المدى برس/ بغداد:أكدت الهيئة العامة للجمارك العراقية، اليوم الأربعاء، أنها وجهت المنافذ الحدودية كافة بتنفيذ قانون التعرفة الجمركية، وفي حين بينت وزارة التخطيط عزمها إصدار قائمة تضم نحو 106 سلع مشمولة بالتعرفة أعدت بالتنسيق مع وزارتي المالية والتجارة، اتهمت لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، (مافيات) بالضغط لتأجيل تطبيق القانون، واستبعدت أن يؤدي تطبيقه لارتفاع الأسعار بالسوق المحلية، لكن خبراء اقتصاد أبدوا "عدم رضاهم" عن تطبيق القانون في بلد "يفتقر للإنتاج المحلي ويعاني من الفساد".
وقال المدير العام للهيئة العامة للجمارك، وميض خالد حمد، في حديث إلى (المدى برس)، إن "الهيئة وجهت منافذها البرية والبحرية والجوية بتنفيذ قرار مجلس الوزراء الخاص بتطبيق قانون التعرفة الجمركية، وبحثت مع وزارة المالية والموانئ العراقية إمكانية نصب منظومات لفحص الحاويات والبضائع الداخلة للعراق"، عازيا "تأجل العمل بقانون التعريفة الجمركية لعدة مرات إلى غياب الآليات الخاصة بتطبيقه وارتفاع أسعار السلع في الأسواق العراقية".
وكان وزير التخطيط والتعان الإنمائي السابق، علي الشكري، قد أعلن في (العاشر من كانون الأول 2013)، عن قرار مجلس الوزراء تطبيق نظام التعرفة الجمركية على المواد الكمالية فقط اعتباراً من اليوم الثاني من العام 2014، موضحاً أن التعرفة تتضمن فرض رسم قدره خمسة بالمئة فأكثر من أسعار تلك المواد، و80 بالمئة من أسعار المشروبات الكحولية.
كما أعلنت وزارة المالية، في (الثلاثين من كانون الأول 2013)، عن فرض الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة بدءاً من غد الخميس (الثاني من كانون الثاني 2014 الحالي)، بنسبة لا تزيد على (20%) من قيمتها، مبينة أن الرسوم ستفرض في المنافذ الحدودية كافة بضمنها تلك الموجودة في إقليم كردستان.
من جانبه قال المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "الوزارة ستصدر قائمة تضم نحو 106 سلع مشمولة بالتعريفة الجمركية ابتداءً من (الثاني من كانون الثاني 2014 الحالي)، تم إعدادها بالتنسيق مع وزارتي المالية والتجارة"، مشيراً إلى أن "السلع قائمة المشمولة تضمن السكائر والمشروبات الكحولية والأجهزة الكهربائية".
وأضاف عبد الزهرة، أن "المواد الغذائية والإنشائية والملابس وكل ما يدخل في الصناعات المحلية والمواد الزراعية وأي مادة تتعلق بحياة المواطن استثنيت من التعرفة"، مبيناً أن هذا "القرار يأتي لدعم المنتج المحلي وحمايته وتقليل استيراد السلع الرديئة مع تشغيل الصناعات الوطنية لتشغيل العاطلين عن العمل".
إلى ذلك رأت لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، أن هنالك عصابات منظمة (مافيات) تضغط لتأجيل تطبيق القانون، برغم أهميته في تنظيم التجارة وحماية المنتج المحلي، مستبعدة أن يؤدي تطبيقه إلى ارتفاع الأسعار في السوق المحلية.
وقال عضو اللجنة، محما خليل، في حديث إلى (المدى برس)، إن هنالك "مافيا من التجار يضغطون على الحكومة لعدم تفعيل قانون التعرفة الجمركية"، مبيناً أن "تطبيق القانون تأخر أكثر من مرة، حتى تم التأكيد على ذلك مؤخراً".
وعد خليل، أن "قانون التعرفة الجمركية ينطوي على أهمية خاصة وعدم تفعيله بنحو جدي يؤدي إلى خلل في اقتصاد البلد، لدوره الكبير في تنظيم التجارة وعمليات الاستيراد والتصدير كما هو الحال في دول العالم أجمع"، مستبعداً أن "يؤدي تطبيق القانون إلى ارتفاع أسعار السلع، لأن التجار لن يتمكنوا من ذلك من دون الخضوع لقانون معين".
على صعيد متصل طالب خبراء اقتصاد الجهات المسؤولة بإلغاء التعرفة الجمركية على السلع، مبررين ذلك بأنها يمكن أن تؤدي إلى "ارتفاع الأسعار مما يؤثر على المواطنين"، ولأن العراق "غنياً بثرواته ولا يحتاج إلى ايرادات الضرائب أو الجمارك".
وقال الخبير الاقتصادي، سالم محمد عبود البياتي، في حديث إلى (الدى برس)، إن "نظام التعرفة الجمركية يعد أحد القواعد العامة لتنظيم اقتصاد الدولة، إلا أنه يجب أن يتناسق مع طبيعة السلع الداخلة وحاجة السوق المحلي لها، وحجم ونوع الإنتاج المحلي ومدى تأثير البضائع المستوردة على المنتج المحلي وحمايته ومنع الإغراق والاحتكار"، عاداً أن "تطبيق التعرفة الجمركية بقدر ما هو مطلوب كمبدأ في المالية العامة، إلا أنه يحتاج إلى قواعد وأسس تنسجم مع الإنتاج المحلي وحاجة البلد في الداخل والسلع المستوردة".
وأوضح البياتي، أن مثل هذا "النظام لا يمكن تطبيقه في بلد لا يوجد فيه إنتاج محلي، وتجاره لا يهمهم المواطن، فضلاً عن انتشار الفساد، وارتفاع الأسعار الذي أثر على القدرة الشرائية للمواطن"، لافتاً إلى أن "تطبيق التعرفة يمكن أن يتسبب بإشكاليات للاقتصاد العراقي".
إما المختص بالشؤون الجمركية والتدريسي في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة بغداد، صالح الخالدي، فرأى في حديث إلى (المدى برس)، أن "القانون أعد على عجل ومن دون أن يستند على تحليلات اقتصادية تفصيلية تحدد مستوى الحماية اللازم لكل سلعة على حدة في ضوء مقارنة تكاليف الإنتاج وأسعار السلع المحلية والأجنبية المنافسة لها في السوق الداخلي"،
وذكر الخالدي، إذا ما "أريد للحماية أن تكون فعالة وتخدم الغرض الحمائي، فينبغي أن تكون بالقدر والمستوى الذي يلغي فرق السعر بين السلعتين المحلية والأجنبية حتى لا تكون المستوردة مفضلة من حيث السعر على المحلية"، وتابع "أي أن تكون نسبة الرسم الجمركي تكفي لتغطية تكلفة إنتاج السلعة المحلية وتمكن من تصريف الإنتاج الوطني وتحقيق الربح وهذا ما يعرف بـ Made to Measure tariff، بمعنى أن الرسم مفصل على قدر احتياج السلعة المحلية للحماية".
من جانبه اقترح الخبير المالي، ماجد الصوري، في حديث إلى (المدى برس)، أن "تكون هنالك خطوة بديلة للقانون تتمثل بإصدار اجازات استيراد للتجار العراقيين لتنظيم العملية التجارية، ومنع دخول السلع الرديئة غير المطابقة للمواصفات العالمية"، معتبراً أن "إصدار تلك الاجازات سيسهل عمل وزارتي التخطيط والتجارة وهيئة الجمارك العامة، في معرفة الدول المصدرة وكمية المواد المستوردة ونوعيتها، فضلاً عن المساعدة في منع دخول البضائع الرديئة لأنها تلزم التاجر باستيراد السلع الخاضعة للمواصفات الدولية".
يذكر أن مجلس النواب السابق، أقر قانون التعرفة الجمركية عام 2010، وكانت أبرز مبررات إصداره وضع تعرفة تتماشى مع إصلاح الاقتصاد العراقي والتعديلات الكثيرة التي طرأت على القانون.
وينص القانون على فرض رسم جمركي على البضائع المستوردة غير الواردة في جدول تعرفة الرسوم الجمركية، بنسبة لا تزيد على 20% من قيمتها، في حين تعفى العينات والنماذج التي ليست ذات قيمة تجارية من الرسوم الجمركية، كما راعى القانون في تطبيق أحكامه التسهيلات الممنوحة بموجب قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 وتعديلاته على السلع المستوردة لأغراض مشاريع الاستثمار حصراً، ويأتي ذلك بهدف جذب أكبر قدر ممكن من الشركات الاستثمارية ورجال الأعمال للعمل في العراق.
وكان العراق يفرض رسوماً جمركية على السلع وفقاً لقانون 77 لعام 1955، قبل أن يتوقف عن ذلك مع دخول القوات الأميركية سنة 2003، ليصدر الحاكم المدني في العراق، بول بريمر، رسوماً بقيمة خمسة بالمئة على السلع الداخلة إلى العراق، عرفت حينذاك برسوم إعادة إعمار العراق.
952 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع