نحن نعانق السماء – الجزء الثاني
اللواء الركن الطيار الدكتور/ علوان العبوسي
تتواصل المواقع المعادية بنشر الاكاذيب والافتراءات عن سلاحنا الجوي وقواتنا المسلحة اثناء معارك الشرف التي قادها الجيش العراقي ضد العدو الايراني للفترة 1980 – 1988 وعليه كتبت وكتب اخرون من ابناء قواتنا المسلحة حقائق تاريخية توضح هذه الحقائق من خلال العديد من المقالات والمؤلفات منها المنشورة وغير المنشورة ، عليه ساقوم بنشر البعض منها في موقع الكاردينيا الثقافي وقد سبق ان نشرت البعض منها في موقع شهداء سلاح الجو العراقي وعلى صفحتي في الفيس بوك
تقديم عام
منذ فترة طويلة وانا أرغب بتدوين مذكراتي في القوة الجوية، لكي تستفيد منها الأجيال القادمة لهذا السلاح المهم، لما تحتويه من ذكريات أعتز بها، منذ أن كنت ضابطاً حديثاً في سلاح الطيران المقاتل ، وما يعني ذلك من ذكرى عزيزة في هذا الصنف ؛ سواء على صعيد القتال بدءاً من الحروب العربية ـ الإسرائيلية، التي شارك فيها سلاحنا الجوي ، وانتهاءً بحرب الخليج الثانية التي أطلق عليها أم المعارك، سواءً على المستوى التنظيمي، أو التخطيط الذي يصبّ في تطوير القوة الجوية.
بعد نقلي إلى دائرة المحاربين في الأول من كانون الأول/ ديسمبر 1996؛ شعرت بفراغ خانق طوّقني من الجهات كافة، حتى أحسست أنه سـيقتلني لو تركته يفعل ما يريد، لاسـيّما وأنني في أواخر خدمتي في القوة الجوية قد شغلت منصب معاون قائد القوة الجوية للتدريب، وطبيعة هذا المنصب الحركة الدائمة في الزيارات والتوجيه والمتابعة، لإنجاز خطط تدريب القوة الجوية، ضمن الخطة العامة لتدريب القوات المسلحة في ظروف الحصار القاسـية.
إنّ موضوع نقلي إلى هذه الدائرة لم يكن غريباً علي، ولم أزعل منه من حيث المبدأ وهو على الأقل أفضل من التقاعد ، إذ سأحتفظ بتقديري وكياني وإحساسـي الدائم بأني ما أزال في الخدمة «احتياط استراتيجي»، إن فكرة هذه الدائرة عظيمة في معناها وأهدافها، من أجل الحفاظ على الناحية الاعتبارية والمعنوية والنفسـية للمقاتلين، ولكن مع ذلك كنت أطمح البقاء في المنصب فترة أطول؛ حتى أكمل خطتي التدريبية التي أعددت لها إعداداً جيداً، وبالتالي إنهاء مشاكل التدريب التي تعاني منها قوتنا الجوية أكثر من غيرها من صنوف القوات المسلحة، بعد نقل الواقع التدريبي لها والذي ترتكز عليه كافة مهامها من حال إلى حال آخر أفضل.
فكرت أن أشغل فراغي بالالتحاق بإحدى الكليات الإنسانية وفعلاً وقع اختياري على كلية القانون – القسم المسائي، وهكذا استطعت أن أقضـي على جزء من هذا الفراغ القاتل، وتخرجت منها بدرجة جيد، مضـيفاً صفحة جديدة لحياتي المهنية والإنسانية.
في الحقيقة جاءت مذكراتي في جزئين الأول كان تحت عنوان «نحن نعانق السماء» ضمّنته سـيرة شخصـية لحياتي العامة منذ انخراطي في القوة الجوية العراقية وحتى قبل نشوب الحرب العراقية الإيرانية «1963- 1980»، والجزء الثاني هذا تناولت به أهم الأحداث التي مرّت بها القوة الجوية العراقية في الحرب على إيران «حرب الخليج الأولى، أو قادسـية صدام» وحرب الخليج الثانية والتي أطلق عليها «أمّ المعارك».. ذكرت فيه الكثير من التفاصـيل على المستوى التعبوي والاستراتيجي، والدروس المستنبطة من المعارك الكبيرة التي خاضتها قوتنا الجوية، واستطاعت من خلالها تحقيق النصـر على إيران، وأصبحت هذه القوة تجوب أجواء إيران كافة محققة تفوقاً جويّاً ساحقاً دون رد فعل من قبل إيران، وعلى العكس من ذلك تماماً في حرب الخليج الثانية فكان نصـيب القوات المسلحة عموماً، والقوة الجوية خاصةً، الخسائر الفادحة بالأفراد والمعدات، بسبب عدم الالتزام بمبادئ الحرب ومفاهيم العلم العسكري، وعدم السماح لهيئات الركن المختلفة بالمشاركة، أو تجاهلها إن صح التعبير في إبداء الرأي قبل خوض مثل هذه الحرب، بل كان الاعتماد على الافتراضات غير المستندة إلى حقائق وموازين قوى واضحة ومعروفة لنا جميعاً باتت الفيصل الذي أدى للواقع المرير الذي نحن عليه الآن بعد انتصاراتنا الباهرة في الحرب مع إيران.
مع الأسف لقد ضـربت مبادئ وأسس وعلم الحرب التي درسناها في كلية الأركان والحرب والدفاع الوطني، ودرجنا عليها في أعمالنا ومهامنا التدريبية والحربية، بعرض الحائط ناهيك عن الدراسات العديدة التي رفعت إلى السيد رئيس الجمهورية التي توضح موقف قواتنا من العدو، ومع ذلك كانت مغامرة بقاء قواتنا المسلحة في الكويت قد أدت إلى تدميرها بالكامل بعد انسحاب غير مدبر، أما في القوة الجوية هذا السلاح المهم ذو الكفاءة العالية فقد تضـرر بدرجة كبيرة وتبعثر هنا وهناك، ولاتزال طائراتنا المقاتلة وطائرات النقل في إيران حتى هذه اللحظة، ولا مجال لإرجاعها وإن معظمها استخدمت من قبل سلاح الجو الإيراني لكونها مشابهة لمعظم طائراتهم في الوقت الحاضـر بعد تحديث سلاحهم الجوي.
لقد تناولت في مذكراتي «الجزء الثاني» بعض الذكريات البارزة في الحرب العراقية الإيرانية «حرب الخليج الأولى» و«حرب الخليج الثانية» في خمسة فصول وهي:-
•الفصل الأول: خلفية الصـراع الإيراني ـ العراقي والتعرض الجوي العراقي.
•الفصل الثاني: «الشعيبة» بين سخونة البر وبرودة البحر.
•الفصل الثالث: النصـر المبين بقوة الله في قاعدة تموز الجوية.
•الفصل الرابع: خدمتي في مقر قيادة القوة الجوية وخارجها.
•الفصل الخامس: ختامه مسك إن شاء الله.
هذا ماجاء في مقدمت كتابي الثالث ( نحن نعانق السماء – الجزء الثاني ) ساتناول بعض اهم ماجاء فيه دون التقيد بتسلسلها المنطقي بالكتاب ، ارجو ان تروق لمنتسبي الموقع من الاعضاء المحترمين .
الجزء الاول
ما أشبه اليوم بالبارحة مع اختلاف في الأسلحة والمعدات والتجهيزات، يذكرنا التاريخ كيف أن البيزنطينين بسطوا نفوذهم على بلاد الشام ومصـر والمغرب، بينما بسط الفرس نفوذهم على العراق واليمن، وتمتعوا بنفوذ سـياسـي واقتصادي في الخليج العربي، مستهدفين الدين الإسلامي، ولاسـيما العرب باعتبارهم مادة الإسلام( 1).
في عهد الخليفة عمر بن الخطاب «رض» حقق العرب إنتصاراتهم على البيزنطيين في معركة اليرموك، فقرّر الخليفة مباشـرة العمل على جبهة العراق لطرد الفرس، لاسـيما بعد معركة ذي قار التي شهدت فيه السـيطرة الفارسـية تفككاً شديداً، بعد أن تحسن موقف عرب العراق وقدرتهم على خوض المعارك، عندها قرر الخليفة عمر بن الخطاب «رض» إرسال الصحابي سعد بن أبي وقاص إلى العراق في 14هـ، واستطاع هذا القائد الشجاع تحقيق انتصاراته في معركة القادسـية على مدى أربعة أيام في 6محرم عام 15هـ، وهزم الفرس هزيمة ساحقة، وهكذا تلى ذلك عدد من الانتصارات حيث طارد الخليفة عمر بن الخطاب الفرس في عقر دارهم، عبر قادته الأفذاذ أمثال أبي موسـى الأشعري، والنعمان بن مقرن في معركة نهاوند 21هـ.
وأعاد التاريخ نفسه إذ عاودت إيران سلسلة من الاعتداءات المباشـرة وغير المباشـرة على العراق، خاصة بعد استلام خميني السلطة في إيران، ففي 4 أيلول /سبتمبر 1980 قصفت المدفعية الإيرانية قرانا الحدودية الآمنة في «نفطخانة»، و«مندلي»، و«زرباطية»، و«شط العرب»، مبتدئة صفحة جديدة من الصراع العربي ـ الفارسـي.
قبل أن أبدأ هذه الصفحة من مذكراتي في الحرب مع إيران، أو كما يطلق عليها حرب الخليج الأولى، أو قادسـية صدام، لا بدّ لي من أن أوضح للقارئ الكريم نبذة موجزة عن الحياة العملية التي يعيشها الطيار المقاتل بصورة عامة، وطيارو الهجوم الأرضي «المقاتلات القاذفة» بصورة خاصة، وقبل هذا وذاك يجب أن تكون لدى كل من يريد الانخراط في هذا الصنف؛ الرغبة التامة الصادقة، ويفضّل من يهوى الطيران ولا ينخرط فيه بدافع مادي أو بسبب انقطاع السبل أمامه في الكليات الإنسانية الأخرى، إذاً أساس عملنا كطيارين مقاتلين هو مبدأ الهواية مع الاحتراف ويجب أن يبقى هذا المبدأ ملازماً لنا طوال حياتنا في القوة الجوية كطيارين مقاتلين.
صورة تذكارية لطياري السرب 44 مقاتلات قاذفة
أنا لا أبالغ في ذلك ولكن هذه هي الحقيقة لأن مهنة الطيران الحربي تحتاج من الطيار أن يضحي في أمور كثيرة من أجل هذه المهنة، مثال ذلك راحته وحريته الشخصـية، والصبر على المشقة، والاعتناء بتغذيته الصحية، لا يسهر كثيراً، يلعب رياضة باستمرار للحفاظ على صحته التي هي رأس ماله إن جاز التعبير بمعنى آخر إن حياة الطيار ليست ملكاً له وإنما للمهمة التي نذر نفسه لها، إذاً هناك أنواع من التحديدات عليه أن يتقبلها ويلتزم بها كون الطيران لا يخلو من الخطورة ويتطلب الانتباه والراحة النفسـية والذهنية التامة حتى يستطيع أن يواكب عمله بنشاط وهمة وبتركيز عاليين.
طياري السرب السادس – لطائرة المقاتلة القاذفة هنتر
ما زلت أذكر عندما أرسلت في بعثة للاتحاد السوفيتي السابق عام 1967 على طائرات السوخوي/7 المقاتلة القاذفة وأنا برتبة ملازم طيار، كان طبيب الطيران يلازمنا دائماً؛ في المطار، في المطعم، في الرياضة، ولايفارقنا حتى إطفاء الضوء في الساعة العاشـرة مساءً، ويتأكد من ذلك من تحت باب الغرفة، وإذا تبيّن له أن أحد الطيارين لم ينم مبكراً يقوم بمنعه من الطيران في اليوم التالي دون تردد؛ خوفاً عليه من ارتكاب حادث معين، إضافة إلى ذلك فإن حياة الطيار المقاتل العامة في السـرب ينبغي أن تكون منسجمة تماماً مع الآخرين، تجمعهم روابط الزمالة والأخوة والأسرة والمصـير الواحد، وتتركز على مبادئ الخلق، والصدق والأمانة، والإقدام، والإيمان بالله، وقوة التحمل والصبر، والانضباط العالي والدقة المتناهية، وعلى هذا الأساس كنا في السـرب نعيش حياة أسـرية كاملة، أب وأبناء كبار وصغار، كلٌّ يرعى الآخر، ومن دون ذلك لا يمكن أن تستقيم الحياة للطيار المقاتل، كلٌّ ينظر إلى الأكبر منه عمراً والأكثر منه خبرة؛ يتعلم منه ولا يخالفه، بل يحبه ويحترمه ويلتزم معه التزاماً عالي المستوى، لكون الهدف والمصـير واحد كما أشـرت، أما بالنسبة ليوم العمل في السـرب فعادةً يبدأ باكراً في الساعة 0600 صباحاً أو قبل ذلك في أيام الصـيف الحارة، حيث يلتقي أفراد السـرب كافة مع بقية الأسراب في غرفة إيجاز جناح الطيران أو القاعدة، حيث يتم الاطلاع على الحالة الجوية خلال 24 ساعة القادمة، وسماع توجيهات آمر جناح الطيران وأحياناً قائد القاعدة، بعد ذلك تلتقي الأسراب بآمريها في غرفة إيجاز السـرب، وهنا يتم معرفة واجبات الطيران لذلك اليوم تفصـيلياً، ثم تناقش الحوادث وأحداث اليوم السابق والحالات الاضطرارية، بعدها يبدأ طبيب القاعدة، والذي غالباً يكون تخصصه طب طيران، فحص الطيارين وتقرير صلاحياتهم للطيران لذلك اليوم، ثم يبدأ الطيران التدريبي أو التعبوي، وحتى نهاية المنهج المقرر لذلك اليوم.
فترات التدريب البدني للطيارين
النقطة الأخرى التي أرغب أن أوضحها للقارئ الكريم هي كيف نقوم بإعداد هذا العنصـر المهم، ونجعله قوي الإرادة، واثقاً من نفسه من دون غرور، قادراً على تحمل مسؤولياته، فبعد التخرج من كلية القوة الجوية التي يصنف فيها الطيارون إلى طيار متصدي، أو مقاتلات قاذفة( 2)، أو طيار نقل، يأتي دور وحدات الطيران العملي المتقدم «وحدات التحويل» لكلا الإختصاصـين أعلاه، حيث يمارس الطيران على الطائرات التي سـيختص عليها في المستقبل، وينفذ عليها منهاج طيران تعبوي بكل تفاصـيله؛ ليصبح طياراً فعالاً نهاراً وليلاً، بعد إكمال الدورة ينسب إلى الأسراب الفعالة، وفي تلك الأسراب يبدأ دور السـرب في صقل شخصـيته، بما ينسجم ومهام هذه الأسراب وطبيعة عملها.
طائرة المقاتلة القاذفة – سوخو 22
أسراب المقاتلات القاذفة «الهجوم الأرضي»، مبدأ عملها هو التوغل بعمق العدو لمعالجة أهدافه الحيوية، وعلى هذا الأساس يجب تدريب الطيار أولاً على تحقيق المباغتة وذلك بالتسلل والتخفي من رادارات العدو، والتعود على الطيران الواطئ جداً والسـرعة العالية وغيرها، ثانياً تعويده على الصبر الطويل وتحمل مشقة الطيران بالارتفاعات الواطئة، ثالثاً الوصول إلى الهدف بالوقت المناسب وبأجزاء الدقيقة، رابعاً تدمير الهدف بالأسلحة المتوافرة وبدقة عالية، خامساً تجنب أسلحة الدفاع الجوي المعادي أو الاشتباك معها، سادساً العودة إلى القاعدة بعد إنجاز الواجب بنجاح، والأهم من كل هذا تدريبه على تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه في الوصول إلى الهدف المعادي ومعالجته بكل دقة مهما كلف ذلك الأمر، ومن أجل تحقيق هذا المستوى من الطيران لا بدّ من وجود منهاج خاص من الطيران العملي، يتضمن كل أساليب الطيران التي تؤهل الطيار لكي يكون قادراً على الوصول إلى أهدافه وتدميرها، هذا المنهج تضعه قيادة القوة الجوية وفق المعطيات العلمية الدقيقة، ضمن نشـرة تدريب خاصة بطياري الهجوم الأرضي، إضافة إلى ذلك هناك دورات متقدمة في الطيران يجب إشـراك الطيار فيها مثل؛ دورات القتال الجوي، ودورات قادة التشكيلات الجوية المقاتلة، ودورات معلمي الطيران، وغيرها من الدورات التي تتضمن تنمية شخصـيته القيادية والعلمية، حتى يكون مؤهلاً من كافة الوجوه في المراحل المتقدمة لقيادة الأسراب المقاتلة وتسلّم المناصب القيادية العليا.
الطائرة المتصدية – ميج 21
نستنتج ممّا تقدم أن الطيار المقاتل يمر برحلة طويلة من الإعداد والتطور حتى يصبح مؤهلاً للواجبات القتالية، وممارسة كافة مفردات الطيران الكثيرة، والقريبة من الواقع المعادي الذي سـيواجهه أثناء تنفيذه للواجب، حتى لا يفاجأ بأمور لم يتعلمها أو يدركها مسبقاً، وعلى هذا الأساس ذكرت للقارئ الكريم في بداية حديثي أن حياة الطيار المقاتل، ولاسـيما طيّار الهجوم الأرضي ليست ملكه، وإنّما ملك الواجب أو المهمة التي سـيكلف بها، وعليه أن يتحمل حتى يحقق طموحه الذي جاء من أجله إلى القوة الجوية، أما بالنسبة للأمور التربوية التي نسعى إلى تحقيقها له فهي:
•أن يكون قويّ البنية.
•أن تكون تغذيته من الدرجة الأولى.
•أن يخضع لمتابعة دقيقة لحالته الصحية والنفسـية.
•أن يكون متعاوناً مع زملائه وآمريه ومطيعاً لهم.
من الأمور المهمة في أسراب الهجوم الأرضي هو أن يطير الآمر مع كل فرد من أفراد السـرب لكي يتعرف على خصائصهم النفسـية والأخلاقية، ومستوى طيرانه العام؛ ليتسنى له اتخاذ الإجراء المناسب في الوقت المناسب، إضافة إلى كسب رضـا وثقة ضباطه فيه، وهذا في الحقيقة ما اعتدنا عليه في أسراب الهجوم الأرضي دائماً، من هذا أستطيع أن أشبّه أسراب الهجوم الأرضي ومن دون مبالغة بالبيت الذي يضم الأسرة الواحدة التي تربطها مع بعضها علاقات إنسانية ووجدانية عميقة، أساسها حب الوطن والدفاع عنه مهما كان الثمن.
وعلى هذا الأساس فإن معظم أسراب الهجوم الأرضي في الحرب مع إيران، تجددت أكثر من ثلاث مرات بضباط طيارين جدد؛ نتيجة لاستشهاد أو أسـر أو فقدان نسبة كبيرة منهم، وظلّت أسـرابهم شامخة تشهد على أفعالهم البطولية التي لا تنسَ، وأذكر منها الأسراب 1، 5، 6، 8، 19، 29، 44، 109، 115، 119، 69، ثم أسراب متعددة المهام لاحقاً أثناء الحرب ومنها الأسراب 79،89،81، 91، وغيرها من أسراب الهجوم الأرضي يشهد على أفعالها البطولية وتضحياتها الأعداء قبل الأصدقاء، وكانت لها صولاتها المعروفة في الجولان ومصـر في حرب رمضان 1973، وها هم شهداؤنا الأبرار قد رووا بدماءهم الزكية أرض الكنانة والجولان، أمثال الملازم الأول الطيار سلام محمود أيوب، والملازم الأول الطيار عصام جانكير، والملازم الأول الطيار رضا جميل والملازم الأول الطيار أحمد صالح، والملازم الأول الطيار قيس عبد الرحمن، والملازم الأول الطيار سامي فاضل، والملازم الطيار إبراهيم كاظم، والملازم الطيار اسماعيل سليمان، والملازم الطيار متعب علي الزوبعي، والملازم الطيار عامر أحمد القيسـي، والنقيب الطيار كامل سلطان الخفاجي، والرائد الطيار نامق سعد الله، والنقيب الطيار وليد السامرائي، والمقدم الطيار سمير زينل.. وغيرهم، ناهيك عن الأسرى من الطيارين في السجون الإسرائيلية، وممن قذفوا من الطائرة لأسباب تعبوية قتالية، أرواحهم تنادينا وتنادي كل الشـرفاء في الوطن العربي حيّ على الفلاح متى هو الوعد الحق، وطرد المعتدين كل المعتدين من أرجاء وطننا العربي الكبير.
وهاهي الحرب مع إيران قد شهدت ملحمة في استخدام القوة الجوية، قلّ مثيلها في التاريخ المعاصـر، من أجل تحرير الأرض العربية من رجس الأعداء المعتدين.
يتبع ان شاء الله
المصادروالايضاحات
( 1). العراق في التاريخ، مجموعة من المؤلفين (1983)، بغداد، ص313.
(2) . الطيار المتصدي.. هو طيار مقاتل يمارس الطيران على الطائرات المخصصة لأغراض التصدي تجاه الطائرات المعادية أثناء قيامها بضـرباتها الجوية ضد مواقعنا المهمة، وعادةً تُحمل الطائرات المتصدية بأسلحة جو ـ جو من الصواريخ الحرارية والرادارية والمدافع الرشاشة. أما طيار الهجوم الأرضـي أو المقاتلات القاذفة، فهو طيار مقاتل يطير على طائرات الهجوم الأرضـي القاصفة التي واجبها التوغل في عمق العدو لمعالجة أهدافه الحيوية والاستراتيجية، عادةً حمولتها تتألف من القنابل والصواريخ جو ـ أرض على اختلاف أنواعها، وتحمل أسلحة دفاعية بسـيطة (مدافع رشاشة ) للدفاع عن نفسها.
2179 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع