بغداد – جواد الحطاب:أكدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" في تموز الماضي أن العنف الموجه ضد الأطباء في العراق هو السبب الرئيس لهجرة العقول من البلاد.
فأصبحوا ملائكة الرحمة المتنفس الوحيد لإحباطات أهالي المرضى أو جرحى العمليات الإجرامية أو المهمشين اجتماعيا، وفي غياب هيبة القانون وعدم احترام الدولة، بات الاعتداء عليهم نوعا من "فش الخلق" وبدلا من رفع القبعات لما يبذلونه من تفان لمساعدة المحتاجين إليهم يتحوّل موت المريض أو عوقه إلى أداة ابتزاز رخيصة.
محنة لم يملك الأطباء حلا لها سوى إعلان "الإضراب" كلما أحاط بهم الظلم عسى أن ينتبه المجتمع إلى معاناتهم.
بعض المعنيين بالشأن الصحي تحدثوا لـ"العربية نت" عن ظاهرة مرافقة لظاهرة "الإضرابات" وهي البحث عن أماكن آمنة سواء في إقليم كردستان أو الدول التي تقبل الهجرة للتخلص مما يتعرضون له من تهديد واعتداءات؛ في الوقت الذي تدعو فيه الحكومة الكفاءات المهاجرة – وتحديدا الأطباء – إلى العودة لبلادهم.
محكمة خاصة بالقضايا الطبية
ويقول الطبيب الاستشاري رافد الخزاعي إن "أهل الضحية يحملون الأطباء مسؤولية موت جرحى الانفجارات والقتل العشوائي وينسون الجزار والقاتل الحقيقي"، مؤكدا أن "المطالبة بإيجاد محكمة خاصة بالقضايا الطبية باتت ضرورة ملحّة تضمن حقوق الطبيب والمريض باعتباره مستهلكا للخدمات الطبية؛ وقد طبقتها مثلا أميركا والإمارات العربية المتحدة؛ ويلتزم بموجبها الطبيب بالوثيقة العلاجية ومصارحة المريض بكل تفاصيل علاجه لبناء علاقة متوازنة بين الطبيب والمريض والمجتمع ".
ويحمل الطبيب والحقوقي المعروف جاسم العزاوي الدولة والإعلام "ضرورة نشر الوعي الاجتماعي بين المواطنين ليتعلموا مدى التضحيات التي يقدمها الأطباء؛ فهم يغامرون بحياتهم من أجل الوصول إلى مستشفى أو عيادة في شارع مفاجأته غير متوقعة وفي أي لحظة؛ بينما يحتمي السياسيون وراء الجدران وفي المنطقة الخضراء ".
وأضاف "تنظيم العمل داخل المؤسسات الصحية؛ وموعد الزيارات وتحديد عدد المرافقين؛ هي أبسط الإجراءات المتعارف عليها والضرورية لتحسين عمل الكوادر الطبية؛ ولعل من المفارقات المضحكة المبكية أن يستورد العراق أطباء من الفلبين والهند وبعض الدول الأخرى؛ في حين يسعى أطباؤه للهرب خارج البلاد".
مشكلة تتفاقم يوماً بعد آخر
وفي هذا الصدد كتب كاظم المقدادي أستاذ الإعلام في جامعة بغداد "إن قضية الأطباء ليست جديدة، وإنما هي مشكلة تتفاقم يوماً بعد آخر منذ غزو العراق وفسح المجال واسعاً أمام تغلغل الطائفيين والفاشلين والمزورين والفاسدين والحرامية وسط الأحزاب المتنفذة في العراق الجديد والشروع بتنفيذ مخطط تصفية عقول العراق بهدف إفراغه من علمائه وكفاءاته، وهو المخطط الذي راح ضحيته لحد الآن أكثر من 5 آلاف عالم وأكاديمي وكفاءة علمية وفنية.. العراق بأمس الحاجة إليهم ".
يذكر أن الحكومة العراقية قد شرعت قانون حماية الأطباء رقم (26) لسنة 2013 لغرض حماية الأطباء من الاعتداءات والمطالبات العشائرية وغير القانونية عن نتائج عملهم.
1039 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع