رمضانيات - من حكايات إبراهيم عرب

التفاصيل

تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 10 آذار/مارس 2024 21:57

رمضانيات - من حكايات إبراهيم عرب

رئيس التحرير:بمناسبة اطلالة شهر رمضان المبارك، رأينا ان نبتعد قليلا عن الخوض في مستنقع السياسة في المنطقة بشكل عام، ودويلات الولي الفقيه، ومحاولة رسم الضحكة البريئة على افواه العراقيين التي نسوها منذ الاحتلال الأمريكي الإيراني للعراق، حيث اصبح الحزن والتشاؤم واليأس السحنة الغالبة على وجوههم المتعبة.

عرفت من أحد الأصدقاء ان إبراهيم عرب كان صاحب مقهى في قضاء الاعظمية، وكان كذابا كما عرف عنه، لكنه يمتع الزبائن بالحكايات الجميلة، وقال الصديق انه قبل ان يتردد على مقهى ( حجي زناد) في شارع النهر، كان أسبوعيا يلتقي مع أصدقاء له في مقهى إبراهيم عرب، فقد سمع عنه الكثير من القصص والطرف الممتعة، وكانت في جعبته العشرات من الحكايات التي كان يلقيها إبراهيم عرب على بعض الزبائن فيستأنسوا بها، ويحكوها لأسرهم واصدقائهم، وكان البعض منها تخدش الحياء، لكن للأسف لم ادونها كلها، ونسيت معظمها، ولم يبق في مخزن الذاكرة الا القليل مما اتذكره، وان تذكرت لاحقا غيرها سأعاود نشرها مستقبلا.
كان عرب يتحدث كأن الأمر حدث فعلا، وتكون ردوده قاسية ولاذعه لتعليقات الزبائن ممن يتحرشوا او يومؤون الى كذبه، ومن الصعب معرفة هل كان كذابا اشرا فعلا، ام انه يكذب لغرض جلب الزبائن لاستمتاعهم باحاديثه، لأنه خارج المقهى يكون جديا ولا يكذب، ولم تعرف حقيقة هذا الأمر، فقد ذهبت الحقيقة أدراج الرياح مع وفاته رحمه الله، ووفاة رجال العصر الجميل. وكان الصديق يقول ان بعض الأكاذيب نسبت لعرب ولا علاقة له بها، ربما نسبت اليه بسبب شهرته، والله اعلم.
من طرفه الجميلة ومما خزنته الذاكرة بتصرف الى حد ما:

من طرف إبراهيم عرب
ـ قال مرة: كنت صبيا واشتغل قيل امتلاك هذه المقهى عامل في قهوة أبو محمد المعظماوي، واقترحت عليه: عمي ليش ما تبيع شربت وعصير بالمقهى، الناس ملوا من الشاي والحامض. قال عمي الاسطة: فكرة طيبة، روح للشورجة هسع اشتري كيس سكر، ومُر على علوة الصدرية اشتري كونية برتقال حتى نسوي عصير برتقال للزبائن هو مفيد اكثر من الشاي وسيحبوه.
فعلا ذهبت واشتريت السكر والبرتقال وضعت كل كونية على كتف، ومريت بالكرخ لمطعم باجة، اكلت ورجعت للرصافة، في منتصف الجسر، تقربت مني سيارة مال واحد عرف، ودك الهورن عالي، فارتبكت ووقع الكيسان في نهر دجلة، وبقوا اهل بغداد أسبوع يشربون عصير برتقال على حسابي.

ـ كنا في ملعب الكشافة يلعب فريق قدم العراق مع الفريق الألماني، وكان نوري السعيد حاضر الملعب، في الشوط الأول خسرنا 2 مقابل صفر، وفي الشوط الثاني صاروا الالمان 4 مقابل صفر، فأشر لي نوري السعيد وقال: ابختك عرب هذوله الالمان خسروا الحرب العالمية وينتصرون على العراق، تقبلها بشرفك؟
قلت لعمي نوري باشا: اتخسه باشا، لبست الشورت والدريس بسرعة ونزلت بالملعب، جبت 4 اهداف وتعادلنا، وقبل ما تنتهي المباراة بدقائق جبت الهدف الخامس، فرح نوري السعيد وغمز لي ان انهي المباراة، فجوتت الطوبة عالي، ولم تنزل، بعد يومين سمعنا بالإخبار ان كرة قدم عراقية تهبط في الهند.
ـ استضاف فريق القدم العراقي الفريق البرازيلي على ملعب البرازيل الشهير، وحضر المباراة عمي الباشا نوري سعيد وكالعادة صحبني معه الى البرازيل، في الشوط الأول حقق البرازيل 4 اهداف مقابل لا شيء لفريقنا مان يلعب معهم بيليه، في الشوط الثاني قال لي نوري السعيد، شوف الجمهور البرازيلي شلون يشجع فريقهم فيحفزهم على الفوز، اليوم يومك يا عرب ابويه عليهم. نزلت للملعب وخلال ربع ساعة صرنا تعادل، ابتسم نوري السعيد واشر لي بأصبع واحد: يعني بعد هدف واحد حتى نفوز، كتله تدلل باشا، ضربت الكرة بقوة من منطقة هدفنا، فذهبت فورا الى هدف البرازيل، وشقت الشبكة، وارتدت على الحكم فضربته واغمى عليه، وطارت على الجماهير تكفخ بيهم.

ـ كنت مع الباشا في زيارة لمصر، وخلال الطيران حصل ثقب في الطائرة وزادت رقعة الثقب، جاء الطيار الى الباشا، وقال: سيدي الطائرة راح تتحطم.
قال الباشا للطيار: ولك ويانه إبراهيم عرب وتتحطم الطيارة، صدك انت دماغ سز! نظر الي الباشا، فأخرجت من حقيبتي ابرة كبيرة مال لحاف وخيط نايلون وخيطت الركعة من الداخل، ونزلنا بالمطار بسلام، ونوطتني الحكومة المصرية بوسام عن عملي رغم انه عمل سهل وبسيط ولا يحتاج الى هذا التكريم.

ـ كنا نصطاد في الغابة انا وبعض الصيادين المحترفين، فرأينا امامنا اسد هصور بكد الجمل، خافوا الجماعة فقلت لهم اهدأوا رجاء الشغلة يمي مو يم غيري، نظر الى الأسد وكانت عيني حمرة كالجمر، وبدء الأسد يحفر ببراثنه على الحشيش ليهجم علينا، وبدأ البخار الأحمر يخرج من عيني وهي تغلي كالبركان، فارتعب الأسد خوفا، وبدأ يلعب بالحشيش ويتدحرج عليه كأنه يلعب.

ـ كنا نصطاد في غابة الموصل فخرج علينا اسد، وقبل ان أهيئ البندقية هجم الحقير علي، وصار رجله واحدة على الكتف الأيمن والأخرى على الكتف الايسر.
مرٌ احد الزبائن وسلم على إبراهيم وزبائن المقهى وجلس معهم.
قال إبراهيم عرب: يا جماعة تيهت، وين وصلنا بالقصة؟ قالوا له: رجل على الكتف الأيمن ورجل على الكتف الايسر.
قال: يا جماعة فد ونسه تونسنه ويا الخاتون للصبح.

ـ فد يوم جاء الصانع عبودي وقال: عمي ابنية بالشارع تريد تحجي وياك.
ترخصت من الجماعة ورحت خارج المقهى، ها بنتي شنو القصة؟، كالت: عمي إبراهيم ذوله خمسة شباب يضايقوني ، يتبعوني وراية وراية من السوك لهنا.
كلتلها: آنه اخيج، هذوله وربج بنفخة واحدة اطيرهم. شفت الشباب الخمسة، كلتلهم: اشعدكم ولكم ويه بنت طرفنا؟
جاوبني واحد مفتول العضلات: انت شعليك، روح ارجع للكهوة لا العب بيك شاطي باطي. الملعون غثني هواية، جمعت نفسي ونفخت نفخة عليهم، صدكوني الكراسي مال الكهوة طارت من مكانها، من الرصافة الى الكرخ، والشباب الخمسة طاروا بالهوى وما عرفنا خبرهم، لكن بعد يوم سمعنا بالراديو ان البوليس المغربي عثر على عراقيين خمسة مغمى عليهم على ساحل البحر.

ـ تعرفون اني سباح درجة أولى، كالوا اكو مسابقة غط بنهر دجلة للعراقيين فقط، كلت ويه نفسي خلي أشارك رغم اني احب ان يكون الغط بالبحر حتى المساحة تكون أوسع. المهم حضر سباحون وغطاسون من كل الوية العراق، وبيهم اعظم سباح بالموصل والبصرة. المهم بدأ الغط وكنت ضمن الوجبة النهائية، كال لي عمي الباشا نوري السعيد: كافي شقة إبراهيم راويهم شغلك هاي المرحلة الأخيرة. كتله: تؤمر باشا، ونزلنا من الجرف من ضفة دجلة عشر ابطال للغط، وغطينا بالمي بعد سماع صفارة الحكم، وكان بلام يقيس المسافات معنا ليعرف الفائز، المهم هي غطه، واني بالماي اسمع عياط النسوان: مات إبراهيم بالغطة. كلت هاي شبيهن النسوان، واذا اطخ بالجرف الثاني واشوف نفسي بجرف الكرخ، كان الجميع يبكي ويولول ما عدا الباشا كان يضحك لأنه يعرف مهارتي بالسبح والغط.

ـ الله لا يجذبني، فد يوم جفت الأرض بسبب قلة الامطار، وحار المزارعون والناس، فحضر الباشا نوري السعيد وسألني الحل، فقلت له هسة ما اكدر اترك الكهوة لأن الزبائن هواية، لكن الساعة الواحدة ظهرا احل المسألة: لا تدير بال باشا، الشغلة بسيطة واعتبرها منتهية. الظهر تغديت ورحت للنهرـ واخذت ماء كثير خزنته في بطني وبديت انثره في الهواء، وينزل مطر على اهل بغداد، وبقيت حوالي 3 ساعات اعمل الى ان غرقت الشوارع وفرح الناس، وبالليل جاء في الاخبار للأنواء الجوية" نسترعي انتباه المواطنين بأن المطر الذي شهدته بغداد ليس مطر السماء، بل هو مطر إبراهيم عرب".

الفنان المرحوم مكي عواد و شخصية ابراهيم عرب:

https://www.youtube.com/watch?v=IXsUaetf_rQ