منذ اكثر من عامين والفنان العراقي المميز عبد الستار البصري غائب عن التمثيل لأسباب لا يعرفها سوى المنتجين والمخرجين، فهو يفضل العودة للعمل كبائع متجول، لأن عزة نفسه تمنعه من التذلل للحصول على دور من هذا أو ذاك.
صورة قديمة للبصري أثناء عمله كبائع متجول في التسعينات
عبدالجبار العتابي/بغداد: عبّر الفنان العراقي عبد الستار البصري عن ألمه لإيلاف قائلاً أنه لم يشتغل في أي مسلسل درامي منذ عامين ولإسباب لا يعرفها، مؤكدًا أن بعض المنتجين والمخرجين ينتظرون منه أن يطرق أبوابهم ليسألهم عن عمل أو دور يسندونه اليه، ولكنه يرفض هذا حتى لو إضطر الى أن يعمل بائعًا متجولًا في شارع الرشيد كما فعلها من قبل حين جلس على الرصيف ليبيع بعض المواد البسيطة كي يعتاش منها.
وقال البصري: الحمد لله انني لست في كتلة (الشللية والمجموعات)، لا انتمي ولن انتمي لها، فلم يسبق لي ان طرقت بابًا من اجل العمل في التلفزيون او المسرح بل ان بابي هو الذي يطرق، لم اطرق باب منتج ولا مخرج ، طوال مدة عملي منذ عام 1962 الى حد الان، وهي مدة طويلة.
الان ينتظرون من الممثل ان يطرق ابوابهم ليستجدي عملاً، لا والله لن افعلها ابدا ، لن اتذلل لأحد حتى لو إضطررت الى العودة للجلوس في السوق وبيع أي شيء، او أعود بائعًا متجولًا في شارع الرشيد ، حيث خضت هذه التجربة ايام الحصار في التسعينيات، كنا ننتظر من التغيير ان ينقلنا نحو الاصلح والافضل ولكننا للاسف صرنا نرجع الى الوراء.
واضاف: اتمنى ان يكون هناك انصاف وعدل ونضج عقلي وفني للقيمين على المؤسسات الفنية، ومن قبل المنتجين والمخرجين وكل من يدعون بأنهم ينتمون للساحة الفنية الثقافية.
ويضيف بحرقة: شاهدت مؤخرًا مسلسلا عراقيًا يجسد فيه ممثل شاب شخصية شيخ عشيرة، وأسأل المخرج هل انت مقتنع ان هذا الشاب يصلح لدور شيخ عشيرة ؟ هل خلت الساحة من رجل كبير في السن ليؤدي هذا الدور؟ ويضيف: "اذكر شهادة للمخرج حسن حسني، عندما كان لا يزال يعمل، قال لي: لو كنت احضر لعمل وفيه شخصية تناسب الممثل فلان، وبيني وبينه عداوة، ساعطيه هذه الشخصية، لانني اريد لعملي ان ينجح، هناك العديد من الفنانين الكبار عاطلين عن العمل، والعشرات منهم يجلسون في بيوتهم لم؟ ولمصلحة من؟
وينتقد البصري آلية توزيع العمل على الفنانين قائلاً: كان من المفترض ان يكون هناك سجل للفنانين كما هو الحال في مصر وسورية ولبنان، ومن خلاله يعمل الجميع، طالبت به قبل 20 سنة، ان تكون جمعية للممثلين بمعزل عن نقابة الفنانين ولكن لا أحد يسمع، فلا يوجد مبرر لبطالة الفنان في ظل حركة فنية نشيطة، ما السبب ؟ ولمن نشتكي؟ اين العلة؟ اذا كانت في الفنانين ليقولوا لهم اين المشكلة، هل هم ممثلين سيئين، هل المشكلة في الأجر، دعونا نعرف اين الخلل لنتداركه.
وإنتقد البصري بعض المواضيع التي تتطرق اليها الدراما العراقية اليوم قائلاً: لا أفهم سبب جنوح الدراما العراقية لإنتاج اعمال فيها عنف ودم ، رغم أننا نتعايش مع هذا المشهد بشكل يومي، فالعائلة العراقية، والشارع العراقي والفرد العراقي، يتوق للهرب من العنف في الشارع فيطارده عبر الشاشة.
ولا أفهم سبباً لإقتران الكوميديا في يومنا هذا بالإسفاف. ونحن لا نريدها، والناس لا تريدها، هل خلا المجتمع العراقي من قصص جميلة؟ اعطوا المجتمع العراقي البهجة، والفرحة، والسرور، أرسموا البسمة على وجه العائلة العراقية الحزينة، ناديت ومثلي كثر ، ولكن بلا طائل.
وحول نوعية الأدوار التي يبحث عنها قال: أرفض أن أكون ممثلاً كوميديًا فقط ، فأنا ممثل، بمعنى مشخصاتي ، اؤدي كل الادوار، وعيب على ممثل عندما يسند له دور ان يقول لا يناسبني فأنا ممثل كوميدي او ممثل دراما، في منهجي هذا عيب ، الممثل ممثل.
وختم حديثه بالقول: الألم يعتصرني عندما أشاهد ما يقدم على خشبة المسرح، هذا ليس بمسرح، سمه ما شئت، انا اسميه اسفافًا وغيري يسميه تهريجًا، فقد تعلمت من اساتذتي ان التهريج هو علم يدرس في اكاديمية الفنون الجميلة، ولكن ليس هذا الذي نشاهده الان، المهرجون كما في السيرك قد درسوا التهريج علماً واصولاً، ووضعوا له اساسياتلا علاقة لها بما يقدم اليوم، هذا حرام، هذا فساد، نحن لا ننتمي الى هذا المسرح، نحن ننتمي الى المسرح الذي يدرس، و يعطي للمجتمع لبنات اخلاقية، الذي يعطي صفحات مشرقة، وللاسف عندما اسال بعض الفنانين لماذا تذهبون الى هذا المسرح يجيبون: بحثاً عن لقمة العيش، تصور .. احد الاساتذة الكبار سالته لماذا يشتغل في المسرح الهابط، كان رده لأنهم يدفعون، وهو ممثل له بصمات كبيرة على المسرح العراقي. أي بؤس هذا؟
1821 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع