د. ضرغام الدباغ
كنت أسير ذات يوم شتائي قارص البرودة في إحدى شوارع شبانداو القديمة ببرلين، أستوقفتني لوحة كبيرة وضعها صاحب محل لبيع الصور في واجهة محله، اللوحة ترغمك على الوقوف والتفكير، وعندما يحملك عمل فني ما على التفكير، فبتقديري ذلك يجعل مستوى العمل الفني راقياً، بالإضافة إلى قوة تكنيك العمل. ثم أخبرتني صديقة ألمانية أنها لوحة للرسام البريطاني الشهير جاك فتريانو(1992The Singing Butler-).
فيما بعد وعندما تابعت أعمال هذا الفنان الرائع، وجدته كعادة الرسامين الكبار يحوم حول ذات الموضوعات : الحياة البوهيمية، والمغامرة والصخب، العاصفة على سواحل البحار. أعمال فتريانو جميلة إلا أن هذه اللوحة هي رائعة بكل المعاني، باللون والتكنيك والفكرة، هي لوحة النادل الراقص، رجل وإمرأة يرقصان السلو(Slow) وربما التانغو، الجو ملبد بالغيوم الثقال، عاصف ينذر بالاهوال، وكل شيئ يوشك أن يطير في فضاء المحنة المحدقة، إلا الرجل والمرأة فهما يواصلان رقصهما بكل أناقة وأنسجام، غير عابئان بكل ما يدور حولهما.
الصورة تذكر بقصيدة نزار القباني :
أميرتي .. إذا معا رقصنا على الشموع لحننا الأثيرا
وحول البيانو في ثوان وجودنا أشعة ونورا ..
وظنك الجميع في ذراعي فراشة تهم أن تطيرا
فواصلي رقصك في هدوء... واتخذي من أضلعي سريرا
وتمتمي بكل كبرياء:
يحبني... يحبني كثيرا .
هذه اللوحة أحبها كثيراً، إنها ترمز لي لقوة الحياة، وتحدي العواصف بالحب، لذلك أهديها بكل محبة إلى الصديقات والأصدقاء من القارئات والقراء.
1969 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع