المدى/ترجمة: عدوية الهلالي:في الخامس عشر من كانون الثاني لهذا العام ، دخلت الروائية الانكايزية الشهيرة بكتابة الروايات البوليسية حجرة الطوارئ لاصابتها بجلطة دماغية اودت بها الى الوفاة في يوم السبت الفائت الموافق الثاني من شهر ايار الجاري عن سن ناهز الخامسة والثمانين ..
وهكذا فقدت الاوساط الأدبية واحدة من اشهر كاتبات الرواية البوليسية ووريثة اجاثا كريستي كما يود البعض ان يصفها ، كما جاءت وفاتها مباشرة بعد وفاة الروائية ب،د، جيمس الشهيرة ايضا بكتابة الروايات البوليسية والتي توفيت في تشرين الثاني الفائت وهذا يعني فقدان اثنتين من رموز الرواية البوليسية خلال بضعة اشهر..
كان لكلتا الروائيتين مقعد في مجلس اللوردات البريطاني فضلا عن تربعهما على قمة فن الرواية البوليسية البريطانية لمدة نصف قرن ..فيما يخص الراحلة روث رندل فقد ولدت في السابع عشر من شهر شباط في عام 1930 في احدى ضواحي لندن من والدين متعلمين ومن أب انكليزي وام سويدية ودرست في الدنمارك وكانت تتحدث السويدية والدنماركية اضافة الى الانكليزية ..
منذ طفولتها ، كانت روث قارئة نهمة ثم مارست كتابة القصص وعملت على نشرها في الصحيفة المحلية (لو تشجويل تايمز) ..وفي سن العشرين ، تزوجت روث من دون رندل ثم تطلقت منه عام 1975 قبل ان تتزوج مجددا في عام 1977 من رجل رائع تقاسمت معه حياتها حتى وفاته عام 1999 ، وكانت قد اقامت معه في الريف على بعد بضع مئات الكيلومترات من بلدة كونستابل ، وتاثرت كثيرا بوفاته لأنه كان رزينا ومحبا وكان يقوم بكل اعمال المنزل ليتركها تكتب ،وبعد رحيله ، باعت منزلها وغادرته لتستقر في مايدافال في شمال لندن حيث مارست الصحافة لفترة وجيزة ..
في عام 1964 ، بدأت روث بممارسة مهنة الكتابة مع رواية (الحب المتعب ) التي اعلنت عن ولادة شخصية المفتش (ريغ ويكسفورد ) ومنذ ذلك الوقت وبعد النجاح الذي حققته تعاقبت رواياتها التي كانت تنشرها كل بضعة اشهر حتى بلغت نحو 70 عملا ترجمت اغلبها الى حوالي 32 لغة، وكانت قد استوحت نحو 25 رواية منها من سيرتها الذاتية ، الى جانب روايات تناولت فيها قضايا بوليسية كلاسيكية ومسلية ، وحملت 28 رواية من رواياتها اسمها الحقيقي روث رندل بينما حملت 14 منها اسم مستعارهو ( باربارا فين ) ..ولم يفضل اغلب الناشرين في فرنسا استخدام اسمها المستعار لاغراض تجارية اذ طبقت شهرتها آفاق اوروبا وصار من اللازم كتابة اسم روث رندل على الرواية لضمان نجاحها وانتشارها ...
لقد تخصصت المؤلفة في كتابة رواية الجريمة النفسية حيث قامت بتشريح المجتمع الانكليزي وتناول الجوانب المختلفة للجريمة كالشذوذ الجنسي والبرود والوحشية ، ولم تغفل عينها الذكية عن التقاط أي شيء من غرائب المجتمع وتطوراته كما كانت روائية ملتزمة بالقضايا الهامة مثل الصراع ضد الأمية وحماية حقوق المراة والاطفال ، وكانت تحقيقات ريغ ويكسفورد تدور حول المشاكل المنتشرة في المجتمع البريطاني من عنف اسري وتمييز عنصري كما تتضمن تحليلات نفسية رائعة للظروف التي ادت الى ارتكاب الجرائم ...
حازت رندل على عدة جوائز كبرى في مجال الأدب البوليسي ومنها جائزة ادغار عام 1975 عن روايتها المدهشة (الستارة الممزقة ) اضافة الى اربعة جوائز (داغار) ذهبية وحصولها على تكريم جليل من اعلى سلطة ادبية هي وزارة الادباء والكتاب في أمريكا عن روايتها ( السيد الكبير ) ، فضلا عن شهادتين فخريتين وألقاب شرفية اذ تمت ترقيتها الى مرتبة قائد في الأمبراطورية البريطانية عام 1996 عن روايتها ( البارونة رندل في بابيرغ ) التي تم اقتباسها الى السينما والتلفزيون ايضا وقام ببطولة المسلسل جورج باكستر لمدة 13 عاما مابين 1987 وحتى 2000 وتحت عنوان (الغاز روث رندل ) ..أما في السينما ، فقد وجدت في كلود شابرول اكثر مخرج معجب بأعمالها ومتحمس لها فقد اقتبس منها في عام 1995 رواية ( الحكم في الحجر ) التي تحولت الى فيلم فرنسي بعنوان (الحفل ) من بطولة ساندرين بولير ، وبعد عشرة اعوام من ذلك أخرج فيلم ( وصيفة شرف ) عن روايتها (وصيفة العروس ) في عام 2001 ، اضافة الى عدة افلام اخرى ، كما قام مخرجان فرنسيان آخران هما فرانسوا اوزون الذي قدم فيلم ( صديقة جديدة ) وباسكال توماس الي قدم فيلم (منزل السيدة العانس ) فقد أكدا بذلك مزايا تلك السيدة العظيمة التي كانت تحب القطط كثيرا رغم ان صديقتها الروائية ب،د،جيمس عملت جهدها لتساعدها على الخروج من عزلتها وحياتها مع القطط التي كانت تفضلها على حضور جلسات مجلس اللوردات ..
وفي فرنسا ، تم طبع كل كتب روث رندل بشكل متعاقب لدى منشورات كالمان ليفي ودار دوتير للنشر حيث صدرت في الثامن والعشرين من كانون الثاني الفائت روايتها الأخيرة (حياة مناسبة جدا ) ..
من ناحيتها ، ذكرت دار نشر بنغوين راندوم البريطانية التي كانت برندل تتعامل معها انها فقدت واحدة من افضل الروائيات واكثرهن شعبية في مجال الادب البوليسي في العقود الأخيرة.
664 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع