جسم غريب ينازع الدولة اختصاصاتها
السوداني يتبرأ من تصريحات بعض مستشاريه ويخيرهم بين الاستمرار في العمل الرسمي أو التنازل عن مناصبهم ومواقعهم الاستشارية.
العرب/بغداد- بدأ سيناريو حلّ الحشد الشعبي المشكّل من العشرات من الميليشيات يتحوّل إلى عقدة لحكومة رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني، بعد أن وصل الجدل بشأنه والمطالبات بتنفيذه إلى دائرته المقّربة ما يسبب حرجا كبيرا له إزاء الأحزاب والفصائل المرتبطة بالحشد والمدافعة عنه، والمشاركة في الوقت نفسه في تشكيل الحكومة ذاتها.
وبادر السوداني إلى توجيه مستشاريه بعدم الاجتهاد في التصريحات الصحفية بشكل يخالف السياقات العامة لإدارة الدولة من خلال الإدلاء بآراء شخصية لا تمثل الحكومة، وألا يظهروا أو يصرحوا لوسائل الإعلام إلَّا بموافقة رسمية.
جاء ذلك بعد أن أثارت تصريحات تلفزيونية أدلى بها مستشار السوداني إبراهيم الصميدعي، وعرض خلالها لمسألة حل الحشد، غضبا في صفوف الأحزاب والميليشيات الشيعية التي بادرت إلى المطالبة بإقالة الصميدعي ومحاسبته على تصريحاته.
وقال مستشار السوداني خلال ظهوره على إحدى الفضائيات العراقية إنّ “هناك اشتراطا قديما مفروضا على الحكومات العراقية بحل الفصائل المسلحة ونرى أن الوقت الحالي سيشهد فرض هذا الاشتراط لحل تلك الفصائل وتفكيكها.”
وجاء حديث الصميدعي في هذا الموضوع على إثر ما راج خلال الأيام الأخيرة بشأن تقديم إدارة بايدن طلبا واضحا للسوداني عن طريق وزير خارجيتها أنتوني بلينكن بوجوب ضبط سلاح الميليشيات، وذلك بالتوازي مع أنباء بشأن مساعي أممية لدى المرجع الشيعي علي السيستاني لإصدار فتوى بحل الحشد على غرار الفتوى التي صدرت عنه بتشكيله قبل عشر سنوات.
وقال الصميدعي إن “الحشد الشعبي مؤسسة رسمية وقوية ولكن هناك فصائل منضوية تحت غطاء الحشد وهذا ما يثير الشكوك عند الغرب والولايات المتّحدة ولذلك يطالبان بحل الحشد وإنهاء نظام الدولة والدولة الرديفة،” معتبرا أنّ “القرار السياسي قادر على إنهاء هذه الحالة وتنفيذ حل الفصائل التي تمتلك وجودا سياسيا،” ومعبّرا أيضا عن اعتقاده بأن “ثنائية الدولة والمقاومة ستنتهي قريبا.”
وردّت الأحزاب والفصائل الشيعية بغضب على تلك التصريحات وهاجم مقرّبون منها الصميدعي بشدّة. وقالت منظمة بدر التي يقودها هادي العامري وتملك جناحا مسلّحا يعتبر من أقوى مكونات الحشد إنّ “العراق بشعبه ونظامه السياسي لن يسمح بأي شيء يمس الحشد الشعبي.”
وشدّد القيادي في المنظمة محمد البياتي في تصريحات صحفية على أنّ “الحشد باق ويتمدد،” معتبرا أن حدود العراق مؤمّنة بمشاركة الحشد، وأنّ “الخشية هي من أحداث قد تقع في الداخل العراقي”.
وهاجم المحلل السياسي المقرّب من ميليشيات الحشد الشعبي محمود الهاشمي الصميدعي بشكل مباشر قائلا في تصريحات أوردتها وسائل إعلام محلية إنّ ما أدلى به بشأن الحشد “أقرب إلى الطرفة،” ومضيفا أنّ “قرار المقاومة أكبر من عقله وتفكيره.”
كما وجّه الهاشمي اللوم إلى السوداني قائلا إنّ عليه أن يحسن اختيار مستشاريه، ومطالبا “رئاسة الوزراء باتخاذ موقف واضح بالرد على مثل هذه التصريحات وبجعل الحديث في القضايا الحساسة حصريا لرئيس الحكومة القائد العام للقوات المسلحة، لا لشخصيات تدّعي الاستشارة وتصرح بشكل عشوائي.”
ولا تزال الأحزاب والفصائل الشيعية، رغم الضربات التي تلقاها محورها الإقليمي بسقوط نظام الأسد وانهيار قوة حزب الله وتراجع نفوذ إيران في المنطقة، مركز قوّة وصاحبة قرار سياسي وأمني في العراق، وهو ما يدفع رئيس الوزراء إلى التعاطي بحذر بالغ مع موضوع حلّ الحشد الشعبي.
وعلى هذه الخلفية، وفي تفاعل مع ردود الفعل على تصريحات الصميدعي، أصدر مكتب السوداني بيانا قال فيه إنّ “رئيس الوزراء خيّر جميع المستشارين بين الاستمرار في العمل الرسمي أو التنازل عن مناصبهم ومواقعهم الاستشارية وبالتالي تكون لهم حرية الإدلاء بالتصريحات التي تعبر عن آرائهم الشخصية.”
1196 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع