صعوبات تواجه الحب.. ماذا يمكن فعله لانقاذ حياتنا؟

            

بغداد ـ جلال سالم:السياسيون يعتقدون ان الحياة قائمة على توازن القوى ويؤمنون ان البقاء تحسمه الحروب احيانا اما الله فقد اراد للحياة ان تكون في صلة ذلك الذكر بتلك الانثى وجعل بينهما مودة ورحمة حتى يعمرا الدنيا بالحب.

شباب تتراوح اعمارهم بين 18 ـ 25 يتحدثون عن فرص حب ضائعة. البعض يتحدث عن علاقات مستعجلة محكومة بظرف الزمان والاخر عن اماكن مفقودة .

عصام جامعي في المرحلة الثالثة تحدث عن ضغوط كثيرة وفرص قليلة وقال: العلاقات الانسانية تحتاج الى بيئة ملائمة. نحن في الجامعة نعاني من قلة الوقت. هناك فسح ضيقة بين المحاضرات والوضع الامني دائما يضغط باتجاه العودة مبكرا الى البيت ومغادرة الحرم الجامعي في وقت محدد يقاس بزمن آخر محاضرة كما ان الحياة الجامعية تفتقر الى السفرات والرحلات الترفيهية والعلمية وبات الحرم الجامعي يخضع لسيطرة خارجية .

ويتابع عصام موضحا: النشاطات الترفيهية تكاد تكون معدومة والاحتفالات تقتصر على مناسبات رسمية لا تجذب الطلبة ولا تمنحهم القدرة على الاختلاط السليم. في السابق كنا نقوم بنشاطات كثيرة ونحتفل بمناسبات البعض منها يمتاز بالخصوصية كاقامة حفلات اعياد ميلاد لزملاء وزميلات وتنظيم سفرات بالاتفاق مع الاساتذة اما الان فالوضع مختلف والجامعة مسيسة ومؤدلجة بضغوط خارجية تسعى لتنظيم العلاقات الانسانية وفق هواها ومحو هامش الحرية الشخصية .

الحب يحتاج الى ميزانية مالية ضخمة. هذا ما قالته مريم وهي تضحك وتابعت: ابني في مرحلة المراهقة وهو يستخدم الموبايل في علاقات انا متأكدة انها بريئة ولكنه توقف عن ذلك مرغما واخذ يكثر من ممارسة الرياضة.

رياض قص حكايته قائلا: لا ازور خطيبتي في بيتها الا صباح يوم الجمعة ونحن نسستخدم الموبايل طوال الاسبوع في الحوار وتبادل الرسائل القصيرة . نخفي عن بعضنا الاحراج ونستمر في الكلام لساعات. لا اذكر انني اهديتها شيئا غير كارتات التلفون، وهي تقوم بـ (سحقه) كله في محادثة واحدة كتعبير عن الوفاء ورد الجميل. المشكلة اننا لا نستطيع ضبط غزلنا واذا ما اراد احدنا ان يقتصد فالطرف الاخر سيفسر الانقطاع على انه زعل او خلاف فنعود لنتغازل اكثر من السابق.

الطبيعة ومنها الحدائق وضفاف الانهار هي من اهم وسائل الحب وهذه الاشياء غير موجودة في بغداد الان.

                       

عبد المنعم تحدث عن تجديدات الحب وقال: انا متزوج منذ سبع سنوات ولدي نظرية مكتسبة من تجارب كثيرة. (تحدث عن اشياء غير صالحة للنشر) وانتهى الى نظرية اخيرة تقول: بعض النساء لهن قدرة على الظهور بشكل آخر في الظروف الاجتماعية المختلفة. زوجتي انيقة في طبعها وهي تجيد التعامل في الاماكن العامة. في الماضي كنا نخرج ونتناول طعامنا في المطاعم العائلية على ضفاف دجلة. هناك تكون الخدمة ممتازة ويقدمون النارجيلة. الاجواء الشاعرية تنقلنا الى عالم اخر.

يسترسل عبد المنعم قائلا: العواطف تحتاج الى تربية وتنشيط وهي لا تكون جاهزة على الدوام في اعماق الانسان. لقد كنت اجد في تلك الجلسات شيئا جديدا خاصة وانني احرص على تفردها وتمتعها بكافة المواصفات الرومانسية وكنت اجد نفسي كثير الامتنان لفكرة الزواج. الان اختلف الامر فمنذ ثلاث سنوات لم اتناول وجبة العشاء مع زوجتي خارج المنزل. ضفاف دجلة مناطق عسكرية محظورة فضلا عن (البلاوي) الاخرى المعروفة وانا اليوم اعاني من ازمة ولا ادري كيف يمكن للحب ان يتجدد وسط هذه المصائب الكثيرة ومناظر الدم واصوات الانفجارات ومطر الرصاص الذي لا ينقطع.

سهيلة تعمل ممرضة في قسم النسائية في مستشفى عام تحدثت عن حالات وصفتها بالغريبة. تقول هذه الممرضة الخبيرة: بعض النساء يتعرضن الى حالات اسقاط في الشهور الثلاثة الاوائل من حملهن وعند حدوث ذلك لا يأسفن وكأنهن يتعمدن ذلك.

وتضيف سهيلة: الوضع النفسي للسيدة الموشكة على الانجاب يكون صعبا. انهن يحاول التخفيف من خلال التعبير عن كرههن للرجال. الان اكثر النساء يعبرن عن هذا الشعور المعادي في بداية الحمل او منتصفه وهن دائمات الشكوى من الظرف الاجتماعي ونسمع قصصا تشيب الطفل الرضيع اثناء نزولهن في المستشفى لعارض ما.

بغداد لا تفتقر فقط الى الحدائق وضفاف الانهار بل الى الكافتريات والمقاهي المختلطة ذات الاجواء المقبولة.

حسين فاضل عبر عن شعور بالاحباط حيال الزمان والمكان في العراق وقال: القضية خطيرة وتتعلق بحق حياتي مغتصب منذ زمن طويل. نحن ضحايا للحروب والارهاب. كلنا ضحايا والحياة اصبحت لا تطاق والامراض تأكلنا.

           

وتابع حسين: انا في الثلاثين واصبت بجلطة. لا اشعر انني املك مساحة للتحرك ومشاعري متحجرة وميتة. في احيان كثيرة تنتابني حالات من الثورة والاحتجاج وافكر دائما في تطليق زوجتي والهرب من البيت. انا اتابع التقارير التي تبثها الفضائيات عن الحياة في اماكن اخرى. احن كثيرا للجزر النائية والحياة البسيطة البعيدة عن الحروب. كثيرا ما تخيلت نفسي البس جلود الحيوانات واطارد ارانب برمح. اريد الهرب من كل شيء والعيش في السنغال او في غابات الامزون وفي الصحراء الكبرى. في كل يوم اشتبك بعراك مع اناس لا يقومون بشيء ضدي. لا ادري لماذا اصبحت عدوانيا ولكنني اتوق للهجرة والعيش خارج الزمن العراقي .

الدكتور عبد السلام ادريس اخصائي علم نفس يقول عن حالة حسين انها شائعة جدا في المجتمع العراقي وحذر من كوارث على المستوى الانساني اذا لم تهتم الحكومة بهذا الجانب وتسعى الى حلول جدية في هذا الموضوع .

يقول الدكتور عبد السلام: هناك مسؤولية تقع على عاتق الحكومة والساسة. ان البلاد المتطورة تهتم بالجانب الجمالي والحياتي وهي تترك العالم الانساني خارج سياقات التسييس ولكن الانظمة العربية تستغل الحياة الاجتماعية لاهدافها وتحاول اجراء تغييرات قسرية في هذا واذا ما اضفنا حالات الحروب والارهاب فأن الضغط يزداد بشكل متصاعد. هناك امثلة عدة في التاريخ ونعلم ان شعوبا مرت بهكذا ظروف وجرى تذليلها بقرارات وقوانين صارمة. العراقيون الاكثر تعرضا لتداعيات الحرب فالفرد العراقي يعاني من هذه الحالة منذ ربع قرن تقريبا وهناك ضغوطات نفسية تشير الى كارثة انسانية على وشك الحدوث.

صناعي عراقي مخضرم قال ان المنتوجات الصناعية العراقية متخلفة جدا فضلا عن التخلف في الجودة والانتاج والتسويق واضاف: الدول المتقدمة تضع في حساباتها مسألة الاذواق والاتجاهات العاطفية للانسان. هناك منتجات تعتمد بالدرجة الاساس على عاطفة الانسان ومنها الحب بين الذكر والانثى وهذا يساهم في تجميل الحياة ورقيها. نحن لا نملك اي مفهوم صناعي حول هذا والامر يحتاج الى دراسة واستغلال كامل للدعاية والاعلام والسعي الى ربط المنتوج بالحاجة الانسانية والذوق الجمالي.

مسؤول بلدي في بغداد لا يرى اي ربط بين الجانب العاطفي والجمالي في شوارع بغداد ويقول ان المهمة الاساس في الخدمات هو تجنب الاختناقات وتوفير انسيابية في العمل بكل مفاصل الدولة .

من المسؤول عما يحدث لنا؟. سؤال اطلقه ربيع العبيدي واضاف: الحروب قتلت روح الحياة والرغبة في اعماقنا بسبب الطغاة وسوء استخدام السلطة. اجيال واجيال سحقت وجرى تدميرها ولا يمكن تعويضها. شبابنا واطفالنا يريدون الحياة بشكلها السليم والانساني.. من هو المسؤول. ماذا يمكن فعله لانقاذ حياتنا؟

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

901 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع