ميسون نعيم الرومي..والعودة إلى مملكة الروح
الگاردينيا - عبد الرضا غالي الخياط
مابين برد الشتات وقسوة المهاجر والحنين إلى حرائق الوطن الجميل، ترتحل الشاعرة ميسون نعيم الرومي عبر نصوصها الشعرية إلى مملكة الوطن الأقرب إلى الروح، والذي ما انفكت طاحونة الحرب تأكل فيه من كل حدب وصوب، وعلى مدار السنين، فمازالت لها فيه صبوات عشق وحنين، ونخلة سامقة في باحة الدار شاهقة، تعلن عن جذوة الحلم في العودة إلى مراتع الطفولة ومرابع الصبا، ولم تستثني من ذلك الشارع النابض لقلب العاصمة - بغداد، حيث نراها تصور بعض المشاهد المألوف في قصيدة طويلة عن شارع الرشيد في ذكراه المئوية وما آل إليه نقتطع منها بعض الأبيات :
شريان الچ بـغـداد .. روحه او وريـده
(الشارع رشيد) اتـلوگ .. احلى قصيده
***
مـيـَّة سـنـَـه هالصار .. عـمـّـرَك تـِـعـَـدَّه
شـارع رشـيـد اليـوم .. طايـح ابـْـشـِـدَّه
***
أحـْلـَه الشوارع چان .. شنهي اللي نابـَه!
ياوَسـْـفـَه حيف اوحيف .. صايـر خرابه
***
تـزهي چـنـت بالبـيـك .. فخر الشوارع
كـلـَّـه مـَـزابـل ليـش ؟.. ياشـَـعـبي باوع!
***
نـبـدي ابـلبـَـن أربـيـل .. نـوصل الساحه
سـوگ الهـَـرَج ليـغـاد .. ياخـذلـَه راحـَه
***
والمكـْـتـَـبـات انـّـوب .. واليـمـْهـَه جامع
والمأذنـات اتـصيـح .. والحسّهـَه سـامع
***
جسر العـَـتـيـك البـيـه .. كـتـْـلـَـوْ ولـدْنـَـه
خضّرَت بـيه اورد .. من ذاكـَـه دَمـْـنـَه
***
شوف الرصافي اليـوم .. تمثالـَه يحچي
من كثر ضيم الناس .. شو چـَـنـَّه يبچي .
مثلما تأخذنا نصوصها المتخمة بالتوق إلى ساحة التحرير وأزاهيرها الغناء المتمثلة بحديقة الأمة، فيما التمسناه من خلال قراءتنا لبعض قصائدها الموشاة بالحب واليقين للبلد الجميل، ولأواصر الألفة ووشائج الرفقة التي ما زالت صورها تخيم على مساحات الذاكرة التي أتعبتها محطات الترحال وكثرة الأسفار في غياهب المجهول، على الرغم مما توفر لها من عناوين الاستقرار ترفض الوطن البديل. حيث أكدت لنا ذلك في سجالها المحموم عبر قصيدة نقتطف منها جزء قليل:
احـروف إسـْـمـَـك يـالـعـِـراق - نـقــْـشـَـت ابـروحي وَشـمـْهـَه
اسـنـيـن عـَـدَّت بـيـهـَه عـمـْري - عـمـر راح اوبـي أثـَـرْهـَه
العـيـن .. عـيـني وانـتَ ضيـهـَه
الـراء .. روحي اوسـال دَمـْهـَه
الألف .. آهـات گـَـلـّـبي وانـت كـلهـَه
الـقـاف .. قـِـبـّـلـَة لـلـبـَـشـَـر وانـت أمـَـلـْهـَه
يـاعـِـراق اوأنـتَ دَمـّي - مـنـَّـك انـتَ اوهـذا رَسـمي
اعـراقي گـالـَـوْ يـا سـَـمـارَك - طـيـبـَة اهـلي اوهـذا وَصْفي.
فالشعر واحة تورق في ظلالها القصائد، ونافذة تطل على أفق الإبداع. وقصيدة الشعر دائماً تطرح صيغ الحياة وتحاصر الحاضر بالأسئلة والأفكار والتأمل بحرية تامة. ولهذا نرى عينيها دائماً ترنوان الى عالمها الأول، الى العراق الذي تنتمي إليه والى بغداد التي نشأت فيها، تعيش في عاصمة السويد - استوكهولم وحنينها أبداً إلى أرض النهرين دجلة والفرات، هذه الشاعرة التي اختارت اللغة الشعبية لغة للتعبير، لم تهجر يوماً حنينها إلى عالمها الأول، وتجلى هذا الحنين أكثر ما تجلّي في قصائدها تمسكت بمبادئ الحرية والوحدة والعدل الاجتماعي، وفي فضحها لصور الظلم والاضطهاد الذي مارسه الاحتلال الأمريكي تجاه العراقيين وما تلاه لاحقا تسعى الشاعرة الى التوازن بين الكلمة والفعل، حيث نقرا لها من قصيدة العيد في الكرادة :
لحـم انـعـِجـَن للعـيـد صارَوْ ذبـايـح
كـَـرّادَه تبچي اتصيح شوف الفضايح
***
نـاكـل وجـَع وادموع مديـوفـَه بالسـَـم
ارض العـراق احا معجونـَـه بالدَم
***
صارت ثـبـيـرَه اليوم صبـَّـن يالدموع
شعب العراقي ليش بس يبچي وايلوع
وإذ تراها لأول مرة، تشعر بأن جواً شعرياً يتحرك بين يديها وملامحها، وجلستها، وطريقتها في الكلام. لذا ينبغي علينا قبل ان نقترب من عالمها الروحي الذي يزخر بالعطاء والتنوع والإبداع من ان نتناول تجربتها بشيء من الإيجاز ما يعبر عن شاعريتها الفذة وحضورها المتواصل في المشهد الشعري العراقي، الذي شكل موقف وحضور يذكر، وذلك من خلال ما عبرت عنه في قصيدة سنجار بعد ما تم تطهيرها من أعداء الله والدين والحياة والجمال، حيث نسمعها تقول :
سـنـْـجـارعـيـني اتـحـَـرّرَت - رَدَّوْ أهـَـلـْـهـَـه الأحـرار
شـَـدَّوْ الـحـيـل اوعـَـمـّـرَوْ - كـلـْـهـم عـَـزيـمـَـه اوإصـرار
نـَـرَجـس وَرِدْهـَـه اوريـحـان
والـنـاس بـيـهـَـه ألـــوان
مـَـحـْـلـَـه الـسـَـفـح والـوديـان
حـلـْـوَه ابـأرض كـرْدسـتـان - هـَـدَّوْ عـَـلـيـهـَـه الأشـرار
حـرْگـَـوْ أرضهـَـه بـالـنـار - ذبـْـحـَـوا شـَـعـَـبـْـهـَـه ابـدولار.
فالشعر الشعبي لايقل أهمية عن باقي الفنون الشعرية سواءً العمودي منه أو الحر الذي عادة ما يكتب بلغة الضاد، وذلك لارتباطهما بوحدة المعاير الفنية ووسائل التعبير عن قضايا وهموم وطموحات الإنسان الذي يشكل جوهر الطبيعة والوجود. والرومي شاعرة تمتلك قريحة مطبوعة في صياغة الشعر الشعبي، وهذا الفن هو الأقرب إلى عامة الناس منه إلى بقية الفنون الإبداعية الأخرى، لما يتميز به من معاني إنسانية جميلة وصور أخاذة يكتب بلغة العامة حيث يقترب من روح الواقع ويعبر عن هامش الحياة في الكثير منه ببساطة بالغة، ويركن إلى معالجات نقدية ترتقي إلى مستوى الوعي الجمعي. حيث إننا نجد في هذا الفن من القول والذي عادة لايخرج عن طور القوالب المعتادة له، كالغزل والتشبيب بالحبيب، والعتب الممزوج بالشكوى والفراق. ونرى ذلك في قصيدة تتسم بالجمال الأخاذ :
عـاشـگ يـغـَـنـّـي يا هـوى
كـل خـطـوَه وابـجـَـيـتـَـه هـَـلـَـه - عـاشـگ يـغـَـنـّـي يا هـوى
ضـحـْـكـَـت اعـيـون امـلـَـوّنـَـه - خفه اوحسن كـلـَّه حـوَه
نـَـجـمـَـة صبـح بـعـيـونـَـه
حـلـم الـعـمـر بـجـفـونـَـه
سـنـبـل حـَـصاد ابـلـونـَـه
حـَـنـَّـت الـروح اوبـَـس إلـَـه - والـشـامـَـه بـالـوَجـْـنـَـه ضوَه
***
عاشـگ يـغـَـنـّـي يا هـوى
حـِسـْـنـَه حـسـِن يـغـزي العـيـن - ابـمـاي الـوَرِد هـالـمـَـعـجـون
نـاي اوربـابـَـه لـو حـچـَـه - شـَـط الـعـشـگ يـطـلـب عـون
مـَـرسـوم وجـهـَـه اعـلـَـهَ الـگـمـَـر
والـنـَـظـرَه بـعـيـونـَـه أمـر
شـنـهي السـبـب صـَـدّ اونـُفـَـر؟
هـانـَـت عـَـلـيـه اللـسـنـيـن لاچـَـن ربـيـنـَـه سـوه
عـاشـگ يـغـَـنـّـي يا هـوى
***
ضاع الـعـمـر بـچـفـوفـَـه - نـَـهـر اوغـرَگ بـجـروفـَـه
اشـعـاع الـشـَـمـس بـزلـوفـَـه - جـَـرْح الـگـَـلـب شـيـروفـَـه ؟
يـكـتـب اويـمـحـي بـالـعـَـجـَـل
مـنـْـهـه نـَـثـر بـيـهـَـه زَجـَـل
وجـهـَـه بـَـدر لاح اوكِـمـَـل
(يـادنـيـه مو كـلـمـَـن إلـَـه) ! - الـداء إنـت والـدوَه
عـاشـگ يـغـَـنـّـي يا هـوى .
كما أنه لايخلو من موضوعات أخرى متنوعة كالمديح والتعبير عن التجارب والحيوات الإنسانية في بعض صورها الصادمة للإنسان، إلا إننا نلمح بوضوح مغاير عن ما هو معروف في تجربة الرومي ومن خلال قراءتنا لمجمل قصائدها التي تربو على خمسمائة قصيدة منشورة في اغلب الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية المحلية والعربية والدولية، حيث نلمح بوضوح قد وظفت ذلك الخزين من المشاعر الفياضة في صالح القضايا الوطنية والإنسانية لشعب لا يزال يرزح تحت مطرقة الآلام وفقد الأحباب من جراء الاحتلال الأمريكي وما خلفه من تداعيات كارثية تركت أثارها على البنية التحتية والواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وعلى السلوك العام. والشاعرة هنا مكتوية بناريين، نار الغربة التي أبعدتها عن الوطن الأم لفترة تقدر بأكثر من ثلاثة عقود من الزمن، ونار اشتعال الفوضى التي تحاصر منبتها الأصل. وهي بما تحمل بين جوانحها من هموم الوطن تحاول جاهدة الاقتراب منه عبر نصوصها الشعرية التي يغلب عليها طابع الاهتمام بالواقع الاجتماعي والسياسي بشكل مغاير عما عهدناه من طبيعة النص الشعبي في أغلب معالجاته المعهودة، حيث ينحو في أكثر مواضيعه نحو أغاني الغزل والعتب وما شابه ذلك. على الرغم مما كتبت في كل القوالب المعروفة للشعر الشعبي ومنه الدارمي تحديداً الذي يشكل نقطة ضوء في المنظومة الشعبية. إلا إننا نجد ذلك الاهتمام الكبير قد اخذ مساحة واسعة من كتاباتها الشعرية، وكأن القصيدة لها محصورة في تجسيد صوت الشعب وحده دون رسم بقية المعاني التي يعالجها الشعر الشعبي، ولو أخذنا مجموع قصائدها بشكل كامل لتبين لنا أنها عبارة عن سيرة استعادية شائقة ليوميات عراق ما بعد الفوضى فيها من الرصد الدقيق لكل التفاصيل الصغيرة منها والكبيرة، قدمت بأسلوب بديع وبعين فاحصة، تحاول بطريقة غير مباشرة أن تقهر العنف والظلم الذي شهده العراق خلال العقود اللاحقة. وهذه ميزة تحسب لها دون الآخرين من ان تعبر عن تطلعات وآمال المحرومين من الفقراء والمساكين وما أكثرهم في بلد البترول والذهب.
هذا وقد تسنى لنا اللقاء بها في حوار عفوي اتسم بطابع الموضوعية في الحديث عن تجربتها الشعرية وبعض قضايا وهموم القصيدة الشعبية وما آلت إليه.
* من هو المعلم الأول لتجربتك الشعرية، وكيف كانت ؟
- إنني من عائلة ترتجل الشعر صاغرا عن كابر، والظاهر ان للجينات فضل كبير في ذلك، حيث ورثت القافية وما تمتلك من معاني سامية، أشعرتني إنني شاعرة. وهذا ما اكتشفته في بداية مشواري مع روح القصيدة الشعبية التي لامجال للهروب منها بالرغم مما انا فيه من مشاغل وبعد المسافات التي تفصلني عن روح الوطن الأحب والأقرب إلى نفسي. بالإضافة الى تشجيع الأصداقاء بنشر كتاباتي .
* ما نهض بالقصيدة التي تكتبينها من الناحية السردية ستراتيجي في تركيب الزمن " الواقع " اثر جمالياً العمق الفكري للمتن الحكائي، كيف تم ذلك ؟
- ان الثقافة بشكل عام ومنها الفن والأدب، والشعر الذي هو رافد من روافد الأدب هو انعكاس لعلاقات متشابكة بين الوضع الاجتماعي، والسياسي، والتاريخي، واقعا معيناً يعيش فيه الشاعر أو الأديب والذي يؤثر فيه وفي عمله الذي هو في نفس الوقت عامل مؤثر في العملية الاجتماعية والثقافية لنفس الفترة. حيث ان العمل الأدبي هو إفراز لواقع يعيشه الأديب، والشاعر يطرح تركيبته النفسية وأفكاره ومعتقداته وانطباعاته ليصوغها في صور أدبية أو شعرية، تحكي واقعا معين لفترة ذلك العمل، ان كان سياسيا او اجتماعيا أو وجدانيا والتي تعبر عن أفكار ومشاعر وخصوصية الشاعر.
* نرى في الكثير من القصائد التي تكتبينها قريبة من الحدث، كمن عايش الواقع بالتمام والكمال، كيف تهيأ لكِ بناء الصورة بهذا الشكل وأنتِ بعيدة عن الوطن ؟
- غادرت وطني على عجل وتركت هناك في بغداد التي اعشق، آمالي وفرحتي، تركت ملاعب الصبا وحلم حياتي، تركت ورودا زرعتها أتوق الى عطرها ورحيقها والى نخلة بيتنا الجميلة، ورائحة الطلع تبشر بما سوف تهدينا من عسل تمرها، وإلى أنفاس التراب عندما يقـَـبـّـل المطر وجه الأرض بعد غياب. وأخذت معي في حقيبتي الصغيرة دمعة حائرة، و آمال تائهة، ووجعا صامتا، عشت في المنفى وعيني شاخصة الى بغداد، أعيش إحداثها اليومية وأتابع أخبارها بانتظام . بعيدة بجسمي، وروحي فيها، لذلك انا أعيش إحداثها أولاً بأول واردد دائما هذا البيت من الشعر: خلاني وكتي اوياك ريشة أبوسط ريح
لاتثبت على الگاع لاتقبل أتطيح .
* توظيف المثل الشعبي في القصيدة، هل يعتبر تقنية لتوصيل موقف معين إلى المتلقي، أم أنه يعبر عن رؤية إبداعية في الكتابة الشعرية ؟
- الأمثال الشعبية هي أدب شعبي بليغ، وهي تطلعات الشعب، وصوته ووسيلة تعبيره عن واقع يعيشه، كما أنها موروث تاريخي عن أحواله، وانعكاسا لأفكاره، والأمثال والشعر الشعبي، هما صنوان يكملان بعضهما معاً، ويشرح احدهما الآخر، وفي هذه الحالة لايمكننا الفصل بين ان نعتبرها كتقنية لتوصيل موقف معين الى المتلقي، أو أنها تعبر عن رؤية إبداعية في الكتابة الشعرية، وخاصة الشعر الشعبي .
* كيف تنظرين إلى واقع الشعر الشعبي كجنس أدبي في راهن الأحداث والتحولات الدراماتيكية، وما المستقبل الذي ينتظره ؟
- الشعر الشعبي هو موهبة، وإحساس مرهف وخيال يصور حالة معينة كما يراها الشاعر وينقلها بلغة مبسطة تكون اقرب الى فهم الأكثرية من الشعب بلغة سليمة مفهومة ومعانٍ بليغة. وللشعر الشعبي بحوره، وأوزانه، وقوافيه، وهناك مدارس عديدة للشعر الشعبي، وقد اشتهر شعراء كثيرون في هذا اللون من الشعر، ومنهم على سبيل المثال الشاعر العملاق مظفر النواب، وعريان السيد خلف وغيرهم. ولو رجعنا بالتاريخ، نرى ان الشعر الشعبي اخذ حيزا كبيرا وتطورا وقبولا أكثر من السابق، وحسب اعتقادي انه فرض نفسه، وفي حالة تطور مستمر وقد ازداد مريديه ومحبيه. كما انه استوعب وتمثل كل الاحداث والمتغيرات الجذرية التي أخلت بالبنية المجتمعية في راهن الواقع المعاش. وما بقاءه مرهون ببقاء الإنسان على أرض بلاد ما بين النهرين .
* ما أهمية الشعر الشعبي؛ وتحديداً الدارمي، وهل له من أثر على تشكيل الوعي الجمعي ؟
- ان الشعر الشعبي هو اقرب الفنون الإبداعية إلى لغة السواد الأعظم من الناس، لذلك يوصل الغرض والفكرة الى المتلقي بشكل مباشر، ومحبب، ويلهب المشاعر والأحاسيس، حسب المضمون الشعري.
إما الشعر الدارمي، وهو من أهم الألوان الشعبية يكتب ببيت واحد يتكون من صدر وعجز، بصوره جذابة وأحيانا بطريقة سؤال وجواب وينتهي بقافية واحدة متشابه تحمل معنى القصيدة بالكامل، أو بشطرين وصدرين، وهناك من طوره وجعله بأربعة أشطر وأكثر من ذلك، ويشمل مواضيع متنوعة وكثيرة، وعادة ما ينتشر بشكل خاص في مناطق جنوب العراق وتحديداً في محافظتي ميسان وذي قار، ويتميز بخصوصية إبداعية عن بقية الفنون الشعرية من حيث الشكل والبناء والموسيقى، بالإضافة إلى استخدامه في الغناء الشعبي المحلي وبعدة مواضيع من بحور الأغاني، حيث يعتمد الإيجاز في لغته المستمدة من الواقع المعاش فضلاً عن التصوير الجمالي في التعبير وبث الأفكار وإيصالها للآخرين بيسر وسهولة. إما فيما يخص التسمية التي وسمت به تعود على ما يذكر ان أول من ابتكر هذا اللون من الشعر هنّ نساء الدوارم - فرع من قبيلة بني تميم العربية المعروفة بحسبها ونسبها في تاريخ العرب، حيث تتمركز في عدة مناطق من جنوب العراق ولما تزل. وهناك من يقول أنه ينتسب إلى مسكين الدارمي الشاعر الأموي المشهور صاحب القصيدة المغناة " قل للمليحة في الخمار"، وله أسماء عديدة في العراق، منها شعر الفرات الأوسط، وغزل البنات لكثرة تداوله بين البنات، وهناك علاقة وثيقة تربطه ببحور الشعر الستة عشر.
إما قضية أثره على الوعي الجمعي فجميع أنواع الشعر له اثر كبير على الوعي ومنه الشعر الدارمي خاصة، انا شخصيا اعشقه بشغف كبير.
* كيف لنا ان نرتقي بالقصيدة، حتى تكسب النجاح والقبول من قبل القارئ والناقد ؟
ان عوامل نجاح القصيدة حسب رأيي، هي جمالية الصور، وموسيقي الوزن، وسلاسة الكلمات، ورقة التعبير، وعذوبة الألفاظ ، وموضوع القصيدة وانسجامها مع الحدث المعين، في الزمن المعين وقبول الأكثرية لها .
* كيف تمت معالجة موضوعة المرأة في نصوصك الشعرية، ومن أي جانب تنظرين إليها ؟
إن المرأة تشكل نصف المجتمع، بل قل هي المجتمع كاملاً والمربية للنصف الآخر. ولها دور فاعل ومؤثر في بناء المجتمعات، وبالمحصلة النهائية تعتبر مفتاح التطور والرقي في المجتمعات المتقدمة، وهي من يضع اللبنة الأولى في طريق تقدم وازدهار الشعوب، ولكي ينهض المجتمع بالكامل يجب النهوض بالمرأة أولا، وتعزيز قدراتها الثقافية، وزيادة مشاركتها في كافة المجالات، الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، وتشجيع مساهمتها في العملية الإنتاجية والتنموية، بما يحقق لها مكانتها واستقلالها، خاصة وقد أثبتت جدارتها عبر مشاركتها الفعالة في جميع الميادين والأنشطة المختلفة، ومنها الإسهام بالعملية التنموية.
إما كيفية معالجة ذلك في نصوصي الشعرية، فقد نظمت قصائد كثيرة تصب في هذا الهدف الذي أؤمن به .
* ما المطلوب من القصيدة تحديداً، تصوير الواقع أم طرح الأسئلة ؟
ان الشعر مرفق حيوي من مرافق الحياة، الذي له أهدافه ودوافعه وخصوصياته، فهو مجموعة من الأحاسيس، والأفكار، والمشاعر والصور الإنسانية المترابطة والتي تعكس تأثيرها على أفكار كاتبها، وتأثره في واقع وإحداث فترة زمنية معينة. إما كيفية إيصال مايريده الشاعر، فله قناعاته في ذلك سواء بتصوير الواقع أو بطرح الأسئلة أو بكليهما معاً.
* لو خيرتِ بين المنفى والوطن، ماذا تختارين ؟
لقد عشت في المنفى أكثر من ثلاثة عقود، عرفت فيها الغربة، ولوعة الشوق، وحرقة الفراق، وكم تأملت، وحلمت أن تتغير الأوضاع لأعود الى وطني، أعيش بين أهلي وناسي، انا عراقية حد النخاع، كل ذرة في جسمي تتوق العودة الى وطني، امشي في شوارعه، اسمع لغتي، اسلم على الجيران، أتذوق الحميمية والطيبة العراقية. وبغداد مدينتي هي حلوة الجميلات، لقد سافرت الى دول كثيرة وبلدانٍ متعددة لم اشعر بما أشعره في بغداد من سعادة تمتلكني وفرحة تملأ روحي. لقد علمتنا الدول الحاضنة لنا معنى الحرية والحياة الكريمة، واحترام الإنسان والسهر على راحته، ومن حقنا كبلد غني ان نعيش حياة كريمة، عندها أكون أول العائدين الى بغداد حبيبتي، بغداد التي تسكن في جوانحي، وملء قلبي وعيوني .
وفي الختام أود ان أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لكَ ولمجلة الگاردينيا الغراء، وإلى رئيس تحريرها الأديب جلال چرمگا لإتاحتكم ليّ فرصة التعبير عن نفسي متمنية للجميع الإبداع الدائم مع كل الود .
● هناك في القريب العاجل قراءة قيد الانجاز عن تجربة الشاعرة مع الاستشهاد ببعض قصائدها نتناول فيها معظم قصائدها بشكل مسهب .
839 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع