الحشد الشعبي يستبق الانتخابات وقانون التجنيد الإلزامي ويعيد المفصولين

              

العرب/بغداد – أعلن رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق إعادة 30 ألف عنصر فسخت عقودهم في السنوات الأخيرة إلى العمل، في خطوة قال مراقبون عراقيون إنها تأتي في توقيت مدروس، فهي تستبق الانتخابات المقررة في العاشر من الشهر القادم، كما تستبق قرار حكومة الكاظمي بالعودة إلى العمل بنظام الخدمة العسكرية الإلزامية بالنسبة إلى الجيش، ما عد وقتها رسالة هادفة إلى الحد من نفوذ ميليشيا الحشد.

وقال فالح الفياض رئيس الهيئة في مؤتمر صحافي “ا (الاثنين) تمكنا من أن نصل إلى هذه النقطة والموافقة على استيعاب 30 ألفا من المفسوخة عقودهم”. وأوضح أن تمويل ذلك سيكون “من موارد الهيئة الخاصة وليس بفلس واحد من خارج ميزانية الهيئة”.

ويعتقد المراقبون أن قرار إعادة المفصولين هو رسالة مباشرة إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي يسعى لتمكين الحكومة من الإمساك بالملف الأمني، وهو أمر لا يقبل به الحشد الشعبي ويرى فيه استهدافا له كقوة جامعة للميليشيات التي نجحت في اختراق المؤسستين الأمنية والعسكرية وتفوقت عليهما في السيطرة على الوضع والظهور بمظهر الجهة الأكثر فاعلية وتنظيما وولاء لإيران.


ومن الواضح أن الحشد لم يستسغ تصريحات الكاظمي بشأن تأمين الانتخابات وجلب مراقبة دولية، وهو ما قد يقود إلى نتائج لا تخدم مصلحة الأحزاب الدينية التي تتبعها الميليشيات، ولذلك تم الاستنجاد بثلاثين ألف عنصر من الذين تم التخلي عنهم بسبب جرائم مختلفة، وعودتهم تعني أن الميليشيات مستعدة لأقصى درجات العنف من أجل تأمين مصالحها ومن ورائها مصالح إيران في وجود برلمان حليف لها.

وكان رئيس الوزراء العراقي قد قال السبت “أنجزنا بحمد الله وإصرار كل متطلبات العملية الانتخابية، ولاسيما مسألة تأمينها، والحفاظ على نزاهتها بمراقبة أممية دولية، كما وفّرنا كل احتياجات مفوضية الانتخابات وعلى أعلى المستويات من تمويل وتأمين ودعم، لضمان إجراء الاقتراع بما يحقق تطلعات الشعب”.

وتتوجس الأحزاب الشيعية من نتائج الانتخابات خاصة أن الآلاف من المتظاهرين قد احتجوا عليها بشدّة في معاقلها الرئيسية وسط العراق وجنوبه، لذلك سيكون من الضروري أن تتجهز لتزوير الانتخابات ولو باعتماد القوة واللجوء إلى عمليات منفلتة ينفذها العناصر الذين ستتم إعادتهم.

وشهدت انتخابات 2018 النسبة الأكبر من المقاطعة الشعبية وبلغ عدد المشاركين في تلك العملية أقل من 20 في المئة من عدد سكان العراق، وذلك مؤشر على أن الشارع العراقي غاضب على الأحزاب الحاكمة، وأنه قد يلجأ إلى التصويت العقابي ضدها لفائدة قوائم محسوبة على أنصار انتفاضة تشرين.

والانتخابات المبكرة هي أبرز الوعود التي تقدم بها الكاظمي الذي تسلم السلطة في أعقاب انتفاضة شعبية اندلعت في أكتوبر 2019 ضد الهيمنة الحزبية والفساد المستشري داخل أروقة أحزاب السلطة.

ولا يستبعد المراقبون أن تكون خطوة إعادة الآلاف من المفصولين من عناصر الحشد ممن تعلقت بهم جرائم هادفة إلى قطع الطريق أمام قرار الكاظمي إعادة العمل بقانون للتجنيد الإلزامي بعد 18 عاما من إلغائه، وهو قرار يحمل في طياته مسعى لتغليب البعد الوطني داخل المؤسسة العسكرية بعد أن اخترقتها الميليشيات وأغرقتها بعناصرها.

وترى الميليشيات في هذا القرار تهديدا لنفوذها خاصة أن الشباب، بمن في ذلك المنتسبون إلى الطائفة الشيعية، باتوا يكرهون الميليشيات والأحزاب الحليفة لها ويحملونها مسؤولية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والصحية في البلاد، وهم إن نجحوا في الحصول على ثقل داخل الجيش فستكون إحدى أولوياتهم مواجهة الاختراقات والحد منها.

كما أن الشباب العراقيين باتوا أكثر وعيا بالدور التخريبي لإيران في العراق، ونجاحهم في أن يدخلوا المؤسسة العسكرية بقوة سيعني تهديد نفوذ الجارة الشرقية واستحضار الماضي في مواجهتها.

لأجل ذلك تريد الميليشيات التي تعيد ثلاثين ألف عنصر من المفصولين أن تضع الكاظمي أمام الأمر الواقع، ما قد يجعله يتراجع عن إعادة الخدمة الإلزامية بسبب تكاليفها. كما أن عودة هذا الرقم الكبير من منفذي الجرائم إلى الحشد، الذي هو في الأصل يدخل تحت رقابة رئيس الوزراء، يمكن أن تكون رسالة تهديد مباشرة لخياراته التي تتعارض مع مصالح الميليشيات وقد تدفعها إلى خلق مناخ من التوتّر والعنف يجبره على مراجعة خطواته.

وترتبط فصائل الحشد بأحزاب موالية لإيران تخوض الانتخابات للمرة الثانية بعد انخراط قياداتها في العمل السياسي. وكان عدد عناصر الحشد قبل إعادة العناصر المفسوخة عقودهم، أكثر من 160 ألفا.

بدوره قال أحمد الأسدي الناطق باسم تحالف الفتح، الجناح السياسي للفصائل المنضوية تحت الحشد الشعبي، “اليوم (الاثنين) وافقت وزارة المالية على مناقلة الأموال المخصصة لإعادة 30 ألفا من أبناء الحشد الشعبي من المفسوخة عقودهم”.

وفسخت عقود غالبية هؤلاء العناصر بين 2015 و2018 لأسباب مختلفة من بينها الغياب وعدم الالتزام بالدوام. وتشكل الحشد الشعبي عام 2014 إثر فتوى أطلقها المرجع الشيعي علي السيستاني بعد اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية لثلث أراضي العراق وانهيار قطاعات الجيش.

وفي نهاية عام 2016 أقر البرلمان قانونا ينظم عمل قوات الحشد وأصبح قوة عسكرية رسمية تخضع لقيادة القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1236 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع