شفق نيوز/ منذ تخرجه من القسم الإلكتروني في المعهد التقني بمحافظة كركوك عام 1994، لم يستطع عادل حاجي بكر، وهو من مواليد المحافظة عام 1972، أن يخفي شغفه بعمله الفني في صنع المجسمات الصغيرة التي تعكس صوراً عن محافظته كركوك، خاصة أماكنها الأثرية والسياحية.
وازداد ولعه بالمجسمات الصغيرة وحبه للطبيعة التي تحيط به في المحافظة ومدن اقليم كوردستان، ولم يتوقف عن طبيعة الإقليم الخلابة بل راح يبحث من كل المحافظات العراقية عن جزء من حضارة وادي الرافدين الخالدة، حيث تمتاز كل مدنها بمواقع تاريخية او مناظر طبيعية، وراحت أصابعه تعيد تشكيلها إلى مجسمات صغيرة فنية يحاول فيها تخليد تلك الأماكن المحببة له وللعالم.
البداية
يقول حاجي بكر لوكالة شفق نيوز، إن "كركوك مدينة ثرية وغنية بالتراث التاريخي المتمثل بالآثار أو التراث المجتمعي، فحين تذكر اسم كركوك تتوقف عند قلعتها الأثرية ونارها الأزلية ويضاف الى التاريخ الثقافي والادبي للمحافظة، والأهم منه هو جمال كركوك بالتنوع القومي المتمثل بالكورد والعرب والتركمان والديانات مثل الإسلام والمسيحية، وهذا التنوع لا تجده في اي محافظة فهي بحد ذاتها لوحة لا تتكرر وماركة عنوانها كركوك".
ويشير إلى أن "عمل المجسمات وتصغير أي شيء يحتاج الى دقة متناهية في العمل ومع الدقة تحتاج لتوظيف الهندسة والتصميم والقياسات بدقة متناهية ومن ثم جمع ما تعمله في لوحة جميلة تحاكي جزءاً من تاريخ وحضارة العراق أو جمال طبيعة اقليم كوردستان العراق، أو أهوار الناصرية، ومروراً بأسد بابل وملوية سامراء وحدباء الموصل وجمال طبيعة دهوك وزاخو وطبيعة هاورمان السليمانية (على الحدود العراقية الايرانية)، وغيرها من المواقع الكثير التي عملت عليها لأشهر وسنوات وهي جزء من حياتي اليومية".
ويؤكد حاجي بكر أن "بداية العمل كان في إظهار مجسم صغير لقلعة كركوك التاريخية وحواريها وكذلك محطة قطار كركوك والتي تعتبر واحدة من أقدم محطات القطار في عموم العراق حيث عندما اقوم بتصغير حجم اي شيء متعلق بتاريخ كركوك اقوم باخذ الصور القديمة وابحث عن شهود عيان من أهالي تلك المناطق والتقي بهم واطابق الصورة مع الأحاديث وأقوم بجمعها ومن ثم الشروع بعمل المجسم وعندها أشعر بأني أعيش لحظة وزمن غير الذي أنا فيه فأنا حين احاكي قلعة كركوك اتصور اني كنت اعيش في ذلك الزمن القديم وكذلك في محطة كركوك للقطار وتظهر عندها اللوحة المصغرة على أنها حقيقة وبذات الحقيقة والمكان والزمان فانا انصهر مع اللوحة لتظهر بصورة مختلفة".
الإرث الحضاري
ويقول حاجي بكر أن "من المجسمات التي عملت عليها وكانت لوحاتها مميزة ة، هي تلك التي تمثل جانباً من الإرث الحضاري العراقي وتاريخه الموغل في القدم، مثل ملوية سامراء وأسد بابل وأهوار الجنوب ومنارة الحدباء وجبال اقليم كوردستان وطبيعتها الجميلة وهذه الصور هي محور ما اعمل عليه منذ عام 1991 وهذا يمثل حقبة زمنية من عمري وثقت خلالها المئات من الأعمال ومشاركاتي تجاوز الف مشاركة محلية ودولية".
مواد العمل
وعن المواد المستخدمة في صناعة المجسمات الصغير بين حاجي بكر أن" المواد التي استخدمها هي نشارة الخشب والفلين، والفلين هي مادة تستخرج من لحاء شجر بلوط الفلين، وهي مادّة إسفنجية خفيفة الوزن، وهي لا تمتص الماء بسهولة ويمكن ضغطها إلى حد كبير، غير أنها تعود إلى حالتها الأولى بعد أن يزول الضغط. وقد استعمل الناس الفلين منذ القرن الرابع قبل الميلاد، وقد ارتدى الرومان الصنادل الفلينية، كما استعملوا الفلين لتعويم مراسي السفن وشباك الصيد. وقد صُنِعت سدادات الفلين منذ القرن السابع عشر الميلادي".
ويؤكد أن "المجسمات الصغيرة اقوم بتحضيرها وفق قياسات وأحجام خاصة حسب المجسم وبعد إعداد المجسمات اقوم بترتيبها على قطعة الفلين ولصقها بمادة لاصقة بحيث عند جميع القطع ووضعها واحدة بجانب الاخرى تبدء الصور تتحدث وتعطي جمالية غاية في الدقة والتحضير ومجسم عن آخر يختلف زمن اعداده فانا لي ورشتي الخاصة في المنزل واجلس ساعات طوال وايام لاتمكن من الانتهاء من مجسم صغير متناهي الدقة".
4 شهور عمل
وعن عمل المجسمات للمشاريع السكنية يقول حاجي بكر إن "عمل المجسم الخاص بمشاريع العمارات السكنية وبناء مجمع ومخطط له يحتاج الى وقت كبير وتمكنت خلال 4 شهور من انجاز واحدة من أكثر المجسمات صعوبة ودقة حيث ان هذا التصميم يدخل فيه قياسات هندسية معقدة تقاس بالسنتمتر وتجميعها ووضعها واحدة بجانب الأخرى، هو أمر غاية في الصعوبة وأنت تتعامل مع قطع صغير أن كانت عمارات أو محال أو شوارع وأسواق وشخصيات وغيرها من الحاجات التي تدخل في صناعة هذه المجسمات التي اعتبرها جزء مهم من حياتي".
ويشير حاجي بكر، إلى أن "العمل في مجال المجسمات يحتاج الى دقة متناهية مع خيال فني وذكاء مهندسة واختيار مصمم فكل هذه تنجمع بالذي يقوم بمثل هذه الأعمال تخص مجسمات صغيرة".
422 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع