د. يعكوب منصور: بصمـة متميزة في المهرجان العربي الكلداني بديترويت
" في العام 1981 كلفت من قبل الأتحاد الديمقراطي العراقي لأكون ممثلا له في الهيئة الأدارية للمهرجان العربي بمدينة ديترويت، ثم رئيسا للأعوام 89، 94 ،95 و1996" يقول د. يعكوب منصور "ولم احسب ابدا بأن هذا الأنتداب قد يطول لكل هذه السنين ولغاية اليوم".
يقام المهرجان سنويا في منطقة (الهارت بلازا) بمركز مدينة ديترويت ومطلا على نهرها الجميل ومحاطا بعماراتها الشاهقة، وقد سمي منذ العام 2000 بالمهرجان العربي الكلداني ، ويستقطب الآف الزوار الذين يأتون من كل اطراف المدينة للمشاركة او لمشاهدة عروض الأزياء والحفلات الغنائية والرقص الفلكلوري او لتناول الأطعمة الشرقية على مدى يومين عادة ما تكون في اواخر شهر تموز من كل عام.
كيف كانت البداية
سألت د. يعكوب الذي يتبوء مركز رئيس الهيئة الأدارية، عن بدايات هذا المهرجان فقال: دأبت بلدية ديترويت الى تشجيع ممثلي المكونات القومية التي تحتفي ديترويت بهم، لأقامة مهرجانات فلكلورية وشعبية في هذه المنطقة السياحية من ديترويت، مستثمرين واجهة النهر وأشهر الصيف الثلاث لتعزيز الأواصر بين ثقافات الشعوب، وقد تقدم في العام 1972 مجموعة من الطلبة العرب الدارسين هنا بطلب القيام ب "المهرجان العربي" وقد جرت الموافقة علىالطلب. ويواصل د.يعكوب قائلا: في تلك السنين لم يكن لجاليتنا العراقية/الكلدانية حجما كبيرا ولا حتى تمثيلا ملموسا في المنظمات، بل التمثيل اكثر كان للمنظمات الفلسطينية واللبنانية واليمنية، وأبتداءا منذ العام 1980 عام تأسيس الأتحاد الديمقراطي العراقي، صار لنا وللكثير من المؤسسات العراقية حضورا كبيرافي المهرجان وفعالياته المختلفة.
ماذا تقدمون في المهرجان
تشترك في المهرجان على صعيد التهيئة حوالي 20-30 جمعية ومنظمة وهيئة، تقدم كل منها مساهماتها ومشاركاتها لأنجاح فعاليات المهرجان التي تبداء عادة بحفل الأفتتاح الخطابي والذي تشترك فيه كبار الشخصيات الرسمية المهمة في بلدية ديترويت ومن مؤازري المهرجان وممثلي الجمعيات، ثم يليه انطلاقة الفعاليات والأغاني ليومين كاملين وتتضمن عادة الغناء الذي يقدمه اما فنانون منفردون او فرق جماعية، مع فرق للرقصات الشعبية والدبكات، معرضا فنيا للوحات تصور الحياة في الدول العربية، ومعرضا للتحفيات والملابس الفلكورية هذا اضافة الى العديد من الأكشاك التي تقدم الأطعمة العربية والكلدانية او تبيع التحفيات والهدايا.
بماذا يتميز هذا المهرجان
لاشك بأن مهرجانا كبيرا يقام في مركز مدينة ديترويت يشكل حدثا سياحيا وأقتصاديا مهما للمدينة يقول د.يعكوب، فمن الناحية السياسية يزوره رئيس بلدية ديترويت وبعض المسؤلين فيها، وقادة الشرطة والحكام، كما يحضر حفل الأفتتاح ممثلي القنصليات العربية في المدينة، العراقي والأردني واللبناني والسوري واليمني، ومسؤلي المنظمات العربية وممثلي الشركات الراعية للمهرجان...
كما نقوم سنويا بأستضافة احد كبار الفنانين، من امثال المرحوم فؤاد سالم، جعفر حسن، سعدون جابر، محمود انور، اسماعيل الفروجي وحسام الرسام، كما ساهم مسرح المهرجان بأستضافة وأبرازعشرات الفرق والفنانين العراقين والعرب (المحلين) الذين صاروا نجوما بمرور الأيام من امثال، ماجد ككا، عميد أسمرو، ماجد زنكلو، جوليانا جندو، رعد بركات، رعد كيزي، كريم البياتي، الياس حداد، خيري بوداغ، علي بردى، رنا ونعيم، محمد الأتات، سوسن نيجر، عمر جربوع، وفرق فرسان العرب وليالينا للرقص الشعبي وأسماء كثيرة لامعة. ان مجمل عملنا يهدف للحفاظ على الهوية الثقافية التي تتميز بها الشعوب العربية، مع ابناء المكون الكلداني في هذه المدينة، وأبراز المواهب، وخلق فرص للتواصل الأجتماعي والأنساني وقضاء اجمل الأوقات وأستكشاف مدينة ديترويت.
الكلف والأرباح
تعتبر الهيئة المشرفة على المهرجان هيئة غير ربحية وأساس العمل بها طوعي، وتقدم كل جهة مشاركة او مستأجرة مبلغا من المال يستخدم لتغطية (ايجار) الموقع من بلدية ديترويت، ولدفع اجور الحمايات والسهر على سلامة وأمان الزوار، وفي نهاية المهرجان توزع بعض الأرباح (ان كانت موجودة) على المشاركين فيما يبقى جزء آخر بعهدة الهيئة المشرفة لتغطية النفقات للأعوام القادمة. تبلغ تكاليف المهرجان السنوية حوالي (80 الف دولار) تأتي معظمها من الشركات والمؤسسات الكبرى الراعية للمهرجان، والتي تستفيد من فرص الدعاية .
هل تؤثر المهرجانات الأخرى عليكم؟؟
توجهت بهذا السؤال الى د.يعكوب للأستفسار منه عقب انخفاض مستوى المشاركة في المهرجان العربي الكلداني فقال: قبل الأجابة عليك اود ان اعود بالقارئ الكريم قليلا الى الوراء حينما كانت الجالية متمركزة في منطقتان رئيسيتان عشية دخول عقد السبعينات من القرن المنصرم، ديترويت ومنطقة ديكس، اما اليوم فقد تضاعف عدد ابناء الجالية اضعافا وأضعاف، فتوسعت رقعة سكنها، وتعددت مدنها غربا وشرقا وشمالا، وصار مركز المدينة بعيدا نسبيا عليها، لهذا لجأت العديد من التجمعات الى اقامت مهرجاناتها الخاصة بها، ومن جانبي فأني سعيد لهذه النشاطات، فهي تساهم بأذكاء الديناميكية في جاليالتنا وتبرز العديد من المواهب والقابليات، لكن تبقى هذه المهرجانات ((محلية)) بكل ما للتسمية من معنى، ويبقى مهرجان (ديترويت) العربي الكلداني حاملا لأرث كبير ووزن سياسي اكبر. وأنا ادعو ابناء وبنات جاليتنا الغالية الى المساهمة بالكل، ودعم مهرجاننا الكبير لما فيه من دعاية مهمة لتعزيز وزن جاليتنا وسط المكونات القومية والأثنية الأخرى التي تزدان بها مدينتنا الحلوة. لقد تجاوز مجموع الحضور في عقود السبعينات والثمانينات ال 100 ألف زائر آنذاك، اما اليوم فأنهم يعدون بالآلاف، ونعمل كل ما بوسعنا لتسهيل وتشجيع المشاركة، وقد يلعب الطقس احيانا دورا اساسيا بذلك، ناهيك عن نجوم المهرجان!
سيرة ذاتية
ولد د.يعكوب منصور في مدينة (باقوفا) التابعة لمحافظة نينوى، انتقلت عائلته لبغداد عند طفولته، ودرس الأبتدائية في مدرسة العوينة ، ثم متوسطة الرصافة وبعدها الى اعدادية النضال التي لم يكملها، حيث فصل في العام 63 من قبل زمرة الحرس القومي، مما اضطره للألتحاق بالحركة المسلحة في شمال العراق برفقة القادة الميامين توما توماس وملك جركو، حتى العام 65 حينما استفاد من العفو وعاد لبغداد حيث اكمل الدراسة في ثانوية المأمون. سافر بعدها الى جيكوسلوفاكيا للدراسة، فأختار كلية الطب في مدينة "براتسلافا" عاصمة سلوفاكيا الآن. بعد تخرجه ،عمل لفترة قصيرة ثم هاجر الى الولايات المتحدة العام 76، اذ عمل مع مجموعة من الجراحين في اختصاص جراحة التجميل، وقد وصل اخيرا الى مرحلة التقاعد. في اوربا كان نشطا في "جمعية الطلبة العراقين" وفي الولايات المتحدة عمل في الكثير من المنظمات والجمعيات التقدمية العربية، وكان من مؤسسي الأتحاد الديمقراطي العراقي ومازال نشطا ويحضرفعالياته لليوم. يهوى كرة القدم، ويمارسها بين الحين والحين، ترأس مؤسسة "الأتحاد الكلداني" للأعوام 96-2000 ويفخر ان في فترته كان الأتحاد الآشوري العالمي قد نظم سفرة الى ايران، وشارك في الوفد، اذ التقوا الرئيس الأيراني، وقدموا له طلبا رسميا بأطلاق سراح العديد من الأسرى العراقين (الذين وردت اسمائهم من عوائلهم الساكنة بديترويت) ومن حسن الحظ، فقد اطلق سراح (22) اسيرا بعد حوالي اسبوعين من انتهاء السفرة.
أخيرا
لمن يعرف د.يعكوب، او لمن عمل معه، يعلم جيدا بأنه انسان جاد ويرغب دائما بأكمال المهام الموكلة له، وهو يصف عمله في المهرجان العربي الكلداني "بالمفخرة" رغم متاعبه الكثيرة، لكن يبقى بالنسبة له مهمة "وطنية نبيلة" تهدف الى شئ انساني كبير للثلاثين سنة التي خلت. ويضيف د.يعكوب: ان حجم العمل الذي نقدمه ودقة تنظيمه وحرصنا الشديد على انجاحه، دفع بلدية ديترويت والشركات الراعية والكثير من المؤسسات المعنية بتراث الشعوب والصحافة والأعلام الى تكريمنا بالألواح التقديرية سنويا، وهذا بقدر ما نعتز به فأنه يدفعنا للعمل اكثر وتقديم الأفضل.
اما عندما سألته عن العراق اليوم، قال بعد تنهيدة عميقة: كنا نتمنى الخير للعراق بعد سقوط الدكتاتورية، لكن الأحتلال اساء له، وساهم بتمزيق العراق عبر الطائفية والحكومات والقادة الفاسدين والمحاصصة، كما قال: "ما يهمني بصفتي انسان علماني، ان احيّ اي جهد ينصب في اتجاه توحيد شعبنا العراقي، وقواه المدنية الوطنية، حيث آمل ان يتحقق الأنجاز والنجاح في القريب العاجل".
كمال يلدو
شباط 20014
956 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع