مئة عام من الكتابة الروائية في العراق
نجم عبدالله كاظم لم يكتفِ بالفهرسة فقط، بل كثيراً ما يصف العمل وصفاً مختصراً مهمّاً جداً للباحثين الذين يبحثون عن أعمال بمواصفات بعينها.
ميدل ايست أونلاين /ميسلون هادي:عايشت هذا الجهد الببلوغرافي لزوجي الدكتور نجم عبدالله كاظم على مدى أكثر من خمسة وثلاثين عاماً تتبع خلالها النتاج الروائي العراقي خلال تلك الأعوام، منجزاً بمفرده ما كان يتطلب إنجازه فريق عمل من المفهرسين، إذ لم يكتف الناقد الدكتور نجم عبدالله كاظم بمسح أكثر من 1300 رواية عراقية صدرت ما بين العامين 1919و2014، وإنما قام بتوصيف الكثير من الروايات، واستقراء هذا النتاج الروائي، والخروج ببعض النتائج وإلإحصاءات التي جعلها على شكل ملاحق بما خرج به من نتائج تحليلاته واستقراءاته للفهرست الرئيس والفهارس الفرعية، وهي نتائج إحصائية وتوصيفية طريفة أحياناً، ومهمة أحياناً أخرى.
كما لم يقتصر الكتاب على الفهرس العام للرواية، وإنما اشتمل على فهارس فرعية هي: فهرست الرواية النسوية في العراق، فهرست رواية اليهود ذوي الأصول العراقية، فهرست رواية الفتيان العراقية في القرن العشرين، فهرست رواية العرب المقيمين في العراق.
يعدّ الناقد الدكتور نجم عبدالله كاظم هذا الفهرست (1919-2014) طبعة أولى لـ "الفهرست الكامل للرواية العراقية في مئة عام (1919-2019)"، والذي ينوي نشره عام 2019 أو 2020، ولهذا ناشد الباحثين والدارسين والنقاد والروائيين وعموم القراء بأن يبادروا بإعلامه بالروايات التي فاته إدراجها في الفهرست، مما صدر خلال السنين التي غطاها، وبالروايات التي ستصدر خلال السنوات الأربع القادمة.
هذا الفهرست صدر عن دار الشؤون الثقافية في بغداد ليكون أشمل فهرست معنيّ بالسرد العراقي. وقد سبقته جهود ببلوغرافية مماثلة ظهرت في حقب زمنية مختلفة للدكتور عبدالإله أحمد، وصباح مرزوك وعبدالقادر حسن أمين وعمر الطالب، ولا ننسى جهود آخرين في مجال فهرسة المطبوعات بشكل عام ككوركيس عواد وعبدالجبار عبدالرحمن.
ولعل ما يميز فهرست الدكتور نجم عبدالله كاظم إنه غطى ما يقارب المئة عام، وهذا القرن هو العمر الفعلي للرواية العراقية، إذ يقدّم كل ما صدر خلال هذه المدة الطويلة، من روايات، ومن قصص طويلة منشورة في بعض المراحل المبكرة حين وجدها تقترب بدرجة أو بأخرى من الرواية.
أكبر مزايا هذا الفهرست تتجلى في إنصاف الرواية العراقية وإضاءة إنجازاتها كماً ونوعاً في ظل شيوع أحكام مسبقة وغير دقيقة كثيراً ما يرسمها البعض عن الرواية العراقية، سواء في وسائل الإعلام، أو الدوريات الثقافية وأحياناً حتى في الدراسات النقدية والاكاديمية، وبعضها يكون بعيداً عن الواقع إلى درجة كبيرة تنم عن جهل بالرواية العراقية الجديدة، أو تجاهل غير مقصود.
ولهذا نجد هذا الفهرست يقدم شهادة حية تتزامن مع الحضور العربي للرواية العراقية، محرضاً على اكتشاف هذه القارة المدهشة التي غيبتها ظروف النشر والسياسة، بينما هي تشكل معلماً في السرد العربي له خصوصية شديدة.
وليس بقليل من الدكتور كاظم هذا الجهد المبذول من أجل إنصافها، ولا بكثير على الرواية العراقية هذا الفهرست المهم في عالم البحث والكتابة الرصينة، كونه سيكون مصدراً يعول عليه للدارسين والباحثين المعنيين بالرواية، والسرد، والأدب العراقي عموماً، خصوصاً أن المؤلف لم يكتفِ بالفهرسة فقط، وبما يعني إدراج عناوين الروايات ومؤلفيها ومعلومات نشرها، بل كان كثيراً ما يصف العمل وصفاً مختصراً مهمّاً جداً للباحثين الذين يبحثون عن أعمال بمواصفات بعينها، أو تنتمي إلى اتجاهات أو أنواع معينة، الأمر الذي سيختصر الكثير من الوقت والجهد على هؤلاء الباحثين.
كتاب "فهرست الرواية العراقية 1919-2014" يأتي ضمن مجموعة كتب تُعنى بالرواية والسرد عموماً صدرت مؤخراً للدكتور كاظم، ومنها ما صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت كــ "رواية الفتيان، خصوصية الفن والموضوعات"، وكتاب "نحن والآخر في الرواية العربية المعاصرة"، الذي فاز بجائزة الإبداع العربي التي تمنحها مؤسسة الفكر العربي في لبنان.
770 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع