ترف وسيارات وهواتف تُبعِد شباب العراق عن الدراسة

   

         شاب عراقي يستعرض على دراجته النارية في وسط بغداد

يتجاهل الشباب العراقي القضايا الثقافية والفكرية بشكل عام، فيعتني معظمهم بهندامهم وشعرهم وبشرتهم وبوسائل ترفهم، أكثر من اهتمامهم بدراستهم.

إيلاف/ وسيم باسم/بغداد: يحتل الولع بالدراجة النارية المرتبة الاولى في سلم الاهتمام بعد الهاتف النقال بين اهتمامات شباب العراق، لاسيما المراهقين منهم، في حين ينحدر الاهتمام بالدراسة والمطالعة والثقافة إلى أدنى مستوياته، وفي ذات الوقت تسود مظاهر التدين الظاهري من دون تكلف عناء دراسة الدين واتباع اصوله الصحيحة.

    

صدق أو لاتتصدق هؤلاء شباب مدينة الثورة، مدينة صدام ، مدينة الصدر حاليا!!!

وفي كل مدن العراق بلا استثناء، يشكّل مجاميع الشباب في الساحات الرئيسية للمدن والأسواق والاحتفالات النسبة الاكبر من الجمهور، ويعبرون عن انفسهم عبر فعاليات وتظاهرات يبرزون فيها انفسهم لجلب انتباه الاخرين اليهم، في حين تنحسر الفعاليات الثقافية والعلمية في النسبة الاكبر منهم، وتتميز الكثير من تصرفاتهم بالاستهتار وعدم استغلال وقت الفراغ بصورة مفيدة.

المستوى المعيشي

وادى تحسن المستوى المعاشي للأسر إلى امتلاك الشباب احدث الهواتف النقالة والسيارات والدراجات الهوائية. ويروي كامل حسين، مدير مدرسة، أن بين ثلاثين طالبًا في احدى فصول الاعدادية يمتلك عشرون سيارات حديثة ودراجات نارية، في حين يمتلك جميع الطلاب الهواتف الحديثة.

وبحسب حسين، فإن الاهتمامات الجانبية للطلاب والشباب أدى إلى تدني التحصيل الدراسي وخلق صعوبات التعلم وشجع الطلاب على التسرب من المدارس وخلق حالة فصام بين الشاب والعلم. وبحسب التقرير التحليلي العام الماضي حول واقع الشباب العراقيين، اعدته جامعتا بغداد والرافدين بالتعاون مع وزارة التخطيط العراقية وبدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن مؤشرات تنمية الشباب في العراق تدعو للقلق حيث تصل نسبة الملتحقين بالتعليم الثانوي إلى 21 بالمئة فقط، ومعدلات الأمية والبطالة بينهم مرتفعة حيث تجاوزت نسبة البطالة بين الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا نحو 57 بالمئة.

تأثيرات سلبية

لكن ذلك يتعدى التأثيرات السلبية على الشاب نفسه إلى الاضرار التي يلحقها في المجتمع. ففي مدينة كربلاء، تنتشر الدراجات النارية التي يقودها الشباب مثيرين ظاهرة اجتماعية ومرورية سلبية تسببت في فوضى مرورية، وأدت إلى مقتل وإصابة الكثير من الشباب، حيث يقول ضابط المرور علاء جاسم إن عشرات الحوادث تسجلها الجهات المعنية كل عام. وفي بغداد، يشترك الشاب طعمة محمد مع نحو عشرة من أترابه في سباقات سرعة مفتخرًا بأن مجموعته تضاهي أسرع السيارات في بغداد.

ويعترف بأن الاوقات التي يقضيها وزملائه في سباقات السرعة والتردد على مقاهي النارجيلة هي اطول بكثير من الوقت المخصص للدراسة وتنمية المواهب. ويقزل محمد إن ظاهرة تجمعات النارجيلة بدأت تستشري في المجتمع كالنار في الهشيم. وفي بغداد على وجه التحديد، صار منظر الفتيات وهن يقصدن مقاهي الشيشة امرًا مألوفًا.

أما الهاتف النقال فأصبح بالنسبة لشباب العراق يتجاوز وظيفته في الاتصال إلى وسيلة لمتابعة النت وتنزيل العاب وأفلام الفيديو ليصبح هذا الجهاز الغاية المنشودة لكل فتى عراقي، ونوعا من المباهاة في المجتمع. ويعترف محمد بأن الاهتمام بالثقافة والفنون والعلوم والدراسة بلغ ذروة اللامبالاة.

تدني المستوى الدراسي

عمار جبار في المرحلة الخامسة من المرحلة الاعدادية، يؤكد حصوله على معدل دراسي منخفض بسبب تشتت جهده بين الهوايات المتعددة التي يمتلكها، اضافة إلى شغفه الكبير بقيادة سيارة الاسرة في كل يوم تقريبًا. اما الشاب مقداد وائل، فيرجع اسباب انخفاض المستوى الدراسي والثقافي ونقص المعلومات الخطير الذي يعانونه إلى مواقع التواصل الاجتماعي ايضًا.

فمنذ سنوات، شرع الشباب في مختلف مدن العراق بقضاء ساعات طويلة على النت متناسين الواجبات المدرسية. ويجتمع مقداد، الذي حصل على معدل 60 في نهاية المرحلة الاخيرة من الاعدادية، بشكل شبه يومي مع عدد من رفاقه حيث يسهرون في تصفح مواقع النت. ويصرح الشاب علي (18 سنة) بأنه رسب للسنة الثانية على التوالي في المرحلة النهائية للإعدادي، معترفًا بأنه كان يقضي جل وقته في سباقات الدراجات الممتعة.

الاهتمام بالمظهر اولا

تقول الباحثة الاجتماعية هناء المتوكل إنها رصدت تجاهل الشباب للقضايا الثقافية والفكرية وللدراسة بشكل عام، مشيرة إلى أن الشباب يعتني بشعره وبشرته وتحديد ذقنه ليتحول الاهتمام بالمظهر اول أولوياته.

وتذكّر هناء بأن قلة الاهتمام بالجوانب الدراسية والثقافية أدى إلى انحسار مشاريع المكتبات الاهلية في المدن لتتحول في أغلبها إلى متاجر بيع قرطاسية، كما انعدم الاهتمام بارتياد المكتبات العامة التي تحولت هي الاخرى إلى قاعات شبه خالية من المهتمين بالقراءة والمطالعة.

وتنبّه المتوكل إلى ان التدين الذي يسود اوساط كبيرة من الشباب تدين مصحوب بالجهل، "فاغلب الشباب يتعلقون بالقشور ولا يدركون الجوهر بسبب انحسار حب القراءة والمطالعة، وهذا يفسر موجات العنف والتدين الظاهري الذي يجتاح العراق وقدرة الاجندة الطائفية والمذهبية على النفاذ بين الشباب لسطحية ثقافتهم، وعدم قدرة المؤسسات المعنية على جذبهم نحو ما يعزز حصانتهم الفكرية ويحسن مستوياتهم الدراسية والثقافية".

من جانبه، يؤكد المشرف والخبير التربوي ابراهيم الشطري أن مشاكل الشباب الاجتماعية لها علاقة بمخلفات نفسية للحصار والحروب التي شهدها العراق، داعيًا إلى ضرورة تفعيل الأسرة في التوعية والتوجيه إلى جانب المؤسسات التربوية.


  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1059 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع