب الاستعمار فساعمل وأحمل السلاح ضدك». وتواصل السيدة بلقيس ذكرياتها فتقول: أخذت الامور تتعقد شيئاً فشيئاً، وبات وصفي طاهر لا يذهب كثيراً الى مكتبه في وزارة الدفاع، حيث مقر الزعيم عبد الكريم قاسم، زعلاً وإشعاراً بما يقوم به – قاسم – من أخطاء ومواقف وإجراءات تقود البلاد وأهلها الى الهاوية.
وتضيف السيدة بلقيس: ومن المؤشرات الاخرى حول توتر العلاقة بين الرجلين، حين بدأ قاسم يضجر من ملاحظات وصفي، ومنها حول خطاباته الارتجالية التي كان يدعوه لأن تكون مكتوبة، لكن قاسم رفض تقبّل تلك النصيحة. ثم تتناول السيدة بلقيس مصرع نوري السعيد وكيف انتقل وصفي طاهر الى مكان الحادث وجلب جثة السعيد الى وزارة الدفاع ومن ثم دفنه في مقبرة باب المعظم وتنفي ان يكون وصفي قد اجهز على السعيد بعدة رصاصات كما اشيع عن ذلك. كما تنفي السيدة بلقيس اي صلة لزوجها بالحزب الشيوعي وتقول: »ان وصفي طاهر لم يكن شيوعياً كما أعتقد، أو يعتقد البعض، ولكنه كان يؤمن بالمبادئ التنويرية والديمقراطية، وقد راح العديد من ممثلي الحزب الشيوعي يحاولون إقناعه بالانتماء للحزب، فاستمر يرفض ويقول: أنني أفيد أكثر من موقعي هذا خارج أي تنظيم، فأنا لا أتحمل أوامر أو توجيهات من شخص أقل مني سناً ورتبة، لأنه انتمى للحزب قبلي». وعن موقف وصفي طاهر من حركة 8 شباط 1963 فتقول السيدة بلقيس «بتاريخ الاربعاء 6/2/1963 اتصل الزعيم عبد الكريم قاسم هاتفياً بوصفي طاهر، ليلاً وطلب حضوره الى مقره بوزارة الدفاع، فأسرع ليرتدي ملابسه ويتوجه الى هناك على الفور وبقي الى صباح اليوم التالي – الخميس 7/2/1963. وحينما عاد قال لي «لقد أطلعني الزعيم على قائمة بأسماء الضباط الذين يدبرون مؤامرة ضد الثورة وأكثرهم من البعثيين.. وقد أجابه وصفي »وماذا تريدني أن أعمل وأنا ليس لي غير مسدسي؟ سأنزل الى الشارع مع الشعب وأقاتل» فرد عليه قاسم «لا تتكلم هكذا، فأنا سأسحق المتآمرين، ولن أدع أية مؤامرة تمر» فقال له وصفي «ليكن في علمك أن المعادين للثورة من الرجعيين وغيرهم ،التفوا حول البعثيين، ومعهم أذناب الاستعمار، والقوة كلها سلمتها لهم، في ذات الوقت الذي جرى فيه إبعاد المخلصين من الضباط وحتى الجنود عن المراكز المهمة. وأنا – وصفي – وغيري من محبيك، نتوقع كل ساعة أن تحدث مؤامرة، ولكنها ستكون هذه المرة حالة كبيرة لا نعرف نتائجها، وربما تنجح، وعندها سينتقمون من كل مؤيديك والجمهورية». وقد أجابه الزعيم »اطمئن الجمهورية قوية والشعب قوي وسوف ترى كيف سأقضي على المتآمرين«. فقال له وصفي «أنت المسؤول عن سلامة البلاد والشعب، ويجب أن تأخذ حذرك، ولا تصدق لاحقا كلام المنافقين». وعن صبيحة الانقلاب تقول السيدة بلقيس فتقول «في صبيحة يوم الانقلاب المشؤوم (الجمعة 8 شباط 1963) كنا نشاهد التلفزيون على الفطور فاتصلت بنا إحدى الصديقات لتنقل لنا بأن خبراً يذاع من مأذنة جامع المأمون غرب بغداد، التي تسكن قريباً منه، يقول بأن هناك ثورة ضد الزعيم عبد الكريم قاسم.. فارتدى وصفي ملابسه فوراً، ليخرج الى حيث يقيم الزعيم، وكان معه 90 ديناراً أعطاها لي. ولما وصل الى هناك اتصل بنا وقال لا تبقوا في البيت، لأن المتآمرين هجموا على بيت العقيد فاضل عباس المهداوي (رئيس محكمة الشعب) وقد ذهبنا فعلاً الى بيت أقربائنا.. وفي اتصاله الهاتفي الاخير معي قال لي: نحاول السيطرة، كوني شجاعة. وحين وصل وصفي طلب الزعيم منهم أن يخمدوا الفتنة، فقال له وصفي حسب شهود عيان – هذه نتيجة أخطائك، وهذا ما كنا نتوقعه. فأجابه قاسم »ليس الآن وقت ملامة يا وصفي، تعالوا معي الى وزارة الدفاع لنرى، ونتصل بالقطعات العسكرية الاخرى. وفي صباح اليوم التالي تقول السيدة بلقيس لقد غفيتُ قليلاً وحين صحوتُ وجدتُ الجميع يبكون ليخبروني باستشهاد وصفي وعبد الكريم والمهداوي.
ملاحظة:المادة اعلاه ارسلها الأخ والصديق/ صلاح الأمين ، فالف شكر له.
2434 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع