السومرية نيوز:كانت قمة شرم الشيخ التي عقدت يوم امس في مصر بحضور رؤساء وممثلين اكثر من 20 دولة في المنطقة برئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حدثا تفيض منه الأهمية، ولم يشبه أي محفل او قمة او تجمع في العالم وكذلك في منطقة الشرق الأوسط والبلدان العربية التي تكون فيها القمم مجرد ضياع وقت ومملة بالغالب ولا تخرج بنتائج او اثار فعلية على الأرض.
ورغم أهمية القمة على المنطقة عموما بل والعالم أيضا لتعلقها بإيقاف الحرب في غزة، بل نشر السلام في الشرق الأوسط عموما، لكن المحفل كان شديد الأهمية للعراق أيضا لما تضمنه من إشارات وتفاصيل هامشية ورئيسية تخص العراق من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مباشرة، بعد اشهر طويلة من اعتياش الساحة السياسية والإعلامية والشعبية في العراق على "اطباق التكهنات والتحليلات المكررة وغير الطازجة" التي تصدر من مراكز دراسات ومحللين او أعضاء غير مؤثرين في الكونغرس الأمريكي باحسن الأحوال، لذلك كان هناك ترامب، الرجل الأول في اقوى دولة بالعالم، وهو ينظر الى العراق ويفصح عن مكنوناته تجاهه.
كان حضور العراق ممثلا برئيس الوزراء محمد شياع السوداني لوحده عاملا مهما ويمنح ما قد يمنحه من طمأنة بأن العراق ليس هامشيًا في المنطقة ولدى الولايات المتحدة، وانه بلد يمكن التواصل والتفاهم معه وانخراطه باتفاقات تضم كبار المنطقة وان يكون هو احد الضامنين لهذه الاتفاقات، وبعد تأكد الحضور واهميته، جاءت طريقة استقبال ترامب للسوداني خلال فقرة الصور التذكارية عندما كان يستقبل الرؤساء المشاركين تباعا على المنصة لالتقاط الصور الفردية، حيث فتح ترامب ذراعيه بينما كان السوداني يتجه اليه، وليس انتهاءً بالمصافحة وتبادل الحديث وصولًا الى إشارة علامة القبول او التي تسمى بالانكليزية OK، التي فعلها كل من ترامب والسوداني خلال الصورة، وهي حركة لم يفعلها ترامب سوى مع امير قطر أيضا خلال الصورة التذكارية.
بعد ذلك، كانت كلمات الشكر التي وجهها ترامب لكل دولة في ختام القمة، وسيلة تصريح إضافية لنظرة أمريكا تجاه البلدان بعد التلميح الاولي من خلال المصافحة والصورة التذكارية، وفي هذا الجزء من القمة حدث ما نجح بان يشغل الرأي العام العراقي والاوساط السياسية والإعلامية على حد سواء، عندما تحدث ترامب عن النفط العراقي لكن عمليات الترجمة المختلفة كانت تعطي انطباعا وتصورا ربما يختلف عن المعنى الحرفي، فكان نص كلام ترامب ان العراق لديه الكثير من النفط ولايعرفون ماذا يفعلون به، هذه مشكلة كبيرة عندما يكون لديك شيء كثير جدا ولا تمتلك فكرة عن ماذا تفعل به.
تمت ترجمة هذا النص الى معانٍ كثيرة من بينها ان ترامب يصف العراق بانه لايعرف يتصرف او كيف يدير ثروته النفطية وسيواجه مشكلة بذلك، لكن نص كلام ترامب لا يتطابق حرفيا مع هذا المعنى المتداول، بل هو يشبه الوصف الشعبي العام عن شخص يمتلك الكثير من الأموال او أي شيء اخر ولا يجد مجالات جديدة يستثمر بها هذه الأموال، وهذا يختلف تماما عن الاعتقاد بأن العراق "يبذر" ثروته، وللوصول الى فهم اكبر، فان هذه ليست المرة الأولى التي يضع ترامب اهتمامه على نفط العراق، وهذا الموقف يتطابق نسبيا مع مواقف سابقة لترامب في دورته الرئاسية الأولى عندما كان يعتقد انه يجب ان يحصل على نفط العراق مقابل الخسائر الامريكية التي منحتها للعراق لتغيير نظامه.
الشيء الأكثر أهمية، هو ان ترامب ظهور وهو ينظر الى ورقة بينما كان يتحدث بهذه الكلمات عن العراق كما فعل مع كل الدول الأخرى، وهذا يعني انها ليست مزحة ارتجالية بل ملاحظة مثبتة ومخطط لها عن العراق عندما كتب كلمته التي سيلقيها في قمة شرم الشيخ، وهو ما يشير الى رغبة أمريكية مسبقة بالدخول بتفاهمات من نوع اخر مع العراق، قوامها النفط مقابل شيء اخر، على طريقة الاتفاقية الصينية النفط مقابل الاعمار او انشاء مشاريع استثمارية.
لكن عموما، كان حضور العراق الى القمة بمثابة حضوره في "حفل تخرج من الحرب بسلام"، وحصوله على شهادة النجاة بدلا من شهادة الوفاة، فالحرب التي طالت جميع دول محور المقاومة، كان العراق هو الناجي الوحيد والأخير، بينما لم تحضر لبنان ولا سوريا ولا ايران ولا حتى اليمن، مقابل حضور الرئاسة الفلسطينية باللحظات الأخيرة، فكان حضور العراق استثنائيا بالكثير من التفاصيل، بصفته الناجي الوحيد الذي نجح باختبار الحرب والسلم.
917 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع