المكتبة الفلسطنية في كركوك
أعداد :ياسين الحديدي
من تاريخ كركوك الشامخ والصامد في وجه الزمن وفي احدي دكاكيين بناية المحاكم القديمه تلوح لك يافطة بسيطة تشيرالي المكتبة الفلسطنية المتراصة في جانبيها محلات الخياطة التي كانت في زمن مضي محط اقبال الراغبين في خياطة البدلات الرجالية ويعتاش اصحاب المهنة حاليا علي تغريم الملابس لعزوف الكثيرين عن الخياطة واقتصار ذلك علي بعض كبار السن من الموظفين القدماء وذلك الي لجوء الكثيرعلي الملابس التركية الجاهزة باسعار مريحة
وعند دخولك المكتبة يستقبلك صاحبها الاستاذ عبد السلام صبري بابتسامته ووجه البشوش ويدعوك الي الراحة علي كراسي معدودة بعد اصابع اليد الواحدة ومعظم المترددين الي المكتبه معروفين لصاحبها وهم فقط من المثقفين والاعلاميين والشعراء والكتاب الذين وحدهم يسبحون في عالم الكتب ويكتبون القصائد والقصة والمقالة والنثر لهم ولزملائهم للطلاق بالثلاث طلاق لافتوي له ليعودالي احتضان الكتاب مرة ثانية بعد ان كانت بغداد تقراء والقاهرة تؤلف وبيروت تطبع ..
ذهب ذلك الزمن وانتهي نهائيا بانتهاء القرن الماضي واقتصر ذلك علي عدد محدود جدا مضاف اليهم جيل طامح اكاديمي غير مثقف يسعي للحصول علي الشهادة العليا للجاه والوظيفة والكسب المادي الا ماندر وعند تحط جسمك علي احدي الكراس الفارغة تجول في عينيك علي جدران المكتبة الممتلئه حيطانها التي اكل عليها الدهر وشرب الكتب المتنوعة القديمة وبعض اصدرات المدينة الجديدة التي توزع مجانا من قبل كاتبها للزملاء والمحبيين لعدم وجود اقبال للشراء علما ان المطبوع لايتجاوز 300 نسخة في الحد الاعلي والمكتبة هي حاليا منتدي ثقافي وملتقي للمثقفين والتي تدور فيها الحورات والنشاطات تفوح منها منها رائحة زكية وعبق الماضي حيث لابديل لغير هذا المكان وهو المتنفس الوحيد لافتقار المدينة الي الي النوادي الثقافية وحتي الاجتماعية علما ان هذه المدينه كانت من المدن المتميزه بكثرة النوادي الموظفين والمعلمين والنفط والعمال والفنانيين والحقوقيين والزراعيين والمهن الطبية وقد تحولت جميعها في السبعنيات من القرن الماضي الي مراكز ثقافية وتحتوي علي مكتبات وقاعات للعروض السينمائية والنشطات المختلفة وتحولت في اواخر التسعنيات بعد قرارات الحملة الايمانية الي اماكن للهو فقط واندثرت حاليا وتحول معظمها الي مواقف للسيارات والبعض الاخر متىروك والي حيطان متهرئه
هذا الاهمال المتعمد يوحي اليك ان ايدي خفية تعمل بعقلية ذكية لمحاربة العلم والمعرفة والثقافة وكل جميل من الماضي حيث كان العراق له الريادة في الحركة الادبية والثقافية حيث اين ماتذهب تري امام عينك المكتبات ودور النشر والمطابع واصدرات ترفد العراق بكل جديد وعود علي بدء لهذه المكتبة الصامدة والمتحدية للزمن لازالت شاخصة وتقوم بدورها لخدمة المجتمع الاكروكلي حيث يتبني صاخبها الاخ سلام بنشر وتوزيع نشاطات ادباء كركوك وتوزيعها الي المجلات والجرائد لنشرها وطبع الكتب عن طريق دور النشر الاهلية في بغداد وكردستان ..
وقد حمل هذا الرجل رسالة والده ومنذ عام 1973 بعد وفاة صاحبها المرحوم سليم صبري وهو من مواليد 1918 وكان يعمل في شركة نفط الشمال وقد مارس في العمل المهني النقابي منذ الستنيات مدافعا عن حقوق الطبقة العاملة وبعد وفاته انتقلت ادارة المكتبة الي نجله وهو شاعر واديب واعلامي ومترجم وهو خريج كلية العلوم القسم الجيلوجي جامعة بغداد وبكالوريوس علوم عسكرية تفرغ الي المكتبة بعد وفاة والدة تاركا العمل الوظيفي ولازال قائما عليها واصبح هذا المكان لصيقا لذاكرة المدينة ومحطة ورئة يتنفس منها اكتاب والصحفيين هواء مفعما بالطيبة والصدق والحنو والعلاقات الصميمية فما من اصدارالا تجد له مكانا الي جانب الاصدرات القديمة التي تحيطها مجموعة كبيرة مؤطرة لرواد ومبدعي المدينة من الاخياء والموتي والمهاجرين الي ديار الغربة لتشعرك ان تاريخ أي اديب او مبدع مخلد في صومعة المكتبة الفلسطنية وهي تحاكي تاريخا باكمله وشخوصا لهم ذكريات معهم ومنهم الشهيد الدكتور صبري عبد الجبار والمرحوم جليل القيسي والمرحوم جان دمو وياوز الهرمزي والمهاجر فاضل العزواي وكثير كثير منهم من الادباء والشعراء الاكراد والتركمان والعرب هذا الخليط المتجانس المنصهر في بوتقة واحدة المستمر ين في العطاء همهم الوحيد هو خدمة المدينة واهلها وهم نموذج الصادق للوفاء والمحبة تحية للجميع وتحية الي الاخ عبد السلام صبري راعي هذا المكان الطيب للجميع وبدون تمييز والي الناطقين بالموجات الثلاث كما يطلق علي مواطن كركوك حيث يجيد اللغات الثلاثة.
رحلت منا يسلام بسلام وانسللت من حياة الصخب بهدوء ولم نودعك ولم تودعنا ايها الحالم فقدنا السحابة والغيث فقدن الهوي والحب فقدنا نورس من نوارس كركوك وغابت شمسك عن سمائنا وحل الظلام في نفوس الاصدقاء وحل الفراق لم نعد نسمع صوتك الهادئ ومحيك الباسمة واناملك التي تلمس حروف الطابعة العتيقة في حضورك نعرف معني الحياة علمتناكيف نحبك ولم تعلمنا كيف نفترق عنك تركتنا ورحت مغادرا سريعا كان تسعي الي موعد الي حبيب لم يمهلك الزمن مخالب اكلت في جسمك الطري حزنك يابا ابا احمد لهيب شمس لا ادري ولم افكر انني وغيرك نودعك بهذا الزمن القياسي وقنا بصمت ونحن نسمع بالخبر العاصف خبر الوداع وليس للوداع مكان ام انه سفينة بلا شراع ولكن سيبقي الموت هو الانين وستبقي الذكريات قاموسا تردد عليه لمسات الوداع والفراق والوداع والموت هو البقاء نهمس فيما بيننا عن وحشة الفراق انت لوحة المشاعر ونشعر بالضيق ونحن نمر امام الاطلال وعش الشعراء هذه هي سنة الكون يوم يحملك ويوم تحمله ولا امل في عودته وينزع السهم ويعيد الحياة ان الابواب مغلقة موصدة والقيت المفاتيح في سرا ديب الزمان لم يقتلنا غيابك ياسلام بل يقتلنا تمرد القلوب بالحنين اليك نم قرير عين العين كما نام الدك في تراب كركوك وهو القادم من جحيم النكسة القادم من فلسطين حاملا جراحه ودموعه وتستقبله كركوك بالاحضان وتصبح هذه العائلة الكريمة جزء فعال منها وتبقي المكتبة الفلسطنية شاهد للتاريخ وتحكي قصة اجيال التفوا حولها ويحدقون بتاريخا الثر اين انت ياموشي واين تذهب بعد الن وانت وزميلك التؤام ابا اندلس وانتم تخطون الي المكتبة الي لقاء ابا احمد اين يذهب ازاد اين يذهب عدنان البياتي اين يذهب هاشم الجباري اين يذهب غمكين اين يذهب الحمداني من يقاسمكم الحزن ويخفف عنا وعنكم قسوة الفراق القاتل الصامت والقاهر الميت والجرح الذي لايبراء والداء الحامل لدوائه تحياتي والصبر والسلوان للجميع
بتاريخ 18ايلول انتقل المرحوم سلام صبري الي مثواه الاخير ودفن ليا في مقبرة الشهداء احمد اغا
المقالة اعلاه كنت قد نشرتها في موقع الكاردينيا وموقع كتابات بتاريخ 29 اذار 2016
ياسين الحديدي
2214 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع