إيران تواجه تراجع نفوذها الاقتصادي في كردستان العراق لحساب تركيا

 سوق استهلاكية مغرية لإيران وتركيا

العرب/أربيل (العراق) - تواجه إيران محذور تراجع مكانتها الاقتصادية في إقليم كردستان العراق، والذي بدأ يتحوّل إلى واقع ملموس تثبته الأرقام التي تبيّن في المقابل تقدّما ثابتا للمكانة الاقتصادية لتركيا في الإقليم وعموم العراق.

ويبدو التراجع ناتجا عن السياسة الإيرانية تجاه الإقليم والقائمة على تسليط ضغوط سياسية وأمنية شديدة عليه، إنْ وكالةً عن طريق حلفائها الحاكمين في العراق من قادة أحزاب وميليشيات شيعية، أو بشكل مباشر من خلال قصفها للإقليم بالصواريخ العابرة وإحداث خسائر مادية وبشرية على غرار ما قام به الحرس الثوري الإيراني مؤخّرا من قصف لمقرّ سكني في أربيل ما أدى إلى مقتل مدنيين من بينهم رجلا أعمال كبيران.

وتضعف تلك السياسة الإيرانية منسوب ثقة أكراد العراق بإيران، في وقت تدخل فيه تركيا كمنافس قوي على النفوذ الاقتصادي والمالي في إقليمهم عارضة عليهم مروحة واسعة من خيارات الشراكة والمنافع المتبادلة، ومتخطّية معاداة نظامها التاريخية لأكراد المنطقة والقائمة على اعتبارات قومية وعرقية.

وقال ممثل إقليم كردستان العراق في إيران ناظم دباغ إن عدد الشركات الإيرانية في السليمانية وصل إلى أقل من 150 شركة خلال عام 2023 بعد أن كان 450 شركة في عام 2002، مضيفا أن عدد الشركات التركية في المقابل وصل إلى 2000 بعد أن كان لا يتجاوز 100 شركة في السليمانية وأربيل.

وفي الوقت الذي تراجعت فيه علاقات إيران بقيادات كردستان العراق، وخصوصا قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني القائدة الرئيسية لحكومة الإقليم جرّاء سياسة الضغط المستمر التي تنتهجها طهران ضدّه، نجحت تركيا في إقامة علاقة وطيدة بعدد من تلك القيادات قائمة في شقّ منها على تبادل المنافع الاقتصادية والمالية، ما مهّد الأرضية لعدد متزايد من شركاتها للعمل هناك وفتح الطريق لتدفّق سلعها إليه ومرورها عبره إلى مختلف مناطق العراق.

ويشنّ المسؤولون الأتراك، بمن فيهم سفير تركيا لدى العراق علي رضا غوناي، حملة علاقات عامّة بلا هوادة تقوم على محاولة إقناع المسؤولين العراقيين بفتح باب الشراكة مع تركيا في عدّة مجالات. ولا ينطلق هؤلاء من فراغ بل يستندون إلى قدرات حقيقية لبلادهم في عدّة مجالات إنشائية وصناعية وغيرها. ومؤخّرا أصبح مشروع طريق التنمية، الذي يتوقّع أن يربط بين مياه الخليج العربي ومياه البحر المتوسّط عبر الأراضي العراقية والتركية، أبرز عنوان للشراكة الاقتصادية المتنامية بين تركيا والعراق.

وفي المقابل جرّب العراقيون على مدى السنوات الماضية عدم جدوى الشراكة مع إيران التي أظهرت قدرا كبيرا من الانتهازية تجاه العراق بمحاولتها تحصيل أكبر قدر ممكن من الاستفادة من دورته الاقتصادية والمالية دون تقديم مقابل يذكر.

وبفعل العقوبات الأميركية المفروضة على إيران كثيرا ما تحوّلت الأخيرة إلى عبء على العراق يهدّد علاقته الحيوية بالولايات المتّحدة، وخصوصا في شقّها المالي حيث تحصل بغداد على عملة الدولار من واشنطن، بينما يُسرّب قسم هام مما تحصل عليه إلى إيران باستخدام عدة طرق. وعلى هذه الخلفية تسير إيران نحو التخلي عن مكانتها الاقتصادية في العراق لمصلحة تركيا، ما يحتّم عليها تغيير نهجها السياسي خصوصا في تعاملها مع إقليم كردستان.

وأفادت وكالة إيلنا العمالية بأن محمود نجفي عرب رئيس غرفة تجارة طهران وممثل إقليم كردستان ناظم دباغ شددا على “ضرورة التهدئة في العلاقات السياسية بين إيران وإقليم كردستان”، معتبرين “تطوير التعاون الاقتصادي وزيادة الاستثمارات المشتركة سببا لاستقرار العلاقات في المستقبل القريب”.

وأعلن الجانب الإيراني خلال اللقاء استعداد الغرفة لاستقبال وفود من التجار الأكراد العراقيين وإرسال وفد تجاري من الناشطين الاقتصاديين الإيرانيين إلى الإقليم. وقال عرب إن “مقترح إرسال وفد تجاري من غرفة طهران إلى أربيل أو السليمانية تم تقديمه إلى وزارة الخارجية الإيرانية لإثبات حسن النوايا”.

وذكّر المسؤول الإيراني بأن التبادلات التجارية بين إيران والعراق تتم بشكل رئيسي عبر إقليم كردستان. وانعقد اللقاء بين المسؤول الإيراني وممثل كردستان العراق ضمن جهود إيرانية سريعة لمنع مضي أكراد العراق في تنفيذ تهديدهم بمقاطعة السلع الإيرانية وقطع العلاقات التجارية مع طهران. وكانت غرفة تجارة وصناعة أربيل قد دعت جميع التجار والمواطنين في إقليم كردستان إلى مقاطعة استيراد واستخدام المنتجات الإيرانية، وتعليق جميع علاقاتهم الاقتصادية وتجارتهم مع إيران.

جاء ذلك ردّا على القصف الإيراني لأربيل الذي وصفته الغرفة في بيان بـ”الظالم وغير المشروع”. وأشارت إلى استهدافه “دون أي سبب مواطنين مدنيين أبرياء في محل سكنهم”، مذكّرة بأنّه أودى بحياة بشراو دزايي الذي كان من أصحاب رؤوس الأموال البارزين في أربيل وعضوا فاعلا في الغرفة، وكذلك بحياة كرم ميخائيل وهو رجل أعمال عراقي نشط وبارز أيضا.

وردّت غرفة تجارة طهران ببيان أعربت فيه عن “الأسف العميق” إزاء دعوة المقاطعة لمنتجاتها في إقليم كردستان، واصفة دعوات المقاطعة بأنها تسيء إلى التعاون بين الجانبين في المستقبل. وأشار دباغ إلى الأحداث الأخيرة ومقاطعة البضائع الإيرانية في أسواق أربيل قائلا إنّه على الرغم من صدور تلك الدعوة إلا أن تبادل البضائع مستمر بين إيران وإقليم كردستان.

ولفت إلى أن سوق جنوب العراق وسائر المناطق في البلاد يتم إمدادها بالمنتجات والسلع المستوردة من إيران عبر إقليم كردستان، موضّحا أنّه "عندما يحصل نقص في المنتجات والسلع الاستهلاكية في إقليم كردستان فإن التجار الأتراك يكثفون نشاطهم في هذه السوق، وهذا ليس في مصلحة الشركات والتجار الإيرانيين".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1283 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع